في الكيان يتحدثون عن حرب استنزاف وورطة استراتيجية تتعمق.. جبهات «إسناد غزة» توسّع جغرافيا المقاومة
تشرين – هبا علي أحمد:
يعود حديث المفاوضات في شأن وقف العدوان الصهيوني على قطاع غزة إلى طاولة البحث، مع المشهد المتكرر ذاته، مقاومة مرنة وصلبة في آنٍ معاً لا تقبل إلا بوقف دائم لإطلاق النار على أن تكون هذه المرة في المرحلة الثانية ضمن الشروط، في حين تشمل المرحلة الأولى وقف إطلاق نار مؤقتاً مع تفاصيل عدة ترتبط بضمان حرية التنقل لأهالي القطاع ومرور المساعدات وعودة النازحين وغيرها من التفاصيل المرتبطة بتبادل الأسرى، في حين المشهد لدى الاحتلال تعنّت وتصلب لناحية العدوان وإلقاء التهم على المقاومة في عرقلة المفاوضات، ما يشي بأنها جولة كغيرها من الجولات قد تنتهي بلا نتائج ليبقى الوضع على حاله.. الكلمة للمقاومة في الميدان المتسع دائماً والذي وصل بسواعد اليمنيين إلى المحيط الهندي ورأس الرجاء الصالح حيث يكون الاقتصاد الإسرائيلي على موعد جديد من التضييق والخناق، أما المجازر الوحشية فحدّث ولا حرج والدعم الأميركي قد بلغ مبلغه مع الصمت الدولي، إلى جانب أن معركة رفح تبقى قائمة ولو أن التأخير يشي بضعف لدى الاحتلال الصهيوني، لكن ذلك لا يعني أنها لن تقوم إلّا إذا حدث خرق ما تحمله تطورات الساعات والأيام المقبلة.
الكلمة للمقاومة في الميدان المتسع دائماً والذي وصل إلى المحيط الهندي ورأس الرجاء الصالح حيث سيكون الاقتصاد الإسرائيلي على موعد جديد من التضييق والخناق
تفاؤل ولا تفاؤل
تُستأنف المفاوضات في الدوحة اليوم بين المقاومة الفلسطينية والعدو الإسرائيلي بعدما سلّمت حركة «حماس» ردّها على مقترح «باريس2»، ورغم أن لا تفاؤل إلّا عندما يتم الاتفاق وبعد الاتفاق التنفيذ الفعلي على الأرض لأنه لا يمكن الوثوق بعدو غاصب، إلّا أن العديد من المصادر الإعلامية والسياسية ذات الصلة أبدت تفاؤلاً، وأكدت أن هذه الجولة حاسمة، ومختلفة عما سبقها من جولات لم تفضِ إلى نتائج، وعلى حد قول المصادر ذاتها إن الأمور وصلت إلى نهاياتها، ولم يعد بمقدور رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو المماطلة أكثر أو الهروب إلى الأمام كما ظل يفعل طوال الأشهر الستة الماضية من القتال، وتضيف: المقترحات الأخيرة التي تقدمت بها «حماس» جاءت استجابة لطلبات الوسطاء بإبداء المرونة والقبول بوقف إطلاق نار متدرج، فوضع مقترح الحركة وقف إطلاق النار الدائم في المرحلة الثانية أي بعد 42 يوماً، وليس في المرحلة الأولى، من أجل تسهيل الوصول إلى اتفاق.
لا تفاؤل في المفاوضات إلّا عندما يتم الاتفاق.. وبعد الاتفاق التنفيذ الفعلي على الأرض لأنه لا يمكن الوثوق بعدو غاصب
ومنذ يومين، قدمت «حماس» رؤيتها بشأن تفعيل المفاوضات لوقف العدوان، والتي تضمنت شروطاً من 3 مراحل، ترتكز على وقف العدوان، وتقديم الإغاثة والمساعدات إلى الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وعودة النازحين إلى أماكن سكنهم، وانسحاب قوات الاحتلال من القطاع.
ورطة وأساطير كاذبة
وبانتظار ما ستؤول إليه المفاوضات اليوم فإن واقع الاحتلال الإسرائيلي بات مفضوحاً، إذ تراجع حديث تحقيق «النصر» في وسائل إعلام العدو، وتقدم حديث من نوع آخر وبشكل يومي يُشير إلى الخطر الذي يحيق بالكيان، حيث يتحدث محللون إسرائيليون عن دخول «إسرائيل» في ورطة استراتيجية خطرة وأنها تتجه نحو حرب استنزاف طويلة، على جبهتين في غزّة أو في لبنان، وأشار المحلل العسكري في صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، عاموس هرئيل، إلى أن الورطة تتفاقم بسبب زعيم همّه الرئيسي هو بقائه الشخصي والتملص من العدالة، لافتاً إلى أنّ نتنياهو لا يعرض على الجمهور الإسرائيلي خطورة الوضع الأمني والسياسي، بل ينشر أساطير حول نجاحات وإنجازات، إلى جانب آمال كاذبة بنصر مطلق، ويرى أن المخرج من الورطة الإسرائيلية في الوقت الحالي يعتمد بشكلٍ أساسي على إدارة بايدن، متسائلاً عن إمكانية أن تنجح تلك الإدارة في فرض وقف إطلاق نار وإتمام صفقة الأسرى؟
من جهة ثانية، أكدت «هآرتس» أنّ «إسرائيل» فشلت في تقديم بديلٍ جدّي عن حركة «حماس» لحكم قطاع غزة، بعد أكثر من خمسة أشهر من الحرب، وأشارت إلى تقرير صدر في نهاية الأسبوع، تطرق فيه ما يسمى وزير «الأمن»، يوآف غالانت إلى القضية خلال نقاش في المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية، وقدّم أربعة بدائل لليوم التالي للحرب، وأضافت الصحيفة: مجرد تضمينها البديل الذي وصفه بأنه الأسوأ، وهو استمرار سيطرة «حماس» على قطاع غزة، ما يثبت أنّ الحركة مازالت صامدة بعد.
المحيط الهندي في معركة الإسناد
أدخل اليمنيون المحيط الهندي بما يشمل رأس الرجاء الصالح في معركة إسناد غزة في مسار تصاعدي للعمليات البحرية اليمنية التي أضرت بشكل مؤلم باقتصاد الكيان الإسرائيلي وكل ما يتجه إليه، كما يفرض معادلة عسكرية جديدة إلى جانب البحر الأحمر وخليج عدن وباب المندب، وسرعان ما ترجم اليمنيون أقوالهم إلى أفعال بتنفيذ ثلاث عمليات طالت ثلاث سفن تجارية إسرائيلية وأميركية، في تأكيد على الاستمرار بالمعركة وتوسيعها حتى وقف العدوان على غزة وما دون ذلك فإن التصعيد هو الحكم، وهذا أيضاً من شأنه أن يُعقد المأزق الأميركي.
«إسرائيل» دخلت في ورطة استراتيجية خطرة ونتنياهو ينشر أساطير حول نجاحات وإنجازات إلى جانب آمال كاذبة بنصر مطلق
ومع بداية الإعلان عن معركة المحيط الهندي، أشارت العديد من التقارير الإعلامية إلى أن هذا القرار وفّر مجالاً واسعاً في القدرة على الإضرار بالاقتصاد الإسرائيلي، عبر إمساكه بثلاثة ممرّات تستفيد منها السفن الإسرائيلية أو تلك المرتبطة بالاحتلال.. الممر الأول، هو رأس الرجاء الصالح، إذ يمكّن القرار اليمن من منع الصادرات إلى «إسرائيل» من الصين والهند ودول الخليج، أما الممر الثاني فمن المحيط الهندي إلى بحر العرب وخليج عدن، عبر باب المندب في البحر الأحمر، الذي يُعد حالياً متوقّفاً بسبب الاستهدافات اليمنية، أما الممر الثالث فهو من المحيط الهندي إلى دول الخليج، عبر مضيق هرمز.
ليس هذا فحسب، فإن القوى اليمنية أدخلت أيضاً في المعادلة التنسيق مع المقاومة الفلسطينية، إذا عُقد الأسبوع الماضي اجتماع –وصف بالنادر- بين الجانبين لمناقشة آليات تنسيق أعمال المقاومة ضد كيان الاحتلال، وأكد اليمن خلال اللقاء أنه سيواصل عملياته في البحر الأحمر ضد السفن المتجهة إلى «إسرائيل»، لإسناد الشعب الفلسطيني وتعزيز مقاومته.