جديد هوكشتاين وبلينكن ومعركة رفح «المؤجلة».. نتنياهو إلى «الجنائية الدولية» وبكين على خط التوافق الوطني الفلسطيني

تشرين-هبا علي أحمد:
كل يوم يمرّ يتعقد مشهد العدوان الإسرائيلي على غزة، حيث لا تلوح في الأفق أي معطيات إيجابية في السياق رغم التطورات الآنية واللحظية المرافقة للمشهد في الداخل الفلسطيني والإقليم وعلى الساحة الدولية.. ففي سياق مفاوضات المقاومة الفلسطينية مع الكيان الإسرائيلي لوقف إطلاق نار دائم، يزداد المشهد تعقيداً، إذ لا يزال الكيان يبحث عن نصر لن يتحقق، وهو إذ يلوّح يومياً بمعركة رفح فهذا من باب الضغط على المقاومة وتحقيق إنجاز ما، في حين جبهات المساندة لغزة تصعّد في عمليات مواجهة الكيان ولا سيما جبهة جنوب لبنان، بينما باتت المنطقة بالمجمل محطّ زيارات أميركية مكوكية لاستجداء تهدئة على كل الجبهات وليس جبهة غزة فحسب بما يحفظ ماء وجه الكيان والأميركي معاً ويؤخر زمن السقوط، في وسط هذه المعطيات تسعى الصين – وعلى خطا روسيا من قبل – في محاولة منها لرأب الصدع وإنهاء الانقسام بين القوى الفلسطينية وتحقيق المصالحة.

بكين لا تملك نفوذاً داخل الساحة الفلسطينية لكن دخولها كقطب عالمي على الملف الفلسطيني من بوابة التوافق الوطني يعدّ تطوراً إيجابياً يصب في مصلحة الشعب الفلسطيني

الدور الصيني
بخلاف واشنطن تبحث بكين عن تحقيق عوامل الأمن والاستقرار في المنطقة أولاً، وبما يخدم مصالحها السياسية والاقتصادية ثانياً، وكما سعت إلى إنجاز المصالحة الإيرانية- السعودية العام الماضي، تسعى اليوم إلى إنجاز المصالحة الفلسطينية- الفلسطينية بما يركز الجهود على القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في أرضه ومقدساته بعيداً عن الانقسامات والمصالح الشخصية، ولاسيما أن الصراع مع العدو كان دائماً صراع وجود واليوم تعمّق بشكل أكبر على خلفية الهمجية الإسرائيلية والإبادة الجماعية والتطهير العرقي الذي تمارسه آلة الحرب الصهيونية على مدار أكثر من مئتي يوم.
برعاية صينية التقى وفد من حركتي «فتح» و«حماس» في بكين لبحث ملف المصالحة، وأكدت الصين أنها تدعم تعزيز حُكم السلطة الوطنية الفلسطينية، وتدعم أيضاً كل الفصائل الفلسطينية لتحقيق المصالحة وزيادة التضامن من خلال الحوار والتشاور، مجددة التأكيد أن عدم تمكن الشعب الفلسطيني من الحصول على حقوقه الوطنية المشروعة منذ زمن طويل هو المصدر للقضية الفلسطينية وجوهر قضية الشرق الأوسط»، لافتة إلى أنه لا يمكن إحلال السلام الدائم في المنطقة إلا من خلال إعادة العدالة للشعب الفلسطيني، وبالتالي فإن الصين ستكون قوة استقرار في العالم المضطرب، وستعمل مع جميع أعضاء المجتمع الدولي المحبين للسلام على تقديم مساهمات جديدة للأمن المشترك للبشرية والسلام الدائم في العالم، والعمل معاً لجعل العالم مكاناً أكثر سلاماً وأماناً وازدهاراً.
ويرى مراقبون أنه على الرغم من أن بكين لا تملك نفوذاً داخل الساحة الفلسطينية، فإن دخولها كقطب عالمي على الملف الفلسطيني من بوابة التوافق الوطني- وفي هذا الظرف الذي تنحاز فيه الولايات المتحدة بشكل مطلق إلى جانب الكيان الصهيوني في حرب الإبادة على غزة- يعد تطوراً إيجابياً يصب في مصلحة الشعب الفلسطيني، كما أن استضافة الصين بعد روسيا لحركة «حماس» تقوض المساعي الإسرائيلية والأميركية لتجريم الحركة ووضعها في مربع «الحركات الإرهابية غير شرعية».

بلينكن وهوكشتاين ونتنياهو
مجدّداً تشهد المنطقة زيارة لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن القادم من بكين، على أن يبدأها من السعودية، ورغم عدم وجود تفاصيل حول الزيارة، إلّا أنه وبحكم العادة منذ بداية العدوان على غزة باتت معروفة السياق والتفاصيل، ولا ينتظر منها أي جديد، في المقابل وبما يرتبط بالعدوان على غزة أيضاً وبجبهة الإسناد في جنوب لبنان، من المرجح أن يزور المبعوث الخاص للرئيس الأميركي جو بايدن، عاموس هوكشتاين، بيروت لـ«البحث في إمكانية احتواء الأوضاع على الحدود مع لبنان بعدما شهدت تصعيداً كبيراً في الفترة الأخيرة ومحاولة لإعادة الجميع إلى قواعد الاشتباك في ظل القناعة الأميركية بأن الهدوء في لبنان لن يتحقق قبل التوصل إلى اتفاق كبير يشمل غزة».

 بخلاف واشنطن تبحث بكين لتحقيق عوامل الأمن والاستقرار في المنطقة أولاً بما يخدم مصالحها السياسية.. والاقتصادية في المنطقة ثانياً

وذكرت صحيفة «هآرتس» أن «واشنطن رسمت خطوطاً لتحقيق بداية اتفاق حول وقف إطلاق النار وتحرير المختطفين في قطاع غزّة»، في الوقت الذي حذّرت فيه وسائل إعلام العدو من أن الأحداث في الجبهة الشمالية على الحدود مع لبنان تحوّلت إلى حرب استنزاف.
ورغم أن مثل تلك الزيارات باتت معروفة الغايات والمقاصد، كما تمّ ذكره وكلها تصب في خدمة كيان الاحتلال وإنقاذه، إلّا أن كل عمليات الإنقاذ باتت مستعصية، حتى معركة رفح لن تستطيع تقديم أي عون للكيان أو ترميم صورة الصدع الذي أصابه والذي يتسع، إذ نقلت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية عن مصادر مطلعة أنّ بنيامين نتنياهو خائف ومتوتر من احتمال صدور مذكرة اعتقال بحقه من المحكمة الجنائية الدولية، لافتة إلى أنّ نتنياهو أجرى اتصالات خاصة مع الولايات المتحدة الأميركية لمنع صدور مذكرة اعتقال من «الجنائية الدولية»، ولا سيما أن ثمة اعتقاداً بأن صدور مذكرة الاعتقال مسألة وقت وقد تشمل مع نتنياهو «وزير الدفاع» ورئيس الأركان.

نتنياهو خائف ومتوتر.. مخاوف بشأن احتمال إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق قيادات أمنية وسياسية إسرائيلية

في السياق، أشارت هيئة البث الإسرائيلية إلى أن نقاشاً عاجلاً وجديّاً جرى في مكتب نتنياهو حول المخاوف بشأن احتمال إصدار المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي مذكرات اعتقال بحق قيادات أمنية وسياسية إسرائيلية رفيعة المستوى، وهو ما كان متوقعاً، ومن المرجح أن يتم إصدار مذكرات الاعتقال على خلفية الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، إضافة إلى تصريحات دول مختلفة بشأن انتهاك «إسرائيل» القانون الدولي فيما يتعلق بأوضاع السكان المدنيين في غزة وانتهاكات اتفاقية جنيف الرابعة.

مصيدة استراتيجية
التلويح بمعركة رفح لن يعطي كيان الاحتلال أي صورة للنصر، إذ تحدثت وسائل إعلام العدو عن شكوك تواجه المسؤولين السابقين بشأن فاعلية العملية العسكرية المحتملة في رفح جنوب قطاع غزة، الأمر الذي يعكس الأزمة الاستراتيجية التي تواجهها «إسرائيل» في إدارة الحرب، كما يرى مراقبون.
وأكد الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي «الموساد» يوسي كوهين، أنّ الإعلانات الرسمية الإسرائيلية بشأن «العزم على دخول رفح قد يكون مبالغاً فيها»، في حين أعلن الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية معارضته لأي عمل عسكري في رفح من دون وجود خطة واضحة لمن سيتسلّم السيطرة على المنطقة بعد العملية، مشيراً إلى وجود مصيدة استراتيجية أعدّتها «حماس» قد تؤدي إلى كارثة يتحمّل مسؤوليتها الجانب الإسرائيلي، موضحاً أنّ هذه العملية فيها مخاطرة أعلى من كل ما فعله الجيش في القطاع، نظراً إلى حقيقة أنّ رفح مكان صعب للغاية ومزدحم للقتال، إضافةً إلى الحساسية المصرية والأميركية تجاهها.
وفي سياق المفاوضات وكما هو متوقع أكدت المقاومة الفلسطينية أنّ المقترح الإسرائيلي المقدم في المفاوضات لا يعكس تحولاً جوهرياً في الموقف، ولا يعطي إجابات واضحة على موضوع الانسحاب ووقف إطلاق النار الشامل، وأن حركة حماس ما زالت تدرس المقترح، لكن لا توجد توقعات كبيرة بقبوله إلا إذا جرت تعديلات جوهرية عليه.

نتنياهو خائف ومتوتر.. مخاوف بشأن احتمال إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق قيادات أمنية وسياسية إسرائيلية

وعن البنود المستحدَثة في المقترح الإسرائيلي بشأن مفاوضات وقف إطلاق النار، قالت مصادر: من البنود أنّ يتم الإفراج عن 20 لـ 40 مدنياً من الأسرى، و4 أو 5 مجندات أو من كبار السن العسكريين، مقابل الإفراج عن عدد من الأسرى الفلسطينيين المحكومين بالمؤبد في سجون الاحتلال، لافتة إلى أن مقترحات الاحتلال هي بنود صفقة جزئية وليست صفقة كاملة.
في ظل هذه التعقيدات تواصل جبهة الإسناد لغزة في جنوب لبنان معركة الإيلام للعدو، إذ أعلنت المقاومة اللبنانية/حزب الله استهداف مستوطنة «ميرون» والمستوطنات المحيطة ‏بعشرات صواريخ الكاتيوشا، مؤكدة أنّ هذا الاستهداف جاء رداً على اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على القرى الجنوبية والمنازل المدنية وخاصةً بلدات القوزح ومركبا وصربين.
من جهتها، أوردت وسائل إعلام العدو أنباءً عن إصابة أحد الرادارات المركزية في إحدى القواعد العسكرية، وسبقت ذلك بالكشف عن انطلاق صلية ثقيلة من الصواريخ أُطلقت نحو مستوطنات جبل ميرون بينها «سفسوفا» و«هاغنو» و«كفار حوش» و«بار يوحاي».

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار