زيارة غالانت إلى واشنطن والهجوم «الحتمي» على رفح.. كيف ستحسبها أميركا؟.. جبهات إسناد المقاومة وإرهاق المحتل ميدانياً واقتصادياً
تشرين- هبا علي أحمد:
لا يريد كيان الاحتلال الإسرائيلي النزول عن الشجرة ولا يريد من يُنزله عنها، ما يريده دماء ومجازر وحشية والمزيد منها متنقلاً من غزة إلى رفح التي على ما يبدو أن معركتها قائمة لا محالة، ولأنها قائمة يُخطئ من يصدق أن الضغوط الأميركية لم تنجح للحيلولة دونها، لأن واشنطن تضغط باتجاهها وليس العكس وربما تبدأ بعد انتهاء زيارة وزير الحرب لدى الاحتلال يوآف غالانت إلى واشنطن على رأس وفد إسرائيلي، فالولايات المتحدة لم تلغِ احتمالية شن الكيان عملية عسكرية في رفح، والأكثر من ذلك أن ما عدّه البعض ضغطاً أميركياً على الكيان من خلال تقديم مشروع أميركي في مجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق النار، اتضحت حقيقته أمس الأول، فهو مشروط وهذه الشروط تقع على المقاومة الفلسطينية، كما أنه لا يدعو إلى وقف دائم لإطلاق النار.
– غزة وجبهات الإسناد
ولأن جبهات الإسناد لغزة تدرك الواقع المذكور آنفاً تماماً فإنها لم ولن تتراجع عن خطواتها في الدعم والمساندة لغزة قيد أنملة، وعن وإرهاق المحتل حتى آخر نفس، إذ واصلت المقاومة العراقية استهداف المراكز والمنشآت الحساسة داخل كيان الاحتلال الإسرائيلي، فبعد مطار «بن غوريون» ومحطة توليد الكهرباء في «تل أبيب» أعلنت اليوم استهدافها مبنى مقر وزارة الحرب الصهيونية داخل الكيان بطائرات مسيّرة، وذكرت المقاومة في بيانها، أنّ العملية النوعية تأتي استكمالاً للمرحلة الثانية التي ستتصاعد في شهر رمضان، دعماً لأهالي غزة.
يُخطئ من يصدق أن الضغوط الأميركية هدفها الحيلولة دون معركة رفح لأن واشنطن تضغط باتجاهها وليس العكس وربما تبدأ بعد انتهاء زيارة غالانت إلى واشنطن
وسبق هذا الاستهداف، إعلان الأمين العام لـ«كتائب سيد الشهداء» أبو آلاء الولائي، أنّ المقاومة العراقية ستستهدف موانئ الاحتلال وطائراته ومصافي النفط في المتوسط.
أما جبهة شمال فلسطين المحتلة- لبنان- فهي أكثر جبهة تشغل العدو ولا سيما أنه بات معها تحت عين المقاومة وأثرت في العامل البشري حيث فرغت مستوطنات الشمال من مستوطنيها، إذ أعلنت المقاومة اللبنانية- حزب الله، استهداف القاعدة الصاروخية والمدفعية في «يوآف» وثكنة «كيلع» «مقر قيادة الدفاع الجوي والصاروخي» حيث كانت تتدرب قوة من «لواء غولاني»، بعد عودتها من قطاع غزة، وذلك بأكثر من ستين صاروخ كاتيوشا.
وذكر بيان المقاومة أنّ هذا الاستهداف جاء رداً على قصف أحد الأماكن في مدينة بعلبك، ودعماً للشعب الفلسطيني الصامد في قطاع غزة وإسناداً لمقاومته الباسلة والشريفة، في حين ذكرت وسائل إعلام العدو أنّ نحو 50 صاروخاً أُطلقت من لبنان باتجاه هضبة الجولان، وتم اعتراض 4 منها فقط.
– غالانت وواشنطن
أما كيان الاحتلال وواشنطن فلا يزالان عالقين في رفح وفي معضلة القضاء على «حماس» مع عرقلة دائمة للمفاوضات، ولا تزال مسألة «اليوم التالي» على الطاولة والتي على ما يبدو أنه أضيفت إليها مسألة قد تكون متعلقة بمستقبل نتنياهو رغم أن الموضوع لم ينضج بعد، وبناء على ما تقرر الأسبوع الفائت من زيارة وفد إسرائيلي إلى واشنطن لإجراء محادثات ثنائية بين واشنطن و«تل أبيب»، يحط وزير حرب العدو يوآف غالانت في واشنطن ليستعرض خطة «اليوم التالي» لانتهاء الحرب في قطاع غزة، أمام إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، على أن يتبعه وفد إسرائيلي آخر يترأسه مستشار «الأمن القومي» تساحي هنغابي، ووزير «الشؤون الاستراتيجية» رون ديرمر مع ممثل عن جيش الاحتلال، لمناقشة التحرك العسكري في مدينة رفح جنوب غزة.
جبهات الإسناد لم ولن تتراجع عن خطواتها في الدعم والمساندة لغزة وأهلها وإرهاق المحتل حتى آخر نَفَس
والواضح أن معركة رفح تنتظر إشارة من واشنطن وعلى ما يبدو أن هذه الإشارة ستكون في جعبة غالانت بـ«نعم أو لا» مع ترجيح «نعم» وبانتظار ما ستنتهي إليه الزيارة، كان لافتاً ما صرح به جنرال إسرائيلي بأن «مسؤولي الجيش الإسرائيلي يعلمون أننا لن نقاتل في مدينة رفح جنوب قطاع غزة إذا قال الأميركيون لا» .
– الاحتلال وصورته واقتصاده
على أن كل المقامرات التي يقدم عليها كيان الاحتلال لن تستطيع أن تخفف من قلقه على صورته العالمية التي باتت اليوم في الحضيض وهذا القلق يتفاقم مع استمرار عدوانه على غزة، إذ أظهرت وثيقة داخلية لوزارة الخارجية الأميركية أن إدارة بايدن «قلقة من أن إسرائيل ترتكب خطأ استراتيجياً كبيراً في حرب غزة»، لافتة إلى أن كلاً من الولايات المتحدة و«إسرائيل» تواجهان مشكلة مصداقية كبيرة بعد العمليات العسكرية في غزة، مؤكدةً أن نشاط الجيش الإسرائيلي في غزة لا يحظى بشعبية في جميع أنحاء العالم.
من جانبها، كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية عن قلق مسؤولين في حكومة الاحتلال على صورة «إسرائيل» أمام الرأي العام العالمي مع تزايد حدّة الاتهامات ضدها عالميّاً، مؤكدين أنها «لم يسبق أبداً أن كانت بهذا السوء».
واشنطن وكيانها لا يزالان عالقين في رفح وفي «معضلة القضاء على حماس» مع عرقلة دائمة للمفاوضات.. ولا تزال مسألة «اليوم التالي» على الطاولة
في لغة الاقتصاد، تحدثت تقارير إعلامية واقتصادية عن خسائر اقتصاد الكيان العالية والباهظة سواء لجهة تكلفة تمديد الخدمة للجنود النظاميين والاحتياط، التي تتراوح بين 7 إلى 13 ألف دولار شهرياً لكل جندي، أو لجهة تكلفة إعفاء «الحريديم» من الخدمة الإلزامية، إضافة إلى تكلفة الخسارة في المشاريع التجارية والممتلكات والتي تقدّر بنحو 6 مليارات دولار حتى اليوم، من بينها نحو 300 مليون دولار عند الحدود الشمالية، التي توجد صعوبات في تقدير الأضرار فيها بدقة الآن.
وأشارت التقارير إلى أن الخسائر الاقتصادية طالت المستوطنات شمال فلسطين المحتلة، ولا سيما في القطاع الزراعي، وإسوة بالشمال تعيش أيضا المستوطنات جنوب فلسطين المحتلة واقعاً اقتصادياً سيئاً بسبب الحرب، عبّر عنها في أوضح صورة واقع مرفأ «إيلات» الذي أعلنت إدارته عن نيتها إقالة نحو نصف عمالها بعد أن هبطت إيرادات المرفأ بأكثر من 80 %.
– يوميات العدوان والتصدي له
كثّف الاحتلال الإسرائيلي استهدافاته على مناطق خان يونس كلها بالتزامن مع محاولات التقدّم البري فيها، إذا نفذّ طيران الاحتلال أكثر من 50 غارة على المناطق الجنوبية والجنوبية الشرقية للمدينة وذلك إلى جانب إطلاق المروحيات الإسرائيلية النار، مع شن أحزمة نارية، إضافة إلى تعرّض محيط مجمع ناصر الطبي لقصف مدفعي، في المقابل خاضت المقاومة الفلسطينية اشتباكات عنيفة مع قوات جيش الاحتلال وآلياته المتوغِلة في محيط مسشتفى ناصر، وذلك في إطار تصديها للتوغل الإسرائيلي البري.
الولايات المتحدة و«إسرائيل» تواجهان مشكلة مصداقية كبيرة بعد العمليات العسكرية في غزة.. وصورة «إسرائيل» أمام الرأي العام العالمي لم يسبق أبداً أن كانت بهذا السوء
وفي رفح جنوب القطاع، انتُشلت جثامين 6 شهداء وعدد من الجرحى من تحت الركام بعد أن قصف الاحتلال منزلاً في شارع الفلوجة، وأطلقت زوارقه الحربية نيرانها الثقيلة بكثافة باتجاه شاطئ رفح.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على القطاع إلى 32 ألفاً و226 شهيداً و74 ألفاً و518 جريحاً منذ السابع من تشرين الأول 2023.
– للتنويه
مخططات الاحتلال الخطرة التي تمّ الحديث عنها وعادت إلى الواجهة مع بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، تبدأ تباعاً، إذ صدّق وزير المالية في حكومة على مصادرة 8 آلاف دونم في غور الأردن واعتبارها أراضي «إسرائيل» مُخصّصة لبناء مئات الوحدات السكنية في مستوطنة «يفيت».