أولوية الدعم للإنتاج عند تحويله من سلعي إلى نقدي.. خبير اقتصادي: سورية لا تقترض من صندوق النقد الدولي حتى لا ترضخ لشروطه
دمشق- حسام قره باش:
سواء صح الخبر أم لا فيما يشاع مؤخراً من ضمن حزمة الشائعات التي يطلقها البعض عن سورية حول عرض صندوق النقد الدولي مساعدة اقتصادية على هيئة قروض طويلة الأجل لأكثر من 10 مليارات دولار، وفي حال عرض صندوق النقد والبنك الدوليان المساعدة الاقتصادية أم لم يعرضا، فإن ظاهر الأمر الدول هي التي تقدم طلبات القروض والمساعدة للمؤسستين المذكورتين.
ولا يساور أحد الشك بأن هاتين المؤسستين الماليتين العالميتين تعتبران أطفال الولايات المتحدة الأميركية، حسب وصف المحلل الاقتصادي الدكتور عابد فضلية في حديثه لـ”تشرين”، مبيناً أن الولايات المتحدة الأميركية هي المتحكم الأساسي بهاتين المؤسستين وما يتبعهما، مشككاً بالوقت ذاته بأن يعرضا مساعدة سورية لشروطهما التي تتعلق بالسياسة الاقتصادية للدولة، وهي شروط ستكون بمجملها حتماً منسجمة مع الإرادة الأميركية 100٪، مضيفاً إنه مادامت هناك شروط مسبقة فسورية لن ترضخ لتلك المؤسسات وتقترض منها ولها دول صديقة يمكن الاقتراض والتعاون المالي معها.
وضرب فضلية مثلاً عن الاشتراطات غير المنطقية المفروضة من “الصندوق والبنك”، كطلبهما الانفتاح الاقتصادي الذي يريدانه هما وتقليل دور الدولة في الاقتصاد ودعم القطاع الخاص وإتاحة المجال له بأن يعمل وينشط أكثر، ولكن بشكل أساسي هذه الشروط ترتكز على عقلنة التدخل الاقتصادي للدولة كما يسميانها هما نفسهما، وهذا يخفي وراءه تقليص دور الدولة الاقتصادي وبروز القطاع الخاص على حساب بقية القطاعات وبالتالي تضييق دور الدولة.
ورأى فضلية أن شروطهما تتناول الجانب الاجتماعي أيضاً في الدولة كتقليص دورها الذي يكون أكبر وأهم عندما تدعم الدولة سلعياً أو نقدياً، علماً أنه حتى الآن في بلدنا الدعم سلعي وله شقان إنتاجي واستهلاكي، وعليه يحاولان دائماً إلغاء دور الدولة بالتدخل الإيجابي، لكون الدعم يجعلها متدخلة وذات أهمية كبيرة في المجتمع، ولهذا أول ما يطلبانه من الحكومات بقولهما لها لا تدعمي كي تبقي قوية مادياً ولا تعطي الأموال للمواطنين أو تتحملي جزءاً من تكاليف السلع أو أسعارها، وبهذا تبقى إيرادات الخزينة العامة كلها موجودة عند الدولة ولا يذهب منها شيء للدعم وبذلك تستطيع سداد القرض حسب زعمهما.
كما أشار فضلية إلى وجود تواصل قبل الأزمة بين سورية وصندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي، وتم رفض شروطهما، لذلك لم تحصل سورية على القرض حتى الآن ولعدة مرات ترفض هذه الإملاءات، ونؤيد دولتنا بهذا الرفض والأفضل أن تكون هذه المساعدات والدعم المالي من دول شقيقة وصديقة خيراً من أن تكون عبر هذه المؤسسات كما أسلف.
وبيَّن فضلية أن موقف سورية بهذا الخصوص مبدئي ولن يتغير رغم صعوبة الواقع الاقتصادي والمالي والتضخم المرتفع، وعليه توجهت سورية لتقليل الدعم وخفض الإنفاق وتدبير الحال حسب المتوفر من الإيرادات وهذا ملائم لها أكثر من احتياجها للمؤسسات المالية الدولية ونوافقها على هذا التوجه الأنسب.
وفي الوقت الذي تباشر فيه الحكومة اتباع نهج جديد للدعم، أوضح الباحث الاقتصادي أنه لا يوجد رفع أو إلغاء كلي للدعم، بل هناك تغيير حقيقي في آلية الدعم من سلعي إلى نقدي، وبدأت الحكومة برفع دعم الخبز وتحويله إلى نقدي رغم أنه من أعقد أنواع الدعم رغم تنوع أشكاله التي لها الأولوية، كدعم الفلاحين المنتجين للقمح وتحويله من سلعي إلى نقدي يُدفع عند استلام المحصول، إضافة إلى محاصيل استراتيجية أخرى كالشوندر السكري لإنتاج السكر والاستغناء عن الاستيراد، وأيضاً دعم وتشجيع إعادة إنتاج القطن حيث كنا مصدرين له، ونحن أصلاً لدينا الصناعات الأهم كالصناعات النسيجية، ولدى الدولة محالج ومغازل ومعامل ينبغي تشغيلها لدعم الصناعة الوطنية، وبالتالي سيكون دعم إنتاج القطن أساسياً ومن الأولويات، متمنياً بختام حديثه العمل على تحويل الدعم السلعي قبل مرحلة الإنتاج بدعم مستلزماته ومن ثم تحويله إلى نقدي حين استلام الإنتاج من القمح والقطن والشوندر السكري لأهميتها الزراعية والصناعية في الاقتصاد.