باحثة اقتصادية: سياسات الحماية الاجتماعية أكثر من مكافحة الفقر.. هي استثمار برأس المال البشري
تشرين – ماجد مخيبر:
ساهمت الحرب، التي تعرضت لها سورية، في جعل الوضع المعيشي للناس أكثر هشاشة ومن هنا تبرز برامج الحماية الاجتماعية كإحدى الآليات الرئيسة للمساعدة في بناء القدرة على الصمود وتحسين سبل العيش وضمان نوع من أمن الدخل .
الدكتورة رشا سيروب استاذة بكلية الاقتصاد الثالثة بجامعة القنيطرة خلال محاضرة نظمتها جمعية أصدقاء دمشق بعنوان «الحماية الاجتماعية في سورية.. تحديات وتوصيات» عرفت الحماية الاجتماعية بأنها عبارة عن السياسات والبرامج التي تضمن مستوى معيشياً لائقاً وتوفر فرص العمل وتحسن الإنتاجية، وبالتالي فهي استثمار برأس المال البشري يأخذ في الاعتبار الرعاية الصحية وحماية المسنين والمعوقين والعجزة طوال فترة حياتهم من الطفولة إلى الكهولة .
وفي تصريح لـ”تشرين” بينت سيروب أن دور سياسات الحماية الاجتماعية هو تقليل التفاوت وإنقاذ جميع السكان وخاصة الفئات الأكثر فقراً وهشاشة.
واقع الحماية الاجتماعية سيروب أشارت خلال محاضرتها إلى أنه مادام في الماضي اعتمد تقدیم الخدمات العامة المتصلة بالتأمين الاجتماعي والمساعدة الاجتماعیة والرعایة الصحیة في سورية، على عقد اجتماعي ضمني بين المواطنين والمؤسسات العامة وهو ما يتوافق مع ما ورد في دستور البلاد 2012 المادة 22 والمادة 25 ، حيث تكفل الدولة كل مواطن وأسرته في حالات الطوارئ والعجز واليُتم والشيخوخة، و”تحمي الدولة صحة المواطنين وتوفر لهم التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية التي تشكل أركاناً أساسية لبناء المجتمع، وتعمل الدولة على تحقيق التنمية المتوازنة بين كل مناطق الجمهورية العربية السورية.
أما عن برامج الحماية الاجتماعية المطبقة ، فكشفت سيروب أنها تتوزع بين مساعدات اجتماعية تشمل دعم السلع والتحويلات الاجتماعية والتحويلات النقدية التي تضم الصندوق الوطني للمعونة الاجتماعية ومصارف التمويل الأصغر وهيئة دعم أسر الشهداء وذوي الإعاقة، وبين التأمين الاجتماعي الذي يشمل معاش الشيخوخة التقاعدي ومعاش العجز والإجازة المرضية المدفوعة الأجر ومعاش إصابة العمل والأمومة، كما تتضمن تلك البرامج الرعاية الصحية، مؤكدة أن الصندوق الوطني للمعونة الاجتماعية هو الجهة الوحيدة المعنية بوضع وتنفيذ برامج المعونات التي تستهدف الفئات الفقيرة والهشة، حيث يعمل على تعزيز تنمية رأس المال البشري وتقديم معونات دورية أو طارئة، وتمكين المستفيدين اقتصادياً واجتماعياً وصحياً وتعليمياً.
الحماية الاجتماعية المنشودة
وفيما يتعلق بالحماية الاجتماعية المنشودة في سورية، اقترحت سيروب أن يكون هناك معاش تقاعدي يشمل تحويل نقد شهرياً غير مشروط يغطي الاحتياجات الأساسية لجميع الأفراد الذين تزيد أعمارهم على 60 عاماً باستثناء من هم ضمن أغنى 20 في المئة، وتقديم منحة إعاقة عبارة عن تحويل نقدي شهري غير مشروط يغطي خط الفقر الوطني، يمثل معاشات التقاعد والتأمينات الاجتماعية لجميع الأفراد من كل الأعمار المصنفين من ذوي الإعاقة الشديدة، إضافة إلى تقديم منحة الطفل التي تشمل تحويل نقد شهرياً غير مشروط بقيمة 60 في المئة من خط الفقر الوطني لجميع الأطفال دون سن 6 سنوات، باستثناء من هم ضمن أغنى 20 في المئة.
ومن المقترحات أيضاً منحة التعليم وهي عبارة عن تحويل نقدي شهري مشروط تم اختباره من الأثرياء بقيمة 60 في المئة ويستهدف الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و17 عاماً بشرط الحضور إلى المدرسة، ومنحة المرأة المعيلة للأسرة من خلال تحويل نقدي شهري مشروط تم اختباره من الأثرياء يغطي الاحتياجات الأساسية، ويستهدف النساء ربّات المنازل والمعيلات لأسرهن بشرط الحضور إلى دورات تأهيل وتمكين أو الحصول عل مستوى تعليمي أعلى.
التوصيات والمقترحات
تلفت الباحثة أنه یحق الآن للجزء الأكبر من السكان الحصول على المساعدة الاجتماعیة، غير أن العجز في الموارد المتوفرة یستدعي تحدید الأولویات، فسورية لا تفتقر إلى الموارد اللازمة للقضاء على الفقر، بل تفتقر إلى الأولويات الصحيحة، وتوسيع نطاق الحماية الاجتماعية، وزيادة فرص الوصول إلى شبكات الأمان الاجتماعي.