لانخفاض أسعارها مقارنة بالماركات.. إقبال على شراء المنظفات “الفرط” رغم التحذيرات الطبية
تشرين- آلاء هشام عقدة:
بالتزامن مع ارتفاع أسعار مواد التنظيف بشكل كبير في الآونة الأخيرة، انتشر بيع مواد التنظيف “الفرط” في الأسواق بشكل كبير، سواء في بسطات أو محال معروفة بأشكال متعددة، إما تعبئة بكميات محددة يطلبها الزبون من أكياس كبيرة لماركات مشهورة أو معبأة مسبقاً في عبوات قديمة لمياه الشرب أو أكياس نايلون.
“تشرين” التقت أم أيهم (ربة منزل) التي أوضحت أنها اضطرت لاستبدال شراء المنظفات “المختومة” بمنظفات “فرط” من سائل جلي ومسحوق غسيل وغيرهما نظراً لانخفاض سعرها من جهة، وأنها تمكنها من شراء الكمية التي ترغب بها ولو كانت قليلة جداً من جهة أخرى، فالوضع المادي أصبح صعباً وبالكاد بالإمكان شراء الأساسيات.
أشكالها المتعددة وأسعارها الرخيصة تدفع برواج سوق “الفرط”
أسامة (موظف ورب عائلة) أشار إلى أنه مع بداية كل شهر يشتري ما يلزم المنزل من مواد تنظيف من محال بيع “الفرط”، إذ إن الفرق كبير في الأسعار التي يراها مناسبة جداً للوضع المادي، فهي أوفر بكثير من شراء أنواع لماركات معينة، حتى إن التجار حالياً يبيعون أنواعاً من المساحيق المختومة من خلال فتح الكيس نفسه والبيع بوزن معين.
من جهتها، أكدت منال (ربة منزل) أنها عانت لسنوات من طفح جلدي في يديها (أكزيما) نتيجة استخدام سائل الجلي من الأنواع المعبأة ضمن عبوات بلاستيكية.
وأضافت: رخص ثمنه كلفني كثيراً من خلال زيارات دورية للطبيب المختص ودفع ثمن أدوية كثيرة، ما جعلني أندم أشد الندم على سوء اختياري، إضافة إلى تحسس الجلد نتيجة أي تماس مع أي نوع وأحتاج إلى ارتداء قفازات بشكل مستمر عند استخدامي أي مستحضر.
وتابعت: أنصح السيدات بألا يسترخصن أي مستحضر للتنظيف يباع في السوق حتى لا يقعن في مشكلتي نفسها.
أوفر بالكمية والسعر
(أحمد) بائع منظفات “فرط” في سوق الريجي بمدينة اللاذقية أكد لـ”تشرين” أن الإقبال على شراء المنظفات جيد، فأغلبية ذوي الدخل المحدود يبحثون عن الأوفر والأكثر كمية، مشيراً إلى توفر سائل جلي بنوعيات جيدة وروائح متعددة ويباع في أكياس وعبوات بلاستيكية، إضافة إلى كل ما يخطر في البال من مواد التنظيف من كلور وفلاش ومعطر أرضيات ومسحوق غسيل وملمع للزجاج، وكله بسعر مناسب وبكميات مختلفة تناسب المستهلك.
وأضاف: لا أحد يستطيع أن يقول عن “زيته أنه عكر”، فلدي أنواع جيدة من أدوات التنظيف وزبائني يشترونها باستمرار ولم يشتكِ منها أحد، ورغم ذلك في بعض الأحيان هناك أصناف من سائل الجلي لا تعطي الرغوة المطلوبة، وبالتالي تضع السيدة كميات كبيرة بلا فائدة وهي حالات توجد حتى في ماركات عدة، ولكن المغزى من شراء المنظفات”الفرط” هو التوفير قدر الإمكان وأخذ فاعلية جيدة مرجوة وما يقال عن المساحيق إنها تسبب ضرراً فباعتقادي أنه حتى أشهر الماركات تسبب أيضاً ضرراً مماثلاً.
بدوره، أكد رئيس دائرة حماية المستهلك في مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك رائد عجيب أن هناك جولات دائمة على الأسواق لمراقبة بيع مواد التنظيف، حيث يتم تنظيم ضبوط، ويعد ضبط عدم وجود بطاقة مواصفة عقوبة أشد من عدم الإعلان عن السعر أو البيع بسعر زائد، وأغلب بائعي هذه المواد لديهم فواتير نظامية ويقومون ببيعها بالمفرق.
وأضاف: لدينا ضبوط بشكل مستمر لعدم وجود بطاقة مواصفة، حيث تتم مصادرة البضاعة ويتحول الضبط إلى القضاء.
تحذير طبي
التقت “تشرين” الدكتورة هدى برهان طحلاوي اختصاصية الجلدية التي أشارت إلى أن المرأة تحب المواد المنظفة الفاعلة لتخفف عنها عناء التنظيف، لكنها تحب العناية بنعومة يديها أكثر، إذ تجذبها الأقمشة النايلون الرخيصة، لكنها تدفع الثمن أغلى بما تسببه لها من ضرر وأذى، إذ تسبب مرضاً جلدياً يسمى (التهاب الجلد بالتماس أو أكزيما التماس)، وحسب المادة المؤثرة يمكن تصنيف التهابات الجلد بالتماس إلى نوعين رئيسيين: الأول التهاب الجلد التخريشي بالتماس، الذي يحدث بتأثير آلي وكيميائي تخريشي يرتكس فيه الجلد ارتكاساً خاصاً يزول بزوال المؤثر، وهذه الآفة الجلدية شائعة، خاصةً عند ربات البيوت والأعمال المهنية اليدوية، وأسبابها ميكانيكية كالرض والاحتكاك المتكرر، وكيميائية كمواد التنظيف التي تستعمل ولا يتحملها الجلد كالمعتاد، وهناك عامل مهم بنيوي هو طبيعة جلد الفرد والحالة العامة للعضوية والعامل الوراثي، وهذا ما يسبب الاختلاف بين شخص وآخر.
وأشارت إلى أن المرض يبدأ بحدوث جفاف في الجلد، خاصةً الأيدي، مع احمرار وتقشر ثم تتبعه تشققات في الجلد تترافق مع الألم والحكة وقد تختلط مع التهاب ثانوي في أماكن التشققات أو تتحول إلى النوع الثاني من التهاب الجلد الذي سيرد وصفه باسم (التهاب الجلد الألليرجيائي بالتماس).
وحسب طحلاوي، فإن المعالجة الأساسية لالتهاب الجلد التخريشي بالتماس هي إيقاف المسبب فوراً ثم استعمال سبل الوقاية لحماية اليد كلبس القفازات المطاطية المبطنة بقماش قطني واستعمال الوسائط والأدوات الحديثة في الأعمال الصناعية والمنزلية.
والنوع الثاني هو التهاب الجلد الألليرجيائي بالتماس، والذي يحدث بعوامل محسسة بآلية ألليرجيائية، خاصة أن هذه العوامل في الأصل غير مؤثرة وغير مؤذية عند عامة الناس, ولكن متى بدأ الشخص يتحسس تجاهها تصبح مؤثرة ومؤذية دائماً، وهذه العوامل المؤثرة آخذة بالازدياد لكثرة المستحضرات الصناعية والمنزلية التي يتزايد وجودها واستعمالها ويمكن حصرها بمواد التجميل، مواد البناء والتبليط والتمديدات الصحية، مواد طبية وكيميائية، مواد غذائية يصاب بها الخبازون وعمال تعبئة الطحين وعمال السكاكر غالباً، مواد صباغية، المجوهرات التقليدية كالساعات وأساور الساعات والحلي المختلفة، الملابس المطاطية والبلاستيكية والجوارب النسائية وحفاضات الأطفال وأحذية النايلون الرخيصة، المعادن الرخيصة، الزيوت المعدنية، أدوات الحلاقة والنجارة، مواد معدنية تدخل في صنع الملابس كالسحابات والبكلات، والكثير من المنظفات التي تطرح في السوق بشكل عشوائي ومن دون رقابة.
وبينت طحلاوي أن هذا التحسس يبدأ بحدوث سطح احمراري وذمي مكان احتكاك العامل المحسس بالجلد (مكان الساعة أو الأساور مثلاً) ثم تتطور الآفة الجلدية أكثر وتصبح نازة وحاكة، ولا بد من إيقاف المسبب في هذه الحالة ومعالجتها طبياً حتى لا تزمن وتصاب بالتحزز، ومن الجدير بالذكر أن هذه الآفة قد تتسع وتشمل أماكن بعيدة عن منطقة التماس الأولي وقد تعم الجسم كله.
وللوقاية من حدوث هذه الآفات الجلدية، نصحت طحلاوي بالتقليل قدر الإمكان من تماس الجلد بهذه المواد الصنعية من حيث المدة المحدودة للتماس وعدم تكراره كثيراً عند الأشخاص غير المصابين به وإيقاف استعمال المادة المحسسة نهائياً متى ظهرت الآفة الجلدية المذكورة، إضافة إلى تغيير طبيعة العمل إذا كانت المادة المحسسة بتماس مباشر مع العامل، ولا يمكن الوقاية من التعرض لهذه المادة أثناء العمل والآفة الجلدية فاعلة ومتكررة لديه قبل أن تزمن وتتحزز وتصعب معالجتها.