بين الفرص والعقبات

يحظى الاقتصاد السوري اليوم بفرصة كبيرة لتحقيق آمالنا جميعاً، رغم حالة التحطيم الممنهج التي عاناها خلال حقبة النظام البائد، والتي كانت عناوينها: الفساد و”التشليح والتشبيح” وتطفيش المستثمرين المحليين والأجانب والاحتكار من “محظيي” النظام لكل مفاصل النشاطات الاقتصادية.

فترة شهر لا يمكن أن تكون كافية للحكم على النتائج الاقتصادية للتحول الإيجابي في بلدنا، فالأولوية الآن للاستقرار الأمني والسياسي، والذي يشهد حراكاً نشطاً من قبل الإدارة الجديدة، إلا أن ذلك يتطلب منا جميعاً أن نتكاتف لاقتناص الفرص المتاحة.

الفرص تكمن في رغبة الجميع بالعمل من مغتربين ومهجرين قبل الموجودين في الداخل، لتعويض سنوات الحرمان وسرقة لقمة العيش من فم المواطنين عبر القوانين والتشريعات ومن خلال الضغوط الأمنية القذرة التي كانت تمارس على الجميع.

كما أن الانفتاح العربي والإقليمي والتوافق الدولي على ضرورة استقرار سوريا وانتشال الشعب السوري من براثن الفقر المدقع والجوع، يعتبر فرصة لاستثمار مقدرات بلدنا بالشكل الأمثل.

يضاف إلى ذلك طاقات الشباب الكامنة والتي آثر النظام البائد كتمها وتبديدها من خلال زرع الخوف والفتن وأسر الشباب في الخدمة الإلزامية، فالسوريون أدهشوا العالم في جميع الدول التي هربوا إليها بمهاراتهم وحرفيتهم وأخلاقهم التي ورثوها وتربوا عليها منذ فجر التاريخ.

ولا ننسى ضمن الفرص الثروات الموجودة في اقتصادنا والتي عندما نحسن استثمارها ستنهض بالمستوى المعيشي وتحل جميع المشكلات التي نعاني منها.

لكن في مقابل بعض الفرص التي ذكرناها هناك عقبات لا بد من الإسراع في حلها بالتعاون بين الجميع وأولها إجراء مراجعة شاملة للقوانين والأنظمة التي كانت جاثمة على اقتصادنا، وتطوير أساليب العمل وصولاً إلى نسيان ما كان سائداً في السابق في ذهن الكثير من المواطنين من فساد ومحسوبيات وبيروقراطية وتواكل في تحصيل لقمة العيش… وهذا يتطلب عقد ورشات عمل تجمع بين الخبراء المحليين والدوليين والفعاليات الاقتصادية والاجتماعية للوصول إلى المعادلات الأمثل في إعادة تشغيل اقتصادنا.

كما يتوجب في المرحلة الجديدة اعتماد مبادئ الشفافية والحوكمة والابتعاد عن تزيين الأرقام لتخدير الناس وتجنب التراخي في محاسبة المقصرين والفاسدين، وتفعيل الأرقام الإحصائية ووضعها في أيدي الخبراء والأكاديميين ليحللوا ويقدموا وصفاتهم ويعرضوها بكل حرية عبر وسائل الإعلام التي يجب أن تتحرر من أساليب التكبيل المتوارثة.

والأمر الأهم داخلياً هو تحسين مستوى الأجور لإتمام متطلبات النجاح الاقتصادي فالرواتب اليوم في القطاعين العام والخاص لا يمكنها أن توجد بيئة اقتصادية مناسبة للعمل والإنتاج.

أما على الصعيد الخارجي فلا بد من العمل على رفع العقوبات الاقتصادية الخانقة بعد زوال مسببيها، وأولى بشائر ذلك قرار الإدارة الأمريكية الأخير بتخفيف بعض القيود بعد النشاط الدبلوماسي المكثف الذي قامت به الدولة السورية.

ولا ننسى على الصعيد الخارجي أيضاً ضرورة طمس الدمغة التي زرعها النظام البائد بأن سورية بلد منتج ومصدر للمخدرات والحبوب المخدرة، وهذا يتحقق اليوم من خلال ملاحقة شبكات التجارة التي كانت تتم رعايتها من قبل الأجهزة الأمنية والعسكرية السابقة..

كلنا أمل بولادة سورية الجديدة التي تحقق الأمن والعدالة لمواطنيها وتحقق لهم كرامتهم المعيشية والاقتصادية والقانونية.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار