أوروبا التي فقدت «ظلها»!!..
تشرين:
ليس أوروبا فقط، بل يبدو أن الأمر انسحب على حلف شمال الأطلسي «ناتو».. والمقصود هنا فقدان الجاذبية، أي الامتيازات التي طالما كانت حاضرة تاريخياً، وتجعل الجميع يلهث ليكون عضواً فيه.
في فنلندا، وبعد عام ونصف العام على دخولها «ناتو» في 4 نيسان 2023 لا يبدو أن الفنلنديين راضون عن هذا الانضمام، حسب استطلاع للرأي أجراه معهد أبحاث الأعمال الفنلندي «Eva» ونشرت نتائجه اليوم الثلاثاء، وأفاد الاستطلاع بانخفاض كبير في نسبة المؤيدين للعضوية في الاتحاد الأوروبي وفي «ناتو»، مقارنة بالعام الماضي، ويرى المركز أن هذا مردّه التأثر بالأحداث العالمية.
وأشار الاستطلاع إلى انخفاض التأييد للاتحاد الأوروبي بنسبة 7% مقارنة بالاستطلاع السابق قبل نحو عام، حيث عبر 17% عن نظرة سلبية، بينما ارتفعت نسبة المحايدين إلى 23 %، وفيما يخص «ناتو» انخفض التأييد إلى 5% حيث عبر 10% عن موقف سلبي، و17% عن موقف محايد، وهذه نسب لا بد أن تكون مصدر قلق إذا ما استمرت بالارتفاع.
الأمر نفسه في جورجيا، خصوصاً بعد الانتخابات البرلمانية قبل نحو شهر، التي أظهرت موقفاً شعبياً حاسماً مع روسيا ضد الغرب، من خلال فوز الجناح المعارض للغرب وأجنداته، وهو ما قاد إلى غضب كبير وتحرك عاجل من الغرب وتحذيرات من اضطرابات واسعة في البلاد على خلفية أن تكون لدى الغرب الأميركي نيات مبيتة تجاه إشعال ثورة ملونة جديدة في جورجيا كما كانت الحال في عام 2003.
وعن ذلك نشرت صحيفة «موسكوفسكي كومسوموليتس» الروسية مقالاً اليوم الثلاثاء، تحدثت فيه عن الموقف الشعبي في كل من فنلندا التي نالت عضويتها مؤخراً في «ناتو»، وجورجيا التي لم تنل عضويتها بعد وإنما تسعى في سبيل ذلك، إلى جانب مولدوفا التي تعد ضمن ميدان الصراع الغربي مع روسيا.
وقالت الصحيفة الروسية: «في أواسط الخريف، أجريت الانتخابات الرئاسية في مولدوفا والانتخابات البرلمانية في جورجيا، ومع أن النتائج جاءت مختلفة، إلا أنّ رأي الناخبين أظهر أولوية سيادة البلاد على التكامل الأوروبي».
وأضافت: «يبدو الأمر للوهلة الأولى كأن شيئاً جديداً لم يحدث في مولدوفا وجورجيا، لقد لاحظنا منذ فترة طويلة انقساماً عميقاً داخل المجتمع المولدوفي، ونرى كيف ينتصر «الحلم الجورجي» مرة أخرى في جورجيا، ولكن إذا وضعنا هذه الأحداث في سياق أوسع، فسنلاحظ أنّ هناك تهديدات شديدة صدرت تجاه جورجيا للمرة الأولى من الغرب، ولم تستسلم جورجيا لهذه التهديدات.
ونقلت الصحيفة عن النائب في البرلمان المولدوفي، قسطنطين ستاريش، قوله تعليقاً على الانتخابات الأخيرة وفوز الرئيسة مايا ساندو بولاية ثانية فيها: إن «السكان في مولدوفا كانوا خائفين من حقيقة أنهم إذا لم يصوتوا لمصلحة ساندو، فسيتم حرمانهم من الدخول بلا تأشيرة إلى الاتحاد الأوروبي.. ولهذا فقط هم صوتوا لساندو».
لكن الحقيقة هي أن «الآمال بمستقبل مشرق في المجتمع لم تعد مرتبطة بالتكامل الأوروبي الأطلسي، بل يرتبط التكامل الأوروبي الأطلسي الآن بالأزمات والصدمات التي ترغب المجتمعات في تجنبها.