فرنسا من الاستعمار إلى الارتزاق.. النهب مستمر

تشرين- راتب شاهين:
إن الاعتياد على شيء ما لفترة طويلة من الزمن يجعل الإنسان رهينة لتلك العادة، فهذا هو حال الجمهورية الفرنسية التي اعتادت على العيش والرفاهية من دماء وعرق الشعوب والمستعمرات التي منها تغطي عجزها الاقتصادي، فكل المصادر تؤكد أن النهب من المستعمرات بالأشكال كلها هو من يجعل الشعب الفرنسي يعيش في ترف.
لكن ثورات دول غرب إفريقيا الأخيرة وتلاحمها مع بعضها لطرد المستعمر الفرنسي، جعل من الأخيرة في موضع حرج، وبخاصة مع إدراكها أن اقتصادها سيكون المتضرر الأول من غربها عن غرب أفريقيا، عن الكنز الذي وضعت عليه يدها قبل عقود، واستعبدت شعوب كانت حرة، وهي حقاً رغم القيود رمز للحرية والشمس الساطعة، في وقت كانت تخطب بالعالم عن رؤيتها للحرية وحقوق الإنسان.
الوضع المستجد لفرنسا وضع جيشاً ممن هم في الخدمة أو من خرج منها، في موضع الارتزاق كحل لمعضلة نقص عمليات النهب، ومن بؤرة التوتر أوكرانيا يرى الجيش الفرنسي نافذة له، حيث أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن قواتها قتلت أكثر من 60 من المرتزقة الأجانب، معظمهم فرنسيون، في ضربة على مبنى في خاركيف.
لن نطلب الصدق من فرنسا التي خبرناها وخبرنا «ديمقراطيتها» وشعارات «حقوق الإنسان»، التي تنادي بها والتي تستخدمها كمطية، لأجل مصالحها او تبعيتها الجبانة للولايات المتحدة الأمريكية، لكن من عقر دارها أكد ألكسيس بولين أحد مؤسسي صحيفة «لوموند مودرن»، أن الحكومة الفرنسية تحاول التكتم على مقتل المرتزقة الفرنسيين في خاركوف.
هذا دليل ستحاول فرنسا إنكاره، لكن مهما طال الزمن سيؤكد هذه الحقيقة النعوش الطائرة، فمهما تم من محاولات لإلغاء الحقيقة أو العبث بالجثث، إلا أن الخبر عنها سينتشر مثل رائحة نتنة لمجرم محمل لعقود بدماء وأشلاء الضحايا، فالمرتزقة يقاتلون في أوكرانيا وهذه حقيقة ولم يعد يبقى إلا تحديد جنسيتهم، فما داموا لم يحققوا هدفهم من القتال في جبهة أوكرانيا سيقى ملفهم وجنسيتهم طي الكتمان قدر الإمكان، فقد قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف: لقد أكدنا مراراً أن الكثير من المرتزقة الأجانب يقاتلون نيابة عن نظام كييف وإلى جانبه وفي كل مرة يتم إثبات ذلك بالبرهان.
وبنفس أسلوب المراوغة التي تتبناها الديمقراطيات الغربية الذي اعتادت دول العالم عليه، ستحاول حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون إنكار إرسال مرتزقة إلى أوكرانيا، فالصحفي والمؤرخ الفرنسي لوران برايارد أكد أن إرسال المرتزقة الفرنسيين إلى أوكرانيا ليس قرار الشعب الفرنسي بل قرار ماكرون وحاشيته، مؤكداً وجودهم في ساحة المعركة.
الحالة الفرنسية هي نفس حال كل دول أوروبا، وكل حلف شمال الأطلسي «ناتو»، دول تعتمد النهب الاقتصادي والنكران للحقائق، مادام ذلك يخدمهم، أما الحقيقة فهي شيء لا تعتمده، مادام النكران وليس الاعتراف والذي هو سيد الأحكام، لا يجعل من دول الغرب تقف في قفص الاتهام، في المنظمات وفي محكمة العدل الدولية او الجنايات الدولية التي هي من وضع قوانينها.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار