حروب الإبادة الأمريكية وابنها المدلل الكيان الصهيوني
تشرين- د. محمد رقية:
على ما يبدو الكيان الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين المقدسة يتبع نفس نهج أمه بالتبني الإمبراطورية الأمريكية في حروب إبادة الشعوب وبناء كياناتهم على جثثها.
فقد أكدت الدراسات التاريخية الموثقة أن أمريكا أبادت ١١٢ مليوناً من أكثر من ٤٠٠ شعب وحضارة وهي تزعم نشر الحرية، بينهم عشرات الملايين من الهنود الحمر الذين ينتمون الى عشرات القبائل والأمم مثل: أمة نافاجو، أمة شيروكي، أمة تشوكتاو، أمة تشيبيوا، أمة سيوكس، أمة بلاكفيت، أمة وايت ماونتن أباتشي، أمة مسكوكي، أمم هاودنوسوني، أمة بلاكفيت، والشيسكومسو، والكريك، والسيسيتول، والسينيكا، والأيروكوا والكايوغا، الموهوك، اونايدا، انونداغا، كيغا، وتوسكارورا وغيرها.
إن الامبراطورية الأمريكية قامت على الدماء وبنيت على جماجم البشر، وخاضت أمريكا في إبادة هؤلاء البشر وفق المعلوم والموثق ٩٣ حرباً جرثومية شاملة وتفصيل هذه الحروب أورده الكاتب الأمريكي هنري دوينز في كتابه بعنوان «أرقامهم التي هزلت» ومن بينها ٤١ حرباً بالجدري، ٤ حروب بالطاعون، ١٧ بالحصبة، ١٠ بالانفلونزا و ٢٥ بالسل والديفتيريا والتيفوس والكوليرا هذا عدا عن الذين أبادوهم بالسخرة والحرق.
وتظهر أول وثيقة تثبت استخدام الأمريكان للسلاح الجرثومي عمداً في عام ١٦٣٦، وبدأت الحروب الأمريكية الكبرى بالهجوم الأول على الهنود في جيمستاون عام 1662، والذي أعقبه الحرب مع الهنود الحمر في ألجونكوينز في عامي 1635 و1636 وحرب عامي 1675 و1676، والتي أسفرت عن تدمير نصف مدن ماساتشوستس، واستمرت الحروب الأمريكية الأخرى والهجوم على الهنود حتى الحرب العالمية الثانية.
ويروى أن الإبادة الجماعية للسكان الأصليين بلغت ذروتها في عهد الرئيس أندرو جاكسون الذي قاد الولايات المتحدة في الفترة من 1829 إلى 1839.
لقد نفذت الحكومات الأميركية المتعاقبة حملات إبادة ضد السكان الأصليين وعملت على تدمير مزارعهم وطمس هوياتهم واقتلاعهم من جذورهم، وتهجيرهم من المناطق الخصبة إلى مناطق قاحلة لا تصلح للعيش.
وتقول المؤرخة روكسان دنبار أورتيز إن حرب الأميركيين البيض على السكان الأصليين شملت قتل المدنيين وتدمير حقولهم.
وحدثت الكارثة الأكبر، عندما وقعت كاليفورنيا تحت حكم الولايات المتحدة عام 1846.
وتقول الاحصاءات بأنهم تمكنوا من إبادة 90% من هنود كاليفورنيا بالسخرة وتجارة النساء والأطفال، حيث انخفض عدد السكان من 150 ألف شخص تقريباً إلى 30 ألف في عام 1870. ووصل عددهم عام 1900 إلى 16 ألف شخص فقط.
لقد شكل تأسيس الكيان الصهيوني على أرض فلسطين التاريخية عام 1948 وقتل وتهجير شعبها بمساعدة ودعم القوى الغربية استمرار لنهج أمريكا في إبادة الشعوب، وكيف لا والكيان ابنها المدلل الذي لا تحرمه من أي شيء يريده.
فخلال 76 عاماً من وجود الكيان على هذه الأرض المقدسة، لم يمر عام إلا وارتكب فيه إبادة لشعوبنا العربية في فلسطين ولبنان ومصر وسورية والأردن، وكان آخرها الإبادة الجماعية التي ينفذها الكيان منذ أكثر من عام في قطاع غزة والضفة الغربية ومنذ أكثر من شهر في لبنان والتي استخدم فيها كل وسائل القتل والتدمير التي تزوده بها الحكومات الأميركية المتعاقبة، التي يندى لها جبين الإنسانية.
إن الجرائم التي ارتكبت بحق شعوبنا خلال أكثر من عام تشكل هولوكوست جديد أعظم وأفظع من كل الذي حصل في تاريخ الشعوب فهنا الاغتيالات بكل أشكالها بمن فيهم القادة العظام الذي نعتصر ألماً على فقدانهم وهنا مئات آلاف الشهداء والجرحى معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ وأكثر من خمسة ملايين مهجر ومشرد ومحاصر سيلقون حتفهم من الجوع والعطش والمرض وانعدام كل وسائل الحياة وخاصة في قطاع غزة بملايينه الثلاثة.
تحصل كل هذه المجازر برعاية الحكومات الأميركية الخبيرة بمثل هذه الجرائم من الهنود الحمر إلى قتل أكثر من 4 ملايين فيتنامي، الى خمسة ملايين كوري، وملايين اليابانيين بالقنابل النوويه، التي لم يستخدمها سوى الولايات المتحدة بالعالم كله.
هذا إضافة مئات الألوف في يوغسلافيا التي حولوها إلى ست دويلات متناحرة، وأوكرانيا التي أشعلوا فيها حرباً لتحقيق مصالحهم النازية، إضافة إلى إبادة ملايين الناس في الصومال وأفغانستان، والعراق وليبيا واليمن وسورية ولبنان والسودان
وحصار كوبا وإيران وفنزويلا وروسيا وروسيا البيضاء وسورية وبوليفيا وكولومبيا والكثير من دول أمريكا اللاتينية والدول الإفريقية والآسيوية والتي يحتاج استعراضها بالتفصيل الى كتب عديدة، كل ذلك في عالم خاو غير قادر أن يقول كلمة في إدانة هذه الجرائم، ومحاسبة مرتكبيها الزعران، وعلى رأسهم المجرم نتنياهو وحكومته الفاشية وقطعان مستوطنيه الفاقدين لكل حس إنساني.
لكن رغم كل هذه المآسي التي تتعرض لها شعوبنا بمفاعيل أحدث وأفظع تقنيات الحروب والأسلحة وأكثرها تدميراً، والتضحيات التي تقدم على مذبح الحرية، سينبلج نور النصر من ديجور الظلام وسيعلم الظالمون أي منقلب ينقلبون وسيحاسبون على جرائمهم مهما طال الزمن.