مجدل شمس والرد الأبلغ على الكيان الإسرائيلي..سوريون أرضاً وهوية وشهداء.. فخ الاحتلال معلوم ومفضوح والتحايل على جغرافيا التصعيد لن يُحقق أهدافه ضد لبنان

تشرين- هبا علي أحمد:
لا نبالغ في القول إن حدثاً كحدث مجدل شمس في الجولان السوري المحتل أمس كان مرتقباً ومتوقعاً، إذ يأتي في سياق التصعيد المتسع في المنطقة، متوقعاً لناحية بحث كيان الاحتلال عن مكان حدث ما يكون المفجر في التصعيد ربما الأعلى والأخطر ولاسيما مع جبهة جنوب لبنان – المقاومة اللبنانية/حزب الله، وبالتالي اختيار مجدل شمس بالغ الدلالة في المكان والتوقيت والتداعيات ما بعدها، وأياً كانت المزاعم التي يسوقها الاحتلال فلم يعد المرء بحاجة لكثير من البحث والتمحيص للإدراك أنها الذريعة أو عود الثقاب لإشعال المنطقة، في توقيت بالغ الحساسية والأهمية بالنسبة لكيان الاحتلال بعد عشرة أشهر من العدوان على غزة والهزيمة الاستراتيجية التي مُنيّ بها داخل غزة ومن جبهات المقاومة الإقليمية.

أهلنا في الجولان السوري المحتل سيبقون جزءاً أصيلاً من مقاومة الاحتلال وسياساته العدوانية التي تستبيح الأرض والهوية

محاولة فجة ومفضوحة
على أن الأخطر من التصعيد المذكور هو ما يلعب عليه كيان الاحتلال في حادثة مجدل شمس وطريقة تعاطيه مع الحدث والتسويق له وتقديم مسميات طائفية لإثارة الفتن والانقسامات، وهي محاولة فجة ومفضوحة لتثبيت مشروعه الاحتلالي /الجغرافي والديموغرافي/ التفتيتي التقسيمي، وتمريره عبر افتعال الحادثة و«ضرورة الرد عليها»، وبالتالي سلخ الجولان المحتل عن حقيقته السورية والجغرافية، إلّا أن حسابات الكيان دائماً ما تؤدي إلى نتائج خاسرة وفاشلة، ومهما ساق من مزاعم وذرائع فلا يستطيع طمس الحقائق، فالجولان سوري ومواطنوه سوريون يقبعون تحت نير الاحتلال، وبالتالي ضحايا الاعتداء الإسرائيلي أمس على مجدل شمس هم شهداء سورية انضموا إلى قوافل الشهداء الذين سبقوهم في معركة الصراع مع العدو الإسرائيلي مهما اختلف شكل هذا الصراع، وبالتالي مهما طال الزمن فإن الجولان يبقى عربياً سورياً محتلاً وتحريره في صلب العقيدة الاستراتيجية السورية، وإذا كان الكيان تحت ستار العدوان على غزة وافتعال التصعيد مع جنوب لبنان يعمل على تمرير مخططه التدميري في سورية فهو خاسر بلا شك، وتكاتف أهل الجولان وتأكيدهم في كل مناسبة على أنهم جزء لا يتجزأ من الوطن الأم سورية سلاح قوي في المواجهة مع العدو ومواجهة مخططاته، وأبلغ رد جديد من أبناء مجدل شمس عندما قاموا بطرد وزير مالية الاحتلال بتسلئيل سموتريتش، ومسؤولين إسرائيليين آخرين، ولم يسمحوا لهم بالوصول والمشاركة في تشييع الشهداء.
وأكدت وزارة الخارجية السورية أن شعبنا في الجولان السوري المحتل، الذي رفض على مدى عقود من الاحتلال الإسرائيلي أن يتنازل عن هويته العربية السورية، لن تنطلي عليه أكاذيب الاحتلال واتهاماته الباطلة للمقاومة الوطنية اللبنانية بأنها هي التي قصفت مجدل شمس، ولا سيما أن أهلنا في الجولان السوري كانوا وما زالوا وسيبقون جزءاً أصيلاً من مقاومة المحتل ومقاومة سياساته العدوانية التي تستبيح الأرض والهوية.
لن يقع في الفخ
وكان لافتاً أن ردود الفعل على حادثة مجدل شمس تصب في سياق التحذير من الفتنة والتقسيم والانجرار خلفهما، ما يدل على التنبّه السريع لما يرمي له العدو وعدم الالتفات للمزاعم التي يسوقها، وبالتالي إفراغ محاولة العدو التقسيمية من مضمونها وإحباطها، إذ أكد رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني، طلال أرسلان، أنّ ما حدث في مجدل شمس في الجولان السوري المحتل، ما هو إلا محاولة خسيسة وفاشلة من الاحتلال الإسرائيلي لسلخ الجولان عن طبيعته الجغرافية وامتداداته العائلية، مشدداً على أنّ الجولان المحتل كان ولا يزال يرفض التواطؤ على هويته السورية العربية، وأنّه عمق مقاومتنا وجزء لا يتجزأ من الأراضي المحتلة التي لن تعود إلى كنفها الطبيعي إلا بالصمود والمقاومة.

أبلغ رد من أبناء مجدل شمس قيامهم بطرد وزير مالية الاحتلال بتسلئيل سموتريتش ومسؤولين إسرائيليين آخرين وعدم السماح لهم بالوصول والمشاركة في تشييع الشهداء

كما أكد أنّ ضريبة الدم يدفعها أهلنا في الجولان منذ 52 سنة بسبب الاحتلال الإسرائيلي، وأن الجولان المحتل لن يقع في فخ مشروع إسرائيل للتظاهر بـ«حماية الأقليات»، فالمشروع الإسرائيلي يركز دائماً على تحويل المذاهب إلى قوميات وهذا ما نرفضه تماماً، مشيراً إلى أنّ الاحتلال لا يهدف من خلال هذا المشروع إلا إلى تفتيت المنطقة إلى دويلات تحمي حدوده المزوّرة.

 

مسؤولية دولية
على المقلب اللبناني وفي سياق المزاعم التي ساقها العدو لاتهام المقاومة اللبنانية /حزب الله بحادثة مجدل شمس، وإذا ما ربطنا الحادثة بزيارة رئيس وزراء كيان الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى واشنطن واللقاء مع مسؤوليها، تأتي أيضاً في سياق أمر أميركي لبحث الكيان عن حادث بالغ العمق والدلالة يدفع الكيان إلى القيام بمغامرة بعده، حاشداً خلفه المزيد من الدعم الأميركي والأوروبي معاً، على أن يكون الحادث مرتبطاً بحزب الله، لأن مسرح التصعيد الحتمي جنوب لبنان، كما يأتي في سياق تشويش الرأي العام وحرف الأنظار عن مجريات الميدان في غزة والتشويش على تكاتف محور المقاومة بالعموم وصموده.

نهاية الكيان ستكون في ذهابه إلى خيار شن حرب واسعة ضد لبنان

على هذه الخلفية كان اختيار استهداف مجدل شمس واتهام الحزب بجر المنطقة نحو الحرب والتصعيد، لكن- كما في الجولان المحتل- كان الحذر سيد الموقف والإدراك لحجم المخطط الصهيوني، حيث صبت التصريحات في سياق التحذير من الانجرار لمرامي العدو وبالتالي توسيع رقعة الحرب وزعزعة أمن المنطقة مع دعوات إلى ضبط النفس، إذ أشار وزير الخارجية اللبناني عبدالله بو حبيب إلى طلب لبنان من الولايات المتحدة حث «إسرائيل» على ضبط النفس في ظل التوتر في الآونة الأخيرة، محذراً من أن شن «إسرائيل» أي هجوم كبير على لبنان سيؤدي إلى حرب إقليمية، في حين أكد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة في البرلمان اللبناني محمد رعد أن نهاية الكيان ستكون في ذهابه إلى خيار شن حرب واسعة ضد لبنان.

دعم الاستقرار والأمن في لبنان والمنطقة مقابل الاعتداءات الصهيونية مهمة كل المجتمع الدولي ولا سيما مجلس الأمن

وحذّر المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، بشدة من أيّ مغامرة صهيونية جديدة ضد لبنان، بذريعة حادثة مجدل شمس في منطقة الجولان السوري المحتل، قائلاً: أيّ اعتداء أرعن للكيان الصهيوني يمكن أن يوسع رقعة الحرب ويزعزع أمن المنطقة، وإنّ الكيان الصهيوني هو المسؤول الرئيس عن العواقب غير المتوقعة لمثل هذا السلوك الأحمق، مبيّناً أنّ دعم الاستقرار والأمن في لبنان والمنطقة مقابل الاعتداءات الصهيونية هو مهمة كل المجتمع الدولي ولا سيما مجلس الأمن، في حين رد السفير الإيراني في لبنان، مجتبى أماني، على التهديدات الإسرائيلية بتوسيع الحرب على لبنان والمنطقة، مؤكّداً موقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية الداعم للمقاومة، قائلاً: لا نتوقع الحرب ولا نريدها ولا نخافها.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار