المراعي الخضراء حسّنت حالة المواشي الصحيّة وزادت إنتاجيتها من الحليب
السويداء- طلال الكفيري:
أدى توافر المراعي الخضراء اللازمة للمواشي إلى تحسن حالة المواشي الصحيّة التي تدهورت فيما مضى من سنين لعدم توافر هذه المراعي بالشكل الأمثل، إضافة لزيادة مردوديتها الإنتاجية من الحليب بخلاف السنين الماضية.
إلّا أن هذه المردودية، وحسب ما أشار عدد من المربين في السويداء لـ” تشرين” لم تحقق وللأسف أي ريعية ربحية لهم، لكون الرابح الأكبر من هذه المعادلة ما زال تجار الحليب، فخلال السنين الماضية كان قسم كبير من الإنتاج يورّد إلى وحدات التصنيع الغذائي المحدثة في قرى وبلدات السويداء، بأسعار تتوافق إلى حدٍّ ما مع تكاليف الإنتاج المترتبة على المربّي، وأمامها يبقى ميزان بيعه غير خاسر على الإطلاق، إلّا أن رياح هذه الوحدات جرت بما لا يشتهي المربون، بعد أن توقف أغلبها عن الإنتاج، لعدم توافر حوامل الطاقة، الأمر الذي وضع المربين أمام خيار واحد وهو البيع للتجار بالسعر الذي يفرضه التاجر وليس المربي، وبما لا يتناسب مع تكاليف الإنتاج المترتبة على المربين، فتكلفة إنتاج الكيلو الواحد من الحليب تبلغ 4 آلاف ليرة، ومبيعه للتاجر لا يتجاوز سقفه 5 آلاف ليرة، ليقوم التاجر ببيعه للمستهلك بـ 8 آلاف ليرة. والسؤال الذي يفرض نفسه: هل يعقل أن من يتعب ويشقى -وهو المربي- لا تتجاوز أرباحه ألف ليرة، بينما تكون أرباح التاجر 3 آلاف ليرة؟
إذاً حسابات الإنتاج بالنسبة للمربين لم تعد تطابق حسابات مبيع منتجهم من الحليب، وخصوصاً في ظل استمراريتهم بشراء الأعلاف الجافة لمواشيهم بأسعار مرتفعة، ناهيك عن غلاء الأدوية البيطرية، فسعر علبة الدواء الواحدة الخاصة بالالتهاب تتجاوز الـ 100 ألف ليرة، إضافة لارتفاع أسعار القشّات الخاصة بالتلقيح، والمضاف إليها أجور الأطباء البيطريين، وخاصة أن “الكشفية” تفوق 75 ألف ليرة، ليخرج المربون في نهاية المطاف من المعادلة الحسابية من المولد بلا حمص.
أحد التجار أوضح لـ”تشرين” أن رفعهم لأسعار الحليب مردّه لارتفاع أجور نقله من أماكن تواجد المربين إلى معاملهم الكائنة أو محالهم الكائنة في مدن المحافظة التي تجاوز سقفها 400 ألف ليرة، ولاسيما أنهم يضطرون في كثير من الأوقات لشراء المازوت من السوق السوداء بأسعار مرتفعة.
إذاً وبهدف الحفاظ على ديمومة الثروة الحيوانية، يطالب المربون بضرورة إحداث معمل للألبان والأجبان على ساحة المحافظة كي يتمكنوا من تصريف إنتاجهم من مادة الحليب، وبالتالي التخلص من استغلال التجار لهم.
وفي هذا الصدد، بيّن مدير زراعة السويداء المهندس أيهم حامد لـ”تشرين” أن الغطاء النباتي الجيد هذا الموسم أدى إلى تحسن واقع الثروة الحيوانية، وبالتالي زيادة إنتاجها من مادة الحليب، حيث يبلغ إنتاج المحافظة السنوي من الحليب نحو 80 ألف طن، وهذه الكمية يتم تسويقها ضمن المحافظة، وأغلبها يذهب للتجار لضعف القدرة الشرائية لدى عدد كبير من الأهالي، وانعدام المنافذ التسويقية لهذه المادة على ساحة المحافظة، وبالمجمل باتت تربية المواشي في الآونة الأخيرة تندرج تحت بند تحقيق الاكتفاء الذاتي، وخصوصاً في ظل ارتفاع أسعار الحليب ومشتقاته من الألبان والأجبان في السوق المحلية.
ولفت حامد إلى أن تعداد الثروة الحيوانية، وفق إحصائية المديرية الأخيرة من الأبقار والأغنام والماعز، وصل إلى نحو 756 ألف رأس، منها 600 ألف رأس من الأغنام ، و16 ألف رأس من الأبقار، و150 ألف رأس من الماعز.