مسلسل The Board.. استثمار ناجح في الدراما الاقتصادية
دمشق- بديع صنيج:
حقق مسلسل The Board (تأليف وإخراج هوزان عكو وإنتاج شركة ديونيسيا) سابقة درامية في معالجته لما يمكن تسميته “دراما اقتصادية” بامتياز، إذ تمحور حول عالم الأعمال ومجتمع الشركات الكبرى، والعمولات والمشاريع الناشئة، والاستثمار بالبشر، وحيتان السوق، والتحالفات وكسر العظم الاقتصادي وغير ذلك.
ورغم صعوبة الموضوع، وما أفرزه من حوارات خاصة، وأحداث، وصراعات مبنية على المصالح، وانتهاك الأخلاقيات في سبيل تحقيق الأرباح المادية، إلا أن النص المتين واتباع صيغة الحبكة المتوالدة، جعلنا كمشاهدين في خضم تشويق مستمر لكشف ما سيحصل في النهاية، ولاسيما أن رؤية “عكو” التي اشتغل عليها كتابةً وإخراجاً لم تسمح ولا للمحة من الملل، أو إمكانية توقع الأحداث.
وكلما اتضحت معالم محور درامي، يحصل اختراق جديد للخط الدرامي، وتوتر فيه يحيلنا إلى عوالم جديدة من الفساد الاقتصادي ضمن بورد شركة الـCDS الكبيرة، بحيث إن حلقة وراء حلقة كانت تتكشف شبكة تحالفات تستجر الأرباح لذاتها، وتخفي ملفات وتُحرِّف أخرى بغية التستُّر على المكاسب غير المشروعة، التي تتبع لها.
وبين رابح (باسم ياخور) ثعلب الاقتصاد الراغب بزيادة رأس ماله والاستحواذ على النسبة الأكبر من الشركة، وزكي (سلوم حداد) المطرود من منصبه كمدير تنفيذي ومحاولاته لإدارة الأمور كما كانت لصالحه عبر استغلال معرفته بخفايا شركة الـCDS، ومي (نادين تحسين بك) الساعية لتنظيف الشركة من مكامن الفساد فيها، تتشكل ثلاثية تنجدل معها الأحداث وتوترات خطوطها الدرامية، وتتشابك مع تفرُّعات المصالح الاقتصادية للمستثمرين وأصحاب البنوك ومضاربي البورصة.
وفي سبيل تعزيز الدراما يدخل الإعلام على الخط من خلال شخصية مي (دياموند بو عبود)، بهدف كشف تحرش المديرين بالموظفات، ومنهم دانا (روزينا لاذقاني) التي تصبح مساعدة المديرة التنفيذية، وأيضاً من خلال تحليل أسباب انخفاض سعر أسهم الشركة واستقراره أو ارتفاعه، مع استضافة بعض المؤثرين كالمضارب سام (إيهاب شعبان) متعاطي المخدرات والعميل لجهة أجنبية.
وبعد انكشاف المؤامرات الداخلية والخارجية، كالاختلاسات التي قام بها زكي لصالحه من دون علم صهره (عبدو شاهين) أحد أفراد مجلس الإدارة، ولا زوجته هبة (نادين الخوري)، وفشل مخططات تحالفه الذي يضم بلال الشاهد (كرم شعراني) ذا المرجعية الدينية، وفؤاد مدير البنك (خالد القيش) الراغب في الحصول على عضوية ضمن البورد، في فرض رأيهم، تقوم هبة بإقناع زكي أن يموت بكرامة عبر طلقة من مسدسه بدل أن يكون ذليلاً في السجن، وعندما يرفض تُتِم هي ذلك عن طريق أحد رجال الأمن عندها.
ضمن هذه الأهوال تميل الكفة لصالح رابح الذي ينجح في الاستحواذ ويدعم مي التي فككت شبكات الفساد وخاصةً المتعلقة بجهاز الرقابة الداخلية والمتضمن صديقتها ديمة الجندي، وتذهب كل الضغوطات التي عانت منها المديرة التنفيذية مهب الرياح بما فيها خطف مساعدتها ومحاولة بعض أعضاء مجلس الإدارة أن يفرضوا عليها تقديم استقالتها.
ربما بعد الحلقة الثالثة استطاع المشاهدون أن يفهموا اللعبة التي يلعبها هوزان عكو في تأسيسه لعمله وعواصف التشويق التي تحدث عنها، وهذا خفف من وهج المتعة قليلاً رغم الترقب المستمر، إلا أن ذلك لا يلغي أن مسلسل “البورد” بعناصره المجتمعة استثمر بنجاح في الدراما الاقتصادية المشغولة بعناية واهتمام بالغ بأدق التفاصيل.