تساؤلات ملحّة قبل مقاربة “الملف المُحرج”.. خبير اقتصادي يقترح إحداث جهة حكومية حيادية تتصدى للمهمة الصعبة

دمشق – تشرين:
في الكثير من الدول يعدّ الدعم سياسة أساسية لتحقيق العديد من الأهداف الاقتصادية والاجتماعية منها: حماية ذوي الدخل المحدود، الحد من تقلبات أسعار السلع الأساسية، دعم استقرار الأسعار، دعم الإنتاج والمنتجين، ورفع القدرة التنافسية للقطاعات الإنتاجية المحلية.
ونتيجة لارتفاع أسعار السلع الأساسية وانخفاض الدخل الحقيقي والانعكاسات السلبية على معدلات الفقر، اقتضى توسيع نطاق السلع والخدمات التي يشملها الدعم الحكومي.

يوسف: هناك إجماع على المستويات كلها، على مبدأ الدعم وضرورته، لكن الجدل مازال مستمراً حول كيفية إعادة هيكلته وإصلاح آلياته الحالية

يشير الدكتور مظهر يوسف أستاذ الاقتصاد في جامعة دمشق إلى أن الواقع الفعلي برهن على أن الاستمرار بسياسة الدعم الحكومي على المدى الطويل، يرتب جملة من التشوهات، تتمثل في تشجيع استهلاك السلع والخدمات التي يشملها الدعم، التشوهات السعرية، تشجيع التهريب، وفي ضوء التحديات المالية أصبح من الصعب الاستمرار في تمويل التكاليف المرتفعة لبرامج الدعم، الأمر الذي اقتضى إعادة النظر في سياسات الدعم الحكومي والتوجه لضبط وترشيد الدعم وإعادة توجيهه للفئات المستحقة له وإعادة هيكلته من خلال الانتقال إلى وسائل بديلة أكثر كفاءة وتركيزاً لإيصاله للفئات المستهدفة.

إجماع على المبدأ
وفي سورية هناك إجماع على المستويات كلها على مبدأ الدعم وضرورته، إلّا أن الدكتور يوسف يضيف خلال حديثه لـ”تشرين”، أن الجدل مازال مستمراً حول كيفية إعادة هيكلة الدعم وإصلاح آلياته الحالية التي يشوبها الكثير من الهدر والفساد، فهل ندعم المواطن أم السلعة؟.. من هي الفئات الحقيقية المستحقة للدعم؟ … هل نبقي الدعم العيني أم نتوجه إلى الدعم النقدي؟ … وغيرها من الأسئلة.

نقطة جوهرية
ومن خلال تحليل هذا الملف يتبين وجود نقطة جوهرية، وهي تشتت هذا الموضوع وتعدد المؤسسات والجهات المسؤولة عنه، يعددها الدكتور يوسف: وزارة الاتصالات والتقانة، وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، وزارة النقل، وزارة المالية، وزارة النفط، وزارة الكهرباء.. وغيرها، حيث لكل جهة مقاربة تختلف عن الجهة الأخرى، فمقاربة البعض تقوم على الدعم الاستهلاكي، والبعض الآخر تقوم مقاربته على الدعم الإغاثي.. فإذا ما أضفنا تدخل النقابات التي ترى في دفاعها عن منتسبيها بأن جميعهم يستحقون الدعم فسوف يتعقد الملف.

هل ندعم المواطن أم السلعة.. ومن هي الفئات الحقيقية المستحقة للدعم.. وهل نبقي الدعم العيني أم نتوجه إلى الدعم النقدي؟

أسئلة منطقية
كل ما سبق يقودنا إلى طرح العديد من الأسئلة حسب الدكتور يوسف، وهي:
من هي الجهة الحكومية التي سوف تدرس هذا الملف بحيادية وتضع أسسه ومعاييره، وتحدد أسلوبه، برنامجه الزمني، تحديد الشرائح المستهدفة … إلخ؟.
وهل يمكن من خلال اجتماع أو لجنة أو تطبيق معالجة الملف بهذا الحجم؟ .. كيف تتم معالجة المتغيرات المستمرة في بيانات المستحقين وغير المستحقين للدعم ؟.
وأيضاً يمكن السؤال: هل الجهات المعنية متفرغة لهذا الملف، أم لديها ولدى أعضائها مهام أخرى؟
ومن هي الجهات التي ستكون مسؤولة عن توفير وإدارة البيانات المتعلقة بالمستفيدين من كل ذلك؟

بنية مركزية
ما سبق يقودنا وقبل البدء بمعالجة هذا الملف، يضيف يوسف، إلى ضرورة وجود بنية مؤسساتية مركزية واحدة (هيئة مثلاً)، قادرة على إدارة المشروع وتنفيذه، وخاصة أن هذا الملف طويل ومستمر، وبالتالي من خلال هذه البنية المؤسساتية يمكن أن نحقق إعداد رؤية شاملة لملف الدعم ودراسته من جميع جوانبه، بدلاً من تحيز كل جهة لوجهة نظرها، وكذلك رفع الرؤية السابقة الى الجهة صاحبة القرار بالدعم، ما يؤدي أيضاً إلى وجود مرجعية واحدة للتنسيق بين مختلف الجهات.
كما يجب إدارة الملف ومتابعة مراحل التنفيذ، وتوفير قاعدة بيانات دقيقة وموحدة لملف الدعم لدعم صناع القرار عند اتخاذ أي قرار.
متسائلاً؛ قبل الختام ما هو مصير ودور الصندوق المعدل للأسعار الذي تم إحداثه بالمرسوم التشريعي رقم /10/ لعام 1980، ومن أولى مهامه حسب المادة /2/ الفقرة /آ/: دعم أسعار المواد والسلع التي تقرر اللجنة الاقتصادية بيعها بأقل من التكلفة، وذلك بحدود الاعتبارات المرصودة في الميزانية العامة للدولة للعجز التمويني.
وختم يوسف حديثه لـ”تشرين” بالقول: إن وجود مثل هذه البنية المؤسساتية هو شرط لازم، ولكن غير كاف لوضع هذا الملف على السكة الصحيحة، لكنه يشكل الخطوة الصحيحة الأولى.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
في ذكرى تأسيس وزارة الثقافة الـ 66.. انطلاق أيام الثقافة السورية "الثقافة رسالة حياة" على سيرة إعفاء مدير عام الكابلات... حكايا فساد مريرة في قطاع «خصوصي» لا عام ولا خاص تعزيز ثقافة الشكوى وإلغاء عقوبة السجن ورفع الغرامات المالية.. أبرز مداخلات الجلسة الثانية من جلسات الحوار حول تعديل قانون حماية المستهلك في حماة شكلت لجنة لاقتراح إطار تمويلي مناسب... ورشة تمويل المشروعات متناهية الصغر ‏والصغيرة تصدر توصياتها السفير آلا: سورية تؤكد دعمها للعراق الشقيق ورفضها مزاعم كيان الاحتلال الإسرائيلي لشنّ عدوان عليه سورية تؤكد أن النهج العدائي للولايات المتحدة الأمريكية سيأخذ العالم إلى خطر اندلاع حرب نووية يدفع ثمنها الجميع مناقشة تعديل قانون الشركات في الجلسة الحوارية الثانية في حمص إغلاق الموانئ التجارية والصيد بوجه ‏الملاحة البحرية.. بسبب سوء الأحوال الجوية صباغ يلتقي بيدرسون والمباحثات تتناول الأوضاع في المنطقة والتسهيلات المقدمة للوافدين من لبنان توصيات بتبسيط إجراءات تأسيس الشركات وتفعيل نافذة الاستثمار في الحوار التمويني بدرعا