الناشطون البيئيون ينتظرون تفعيل دور الجمعيات البيئية بعد التحرير
الحرية_ سناء يعقوب:
منذ عشرات الأعوام ناشدنا الضمائر, وأطلقنا صرخات مدوية أن يرحموا ما تبقى من بيئتنا وطبيعتنا, التي باتت تستغيث ألماً من حرق وقطع ودمار لمصالح من كان بيده القرار والحكم, فالغابات حرقوها واستولوا على أراضيها, والمحميات سرقوها, والمشاريع البيئية أوقفوها وتاجروا بها لمصالحهم الشخصية, أما الجمعيات البيئية فجردوها من كل إمكاناتها وصارت على الورق فقط!!
بيئتنا تنزف وكل ما كان مسموحاً به من النظام البائد بضعة ندوات وشعارات، بينما الحقيقة أن ما يحدث وراء الستار وفي غياهب الليل كان أكبر بكثير من كل ما يقال، فالوطن خسر غاباته وتنوعه الحيوي، والصدور سكنتها السموم، فاعتقدوا وبئس الاعتقاد أن بالكلام يحيا الإنسان، ونسوا أو تناسوا أن كل سوري يدرك تماماً من كان يحرق القلوب قبل الشجر!
اليوم عهد جديد زرع الأمل بالنفوس المتعبة، وأعاد الحلم لتكون بيئة وطننا هي الأغلى والأجمل، فكان التحرير وكان الأمل من جديد أن نبدأ مرحلة عنوانها ربط الإعمار بالبيئة السليمة، وحماية ما تبقى من غاباتنا، وهنا نتحدث عن وطن وعن إنسان، نتحدث عن سورية التي نحب، والتي نأمل أن تعود خضراء نقية بعد أن تحررت من الفساد والفاسدين، ومن حقبة طاغية حاولت قتل كل ما هو جميل في هذا الوطن.
في الماضي كنا نبحث عن طريقة لفرض الأخلاق البيئية، عبر تكريس الوعي والتذكير بأن لو كل إنسان نظف أمام بيته لأصبحت حاراتنا وبلدنا نظيفة، وبالتالي خففنا المعاناة عن عمال النظافة الذين يجاهدون ويتعبون في جمع نفايات صار البعض يرميها بقصد، فشوارعنا صارت مكبات للنفايات تنتظر عامل النظافة الذي غاب حالياً عن كثير من الشوارع لترحيلها, في ظل عدم قيام البلديات بواجبها, ولكن هذا ليس مبرراً لبعض الناس في تكديس نفاياتهم في مداخل الأبنية وفي غير الأماكن المخصصة لها, فالأمراض والقوارض انتشرت بشكل كبير وهذا يحتاج تحركاً سريعاً لترحيل القمامة من الطرقات!!
وزارة الإدارة المحلية والبيئة تسعى اليوم لأفق واسع ولخطط لها وقعها الإيجابي على الناس، وما نأمله أن تكون البيئة على جدول أعمالها, ولعلهم أيضاً يتذكرون دور الجمعيات البيئية، والتي غابت عن ساحة العمل والتوعية والمشاريع منذ أعوام طويلة، خاصة أن العمل التطوعي صار من الماضي، والحل بإعادة التشبيك مع كل السواعد التي تسعى لتبقى بيئة الوطن بخير؟!
نحن اليوم في سباق مع الزمن لاستثمار كافة الجهود، ولكننا نلتمس خيراً أن تعود النشاطات البيئية ثانية على جدول أعمال الوزارة, وقد تكون أولى خطوات الإصلاح مد الجسور مع الجمعيات البيئية والإجابة على سؤال: هل تلك الجمعيات غائبة أم مغيبة؟
الدكتور يحيى عويضة رئيس جمعية حماية البيئة والتنمية المستدامة يؤكد لصحيفة (الحرية) أنه لم يكن هناك في السابق شراكة حقيقية بين الجمعيات البيئية وصناع القرار، حيث تهميش الجمعيات وعدم الاعتراف بها وتغييب دورها كان سائداً! فالحال البيئي لم يكن سليماً ومعافى سابقاً، لكنه اليوم يعاني نزيفاً يصعب إيقافه إذا لم تتعاون كافة الجهات الحكومية لإيجاد الدواء والعلاج المناسب، وهذا يحتاج تفعيل دور الجمعيات البيئية والقيام بحملات نظافة تشمل المناطق كافة، لاسيما أن بعض المبادرات الفردية لا تكفي، والمطلوب تشاركية واضحة مع الناس خاصة أن النظافة عنوان لحياة الأجداد وجزءاً من موروثهم وأخلاقهم وعاداتهم.
وأضاف الدكتور عويضة: التوعية البيئية من الضروري أن تشمل جميع فئات المجتمع من خلال حوار بيئي مباشر مع الناس في المدارس وأماكن العمل ومن خلال الإعلام والتربية والتعليم لإيصال المعلومات البيئية والحصول على بيئة نظيفة تؤكد مقولة أن كل إنسان مسؤول عن نفسه وأمام بيته ومعمله لتنظيف المكان الموجود فيه.
ختاماً.. نظافة مدننا تحتاج الذوق والأخلاق والشعور بالمسؤولية عسى أن يأتي اليوم الذي تكون فيه ثقافة النظافة والجمال العنوان العريض لحياتنا اليومية فالبيئة ليست موضة أو ترفاً فكرياً، بل هي واجب ومسؤولية كل مواطن.