معايدة بالمراسلة
تصدرت وسائل التواصل الاجتماعي معايدات ست الحبايب لهذا العام، وغصّت الصفحات بصور الأمهات مذيلة بأجمل العبارات مع الأمنيات بالصحة والعافية والعمر الطويل وعبارات الرحمة والاشتياق للمتوفيات.
أمهات جاء عيدهن وأبناؤهن غادروا حضنهن الدافئ إلى بلاد الغربة لمتابعة تحصيلهم العلمي وتدبر شؤؤن حياتهم، وطالت غربة البعض منهم وجاءت معايدتهم عبر هذه التكنولوجيا التي قربت البعيد، ولكنها تفتقر إلى الحياة والروح، وتحوّل هذا العيد من لمة للعائلة وما تحمله هذه اللمة من معانٍ إنسانية جميلة إلى مجرد اتصال أجوف، وسط دموع الأمهات وقلوبهن المشتاقة لضم الأبناء وشم رائحتهم.
حتى الأبناء الأكثر قرباً لأمهاتهم والقاطنين في محافظات أخرى، لم يتمكنوا من تقديم المباركات لأمهاتهم في عيدهن إلا عبر الهاتف، فظروف الحياة الصعبة وأجور النقل المرتفعة حالت دون تواجدهم مع أمهاتهم في عيدهن.
أما الأسواق فحدث ولا حرج من الحملة الدعائية وصولاً للإعلان عن تخفيضات بمناسبة عيد الأم، ولكن هذه الإعلانات لم تتجاوز الدعاية فقط، فجنون الأسعار طال كل شيء و ما التخفيضات إلا وهم، وخاصة هدايا الأدوات الكهربائية التي باتت تكوي القلوب قبل الجيوب، والألبسة أسعارها ليست بأحسن حال، والعطور و…إلخ.
فغابت هدايا عيد الأم واقتصرت على هدية عينية بمبالغ بسيطة، تكريماً لأم انتظرت أولادها بقلب مليء بالمحبة بمجرد تذكرهم لها، وأنها ما زالت حيّة تنتظر لمّتهم حولها واجتماعهم وسط أجواء عامرة بالمحبة والمجادلة المحببة بين الإخوة على سفرة عامرة بما لذّ وطاب، وما هذه الأمنيات إلا ذكريات جميلة طواها الدهر (عيد وبأي حال عدت يا عيد).
وتبقى هذه الأمنيات قائمة على أمل أن تعود الأعياد كما كانت محملة بكل ما هو جميل وبعيدٍ يليق بأمهاتنا اللواتي قدمن وما زلن البركة والحياة لكل يوم ولكل عيد.