عصا موسى

الحرية- حسن عبد القادر  :

عند إعلان البدء عن معركة ردع العدوان كان الشارع على امتداد الرقعة السورية يعيش حالة من الغليان إن كان داخلياً وأعني هنا داخل الأنفس من الضيق المعيشي الذي يعاني منه من كان يسكن في المناطق التي يسيطر عليها نظام الأسد البائد أو خارجياً وأعني أيضاً من حيث الأسعار، حيث إن معظم الشعب السوري يعيش تحت خط الفقر باستثناء أولئك الذين تربطهم علاقات مع السلطة ويتاجرون بدماء وقوت الشعب الذي يحكمه السلاح والنار.
النظام السوري البائد كان ما يجعله واقفاً على قدميه روسيا وإيران ولربما هو ما أطال عمره كل هذه الفترة، فالجيش السوري التابع للنظام لم يكن حتى يشبع رغيف الخبز وهذا الكلام رأيناه جميعنا بعد دخول مقاتلي غرفة العمليات إلى المقرات والقطع العسكرية حيث إن البيض والبطاطا هي طعامهم ولا شيء سواه.
عندما لم يعد لدى إيران والميليشا التابعة لها القدرة على الصمود شاهدنا جميعنا كيف أن الجيش بدأ ينسحب تباعاً من أماكن تمركزه حفاظاً على حياته ومما زاد في وتيرة سقوط النظام العفو الصادر من غرفة العمليات عن كل الجنود والضباط في جيش النظام سابقاً والجميع أيضاً شاهد كيف تعامل المقاتلون مع فلول الجيش.
من ناحية أخرى كانت كل دول العالم تراقب بحذر ما يجري على الصعيد العسكري وما زالت إلى الآن تراقب التصريحات التي تصدر عن قائد غرفة العمليات أحمد الشرع أو ممن يمثلون غرفة العمليات والتي ستلعب دوراً كبيراً في المرحلة المقبلة لإزالة العقوبات وإزاحة تصنيف هيئة تحرير الشام من على قوائم الإرهاب ولربما هذا ليس ببعيد.
المشكلة الآن في الشارع السوري بعد انتصار الثورة السورية تكمن في عصا نبي الله موسى والتي يظنها الكثير أنها الآن بيد الحكومة الجديدة ونرى الشارع يسأل: أين الكهرباء وأين الماء وأين الخدمات؟
التجربة في إدلب على مستوى الخدمات لنكون منصفين كانت تجربةً متقدمة إذا ما قارناها بحجم إدلب ومواردها التي يمكن القول عنها أنها معدومة حيث ليس لهناك أي حقل غاز أو بئر نفط ومع هذا كان التقدم من ناحية الخدمات لنقل إنه متفوق على خدمات مناطق سيطرة النظام السابق بسنوات عديدة، والشارع السوري اليوم يريد خدمات كتلك التي تقدم اليوم في إدلب وهذا مستحيل حدوثه في يوم وليلة لأننا كنا نعيش في بقعة جغرافية صغيرة واليوم اتسعت البقعة الجغرافية لتشمل معظم أجزاء سورية وتأمين الخدمات لكل هذه المناطق من كهرباء وماء وإنترنت بالجودة التي تعادل منطقة إدلب غير ممكن والسبب ذكرته هو اتساع البقعة فعلينا جميعاً التحلي بالصبر قليلاً، ولنتذكر كلنا أن النظام السوري كان يعطي راتباً لموظفيه لا يتجاوز عشرين دولاراً أمريكياً وهو غير كاف ٍ ليصل الموظفون إلى وظائفهم حتى فالكل كان يعمل خارج أوقات دوامه على أمل الحصول على قوت يومه وثمن الخبز لأطفاله الذين حرموا من أبسط حقوقهم وهو العيش بسلام أو تناول تفاحة واحدة أو حبة موز وهذا ما رأيناه وشاهدناه بأعيننا.
مهمتنا اليوم جميعاً أصعب مما يتخيل البعض فالموضوع موضوع دولة وليس موضوع أشخاص فالبناء لا يكون على كتف شخص بعينه مستغنياً عن غيره مقصيه جانباً أو غير معترف به لأن الجميع يعلم التنوع الثقافي والفكري في الداخل السوري والكل متفق على عدم الإقصاء لأي مكون من مكونات الشعب السوري فالكل شركاء في البلد والكل يقع على عاتقه بناء هذا البلد ، ومن قال لست مهتماً بما جرى أو سيجري فهو حتماً لا يتمنى لهذا البلد العظيم سورية العظيمة.
فالصبر الصبر والتريث التريث لأن من استلم البلاد أناس يعشقون هذه الأرض ويحبونها ولكن عصا موسى ليست بين أيديهم أو في جعبهم العسكرية أو حقائبهم المدنية حتى يخرجوها ويضربوا الكهرباء والماء والمنازل المدمرة فيعيدوا سيرتها الأولى.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار