قبل فوات الأوان
ما زالت مشكلة نقص مياه الشّرب قائمة في بعض مناطق محافظة طرطوس، فهي تعاني العطش الشّديد وخاصة في فصل الصّيف، بعد نفاد مخزون المياه لديها ومصدره مياه الأمطار شتاء، ما يضطرها إلى شراء صهاريج بمبالغ مالية خيالية.
جهود كبيرة تبذلها مؤسسة مياه الشرب لإيصال المياه لكل قرية، وذلك عن طريق حفر المزيد من الآبار الارتوازية الداعمة للمصادر المائية.
استراتيجية باتت هي الحل الوحيد (على ما يبدو) في مختلف أرجاء المحافظة، تُخصص لها مبالغ كبيرة من موازنة المؤسسة، على الرغم من الآثار السلبية التي تخلفها زيادة حفر الآبار الارتوازية، وأهمها انخفاض مستوى المياه الجوفية وبالتالي نفاد المصادر المائية الجوفية.
بالمقابل ملايين الأمتار المكعبة من المياه تضيع هدراً في الأودية والأراضي وصولاً إلى البحر من دون أن نستفيد من قطرة ماء منها، حتى مياه السدود التي تصل كل عام للتخزين الأعظمي، ومنها سد الصوراني الذي يخزن سنوياً 3 ملايين متر مكعب من المياه، ومُنجز منذ عشرات السنين، لم تتم الاستفادة من مياهه حتى لأغراض الزراعة، بسبب تلوث الصرف الصحي والحاجة الماسة لإقامة محطة معالجة لرفع التلوث عنه، وكذلك حال سد الدريكيش.
وخلال العام الماضي لم يُخصص لشركة الصرف الصّحي أي مبلغ من الموازنة المشتركة بينها وبين شركة المياه والمقدرة بـ ٢٠ ٪ منها، وهذا أُوقفت أعمال شركة الصرف الصّحي ومحطات المعالجة كلها، وخلال هذا العام خُصصت كما علمنا أربعة مليارات ليرة لشركة الصرف الصّحي لمتابعة المشاريع المباشر بها وهو مبلغ قليل جداً مقابل الأعمال الكبيرة المطلوبة لرفع التلوث عن مياه السدود، والتي يجب أن تكون ومنذ سنوات المصدر الرئيس للقرى المحيطة بها، وبالتالي إنهاء حالة العطش التي تعيشها.
اليوم نحتاج إلى التخطيط السليم والتنفيذ السريع للاستفادة من كل قطرة ماء قبل وصولها للبحر، وأن نضع السدود التي صُرفت عليها المليارات بالاستثمار، لا أن تبقى مجرد إحصائية لمياه راكدة.
ولماذا لا نستفيد من تجارب الدول الصديقة؟
ففي العاصمة الإيرانية طهران والمعروفة بأمطارها وثلوجها الغزيرة، كل نقطة ماء تتساقط فوق أراضيها يتم استغلالها عبر إنشاء مصارف مطرية على جوانب الطرقات، تنتهي إلى بحيرة اصطناعية تتم الاستفادة منها صيفاً في ري المزروعات.
فهل ندق ناقوس الخطر لاستغلال كل قطرة ماء قبل فوات الأوان؟