لولا الحب ما كنّا
تشرين- د. رحيم هادي الشمخي:
بمناسبة عيد الحب، كلما أذهب إلى أحد أسواق الكتب المشهورة في دمشق الحبيبة، أو في حلب أو حمص أو اللاذقية، لعلّي أعثر على ديوان شعر نادر، أو كتاب نثري ساحر، يهولني ما أجد من أطنان الكتب الغيبية والمتخمة بالعلف الفكري الذي لا يبحث عن الحب الحقيقي وأنواعة وأسراره، هذه الكتب رغم أناقة تجليدها فإنّ بعضها لا يعطي للحب قدسيته بين البشر، ويبدو أنّ كتّاب الحب قد أتعبهم الحب من مجنون ليلى وحتى جميل بثينة.
الحب بذرة غرسها الله في قلوب البشر من كل الأديان والأجناس، فمن سقى تلك البذرة ورعاها قد أحب الله خالقها، ولهذا أصبح «الحب من شيم الكرام»، شيم من يرى في الحب دين السمو والنقاء والتسامح والسلام، فإنه هو الأقرب إلى الله، غارس الحب وصانع الجمال، فلولا الحب ما كنا ولا كانت الحياة ولا اللغات ولا الثورات ولا العشاق، ولا «ترجمان الأشواق» لـ«ابن عربي» ومعشوقته «نظام»، ولا بحيرات شعر الغزل العربي ولا «طوق الحمامة» لـ«ابن حزم الأندلسي».
الحب قوت القلوب وزاد النفوس وطب المهج، «احبوا تصحّوا»، فالقلوب المفعمة بالحب لا تمرض، والحب شفاء وعافية، وهو يمنح القلوب مناعة ضد الكراهية بين البشر، وضد أمراض التعصّب والتطّرف، وهو كذلك مقارعة ناعمة للقبح، وانتصار مبهج للجمال، ولكل ما هو نقي ونبيل.
ولنا أن نفتخر جميعاً أنّ حب عوائلنا وأهلنا ومجتمعنا وشعبنا هو خير برهان على سمو وقدسية هذا الحب، ولاسيما ونحن نقدم أزكى التحيات لهم مقرونة بالإخلاص والوفاء، فالعائلة السورية اليوم تعيش مجداً في علاقاتها الأهلية، وتتقاسم رغيف الخبز وهي تتحدى طواغيت العصر في بيت المحبة السوري الكريم، وفي وطن علّم العالم أبجدية الحب والوفاء.