لا يزال الخوف من الهزات مرافقاً للبعض.. وباحثة اجتماعية تدعو لتعزيز الثقة وتثقيف النفس
اللاذقية- سراب علي:
على الرغم من تعايش الكثيرين من أبناء اللاذقية مع الهزات الخفيفة التي تحدث بشكل متباعد بين الحين والآخر، والتي لا نشعر بها لضعف شدتها، لا يزال القلق والخوف مرافقاً البعض منهم لناحية حدوث زلزال كما حدث العام الماضي، وهذا القلق مرده بالطبع إلى حجم الأذى الذي أصاب الكثيرين سواء لناحية فقد أشخاص أو فقد المنازل وتصدع منازل وحرمان أهلها من السكن فيها، ناهيك بأن بعض المنازل المتصدعة لا تزال مأهولة بأهلها ولم يستطع أصحابها تدعيمها كما يجب لأن تكلفتها مرتفعة، وهذا غير ممكن بالنسبة لهم مع ارتفاع الأسعار و الظروف المعيشية الصعبة.
خوف وقلق
أشار عدد من المواطنين ل”تشرين” إلى أنهم يسكنون في الطوابق العالية، حيث يشعرون بالهزات الخفيفة أحياناً وهذا يولد لديهم قلق دائم من ازدياد شدة الهزات رغم أنهم يتابعون تحليل الاختصاصيين في هذا المجال والذين يطمئنون الناس ويؤكدون عدم حدوث زلزال قوي، كالذي حدث العام الماضي في منطقتنا.
بينما أكد مواطنون قاطنون في المساكن المسبقة الصنع في منطقة الغراف في مدينة اللاذقية التي وزعتها عليهم المحافظة بالتعاون مع الهلال الأحمر الإماراتي بعد تهدم منازلهم بفعل الزلزال أنهم يشعرون بالأمان ولا يخشون على أطفالهم بعد السكن في مساكن أرضية وإن حصلت الهزات فهم لا يشعرون بها ولا تشكل قلقاً لهم.
عدم السكن في الأبنية المتصدعة
وفي السياق ذاته، يتابع وبشكل مستمر الفريق الوطني لعلوم الفضاء وفيزياء الفلك دراساته وأبحاثه في مجال الزلازل كما أكد رئيس الفريق باسل سلطان في تصريحه ل ( تشرين )، مبيناً أن الفريق الوطني يقوم باستمرار بدراسة الهزات المتوقعة والتي شدتها من الوسط إلى دون الوسط في المنطقة الساحلية إلا إذا حدث شذوذ بالنماذج التي نراها وهذا شيء مستبعد لكنه وارد.
وأشار سلطان إلى أن الزلزال الذي يمكن أن يكون أشد، شدته بين الوسط إلى فوق الوسط بقليل، إذ يمكن أن يكون على فالق البحر الأحمر مع تحرر بعض الضغوط التي حررتها هذه الهزات، ولكن الأمر كله طبيعي، لافتاً إلى أن التحذير دائماً يكون من السكن في الأبنية المتصدعة والتي فيها ضعف.
لا بد من امتلاك الحكمة
بدورها، ذكرت الباحثة في القضايا النفسية والاجتماعية الدكتورة سلوى شعبان أن الخوف والقلق شعور طبيعي لدى البشر وفق الاستجابات الشعورية والعاطفية لما يجري حولنا من أحداث اجتماعية وتغيرات جيولوجية وكوارث طبيعية خطيرة بما تحمله من هول ورعب يجبرنا لأخذ الحيطة والحذر والتسلح بالكثير من الإجراءات الوقائية التي تحمينا في حال تعرضنا لكارثة معينة، وهنا لابد من امتلاك القوة والحكمة وتعلم التصرف الأصح في حماية أطفالنا وأولادنا وعائلاتنا.
ولفتت الباحثة الاجتماعية إلى أنه من الواجب علينا جميعاً تثقيف أنفسنا بالاطلاع على الإجراءات الصحيحة في حال حدوث أي كارثة وتعزيز ثقتنا بأنفسنا وإيماننا القاطع بأقدارنا، ومتابعة الباحثين والخبراء الذين يشرحون ويفصلون لنا علمياً وجيولوجياً عن هذه الظاهرة بعيداً عن الإشاعات التي زرعت ونشرت رعباً لا مبرر له كل فترة والتي صنعت عبر الذكاء الاصطناعي لشخص ادعى أنه عالم ولديه تنبؤات عن الموضوع متى سيحدث الزلزال؟ بالتوقيت والزمان والمكان، وهذا شبه مستحيل لأن ذلك يعتمد على دراسات طويلة معتمدة على علم وخبرة وتحليل للمناطق تلك.
ونصحت شعبان الجميع بترك المنازل التي تصدعت أو حدث فيها خلل ما أو شرخ أو كسر بأحد الأجزاء والمقامة في أراضي انزلاقية هشة، وتابعت: لن ننسى أن هناك فِرقاً هندسية فنية قامت بالكشف على أبنية مناطق الزلزال وأعطت تقاريرها التي صرحت بها عن صلاحية هذه الأبنية، لذلك مطلوب منا الحذر والانتباه وحضور بعض المحاضرات ولجميع أفراد العائلة التي تقدم الدعم نفسي وهذا ما قامت وتقوم به الكثير من المؤسسات والجمعيات الأهلية في سورية في مناطق عدة، ومراجعة أي استشاري نفسي يعد قوة وتدريباً لتجاوز الضعف والخوف، وهذا واجب من الأهل تجاه أبنائهم إضافة لما تقدمه المنظومة الأسرية ضمن الحماية والوعظ والتربية، فلنكن أقوياء بوعينا وحرصنا على هذه الإجراءات لنعيش بسلام وأمان.