نافذة فساد أُوصدت
يا لجواز السفر في حقبة النظام البائد كم ولد قلقاً وهواجس، وكم خلف انتظاراً طويلاً مقيتاً، وكم رتب أعباءً مالية باهظة، ليس لقاء رسومه فقط بل لتأدية الرشاوى إذعاناً.
هذا الجواز الذي كان الحصول عليه مقصداً لمعظم أبناء بلدنا لم يكن كما في بلدان أخرى لغرض السياحة أو الاغتراب والعمل لفترة محدودة لتكوين رأس مال ومن ثم العودة لتأسيس مشروع في الوطن، بل للهجرة الدائمة هرباً من ويلات الخدمة العسكرية المفتوحة المدة التي كُرست لحماية النظام البائد لا الحدود من الأعداء، وتملصاً من ضنك العيش وفقدان الأمل بمستقبل يمكن خلاله تأسيس منزل وتكوين أسرة وعيش حياة كريمة.
هذه الدوافع القاهرة وكما هو ماثل للجميع أدت لخسارة أعداد كبيرة من الشبان الذين يعتبرون العصب الرئيس في نهوض ورفعة البلاد، والعصب الأساس في تكوين الأسرة، أهم نواة في المجتمع السليم، ومن بينهم كفاءات علمية في مختلف المجالات تلقفتهم دول المهجر وبدأت تعزز بناء نهضتها على أكتافهم، بينما بقينا نحن نقف على أطلال الدمار الذي خلفه النظام البائد نرثي خراب بيوتنا وفقدان أبنائنا وانهيار اقتصادنا وتهالك بنانا التحتية في شتى المجالات.
كم من مرة عمل النظام البائد على إيقاف منح جوازات السفر بحجج واهية ومسوغات غير مقنعة، وكم من مرة تمادى برفع رسومها، وكم من مرة ابتدع طرقاً للحصول عليها من فوري إلى مستعجل إلى عادي، وما بين هذا وذاك كان الابتزاز حاضراً وعلى المكشوف بلا حسيب أو رقيب، وقد وصل دفع الرشاوى في بعض الأوقات إلى أكثر من ستة ملايين ليرة عن الجواز الواحد، عدا عن “الرش” بعشرات الآلاف على العناصر في صالات تسيير الإجراءات وتقديم “الحلوان” عند الاستلام.
إن بشارات الخير هلت مع التحرير، والجميع على يقين أن إجراءات ميسرة وحضارية ورسوماً محمولة ستسري لدى منح جوزات السفر في المرحلة المقبلة من عهد الإدارة الجديدة لسوريا بعيداً عن أي استغلال وابتزاز ورشاوى، وكلنا أمل أن جواز السفر السوري سيكون مبعث عز وفخار لحامله يحفظ كرامته أينما حل، وسيكون أيضاً مفتاح عبور لوجهات مختلفة من معظم أنحاء العالم، بعد أن كان في حقبة النظام المجرم مبعث نفور وتعسير أمور.