ملف «تشرين».. الإذاعات السونانية الخاصة.. أين أنت من أغنيتنا المحلية؟

تشرين- سامر الشغري:
النحت في اللغة مزج كلمتين أو أكثر بكلمة واحدة تعبر عنها، لذلك أجد أن استخدام كلمة سونانية لوصف إذاعات (الأف إم) عندنا هو أنسب تعبير عنها، لأنها سورية بالاسم ولكن بالمضمون ليست كذلك.
هذه الإذاعات التي ناهزت العشرة دأبت منذ تأسيسها قبل عقدين من الزمن، على تخصيص ساعات بث طويلة للأغاني اللبنانية القديمة، بما فيها من أسماء عفا عليها الزمن ونسيها الجميع وربما ذوو المطرب نفسه.
وإذا ضربنا صفحًا عن الحيز اليومي الكبير الذي تخصصه إذاعات (الإف أم) لدينا لأغاني سفيرتنا إلى النجوم السيدة فيروز، ومسرحياتها واسكتشاتها وحفلاتها ولابنها المايسترو زياد الرحباني، فإنها تذيع مع صباح كل يوم أغانيَ لمطربين لبنانيين منسيين، أكثر بكثير مما تفعله الإذاعات في لبنان، أمثال: باسكال صقر ونزيه المغربي وأدونيس عقل ومنعم فريحة وسمير حنا، وبعضهم ليس مطربًا بالأصل أمثال المذيع الراحل حكمت وهبي وميشكا.
في مقابل هذا البث اليومي والمتعمد لإذاعات (الإف إم) لأغانٍ لبنانية، فإن المرء يتساءل بالمقابل عن سبب هذا التغييب للأغنية السورية، بكل رموزها وأعلامها من مختلف الأجيال، فأين هي أعمال رفيق شكري وكروان وياسين محمود وفهد بلان وموفق بهجت ومعن دندشي وعصمت رشيد ومروان حسام الدين ونعيم حمدي وسهام إبراهيم ونهاد عرنوق ورضوان، وأين مطربو حلب الكبار من صباح فخري ومحمد خيري ومصطفى ماهر؟.
وغالبًا ما يتوجه مطربونا بلومهم إلى الإعلام الرسمي في تغييبهم عن الناس، ولكني اعتقد أن هذا اللوم يجب أن يتوجه إلى أصحاب إذاعات (الإف أم) باعتبارها الأكثر عددًا في مروحة الإعلام السوري، وأغلب ساعات بثها مخصصة للغناء، وأن نسألهم لماذا لا تذيعون ولو أغنية سورية على مدى الأربع والعشرين ساعة، بينما تتفقون جميعًا على استعادة تراث الأغنية في لبنان.
ويجد البعض في غياب شركات الإنتاج السبب الرئيس لضعف انتشار المطرب السوري، ولكن هذا العامل ليس الحاسم بالتأكيد لأن هذه الشركات كانت ضعيفة الحضور منذ عقود كثيرة، ولكن الأغنية السورية كانت تصل من دون شركات إنتاج إلى جمهورها المحلي وتتعداه إلى البلدان المجاورة بفضل الإعلام الرسمي المحلي، من إذاعة دمشق والتلفزيون العربي السوري، أما في الزمن الحالي فإن الإعلام الخاص وخاصة الإذاعات لا يقوم بهذا الدور.
وإزاء تغييب إذاعات (الإف إم) للأغنية السورية عن برامجها وبثها، فإنّ الحل يكون بأن نفرض عليها بث محتوى غنائي سوري بصورة يومية، ولعدد ساعات معينة في النهار وليكن ساعة واحدة على الأقل، وألّا نترك الأمر رهنًا بإرادة صاحب المحطة أو مهندس الصوت أو المخرج في الإذاعة، فهذا تراثنا وهذه أغنيتنا.
ويروِّج بعض العارفين أن هيمنة الأغنية اللبنانية على إذاعاتنا الخاصة يعود لأن قسمًا منها يشتغل بخبرات لبنانية، باعتبارهم أصحاب قصب السبق في هذا الشكل الإعلامي، ولكن هذا الأمر حتى إن كان صحيحًا لا يبرر غياب المطرب السوري التام عن إذاعات بلاده، ولعمري هذه سابقة خطيرة تتفرد فيها إذاعاتنا على مستوى العالم، بأن تغيّب بشكل عفوي أو متعمد أغنيتها المحلية.

اقرأ أيضاً:

إبقَ حيث الغناء فالأشرار لا يغنون!!.. الأغنية السورية.. أصالة تتقهقر أمام ” حارة وشروال”

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار