يحملن أطفالهن بدلاً من الألعاب.. زواج القاصرات مشكلة اجتماعية تعود مع ازدياد حالات الفقر

دمشق- دينا عبد:
فيما تتجه الفتيات كل صباح إلى مدارسهن تستيقظ سلوى (١٤ عاماً) إلى المعاناة في منزل زواجها المبكر الذي لا يقوى عليه جسدها إلى شقاء المسؤولية المبكرة.
هذا هو حال الطفلة سلوى ذات الـ١٤ عاماً، والتي دفعت حياتها ثمناً لزواجها من رجل في عمر والدها، تتحدث (سلوى) الاسم المستعار الذي اختارته خوفاً من زوجها فقالت: من المفترض أن أكون مع زملائي في المدرسة الصف التاسع، ولكن ظروفنا الاقتصادية والمعيشية دفعت والدي للقبول بتزويجي من رجل يبلغ من العمر ٤٨ عاماً مقابل ٥ ملايين دفعها مؤخراً لزواجي.

قوانين تمنع الزواج
د.ياسر كلزي عضو اللجنة الوطنية لحقوق الطفل بين أن القوانين السورية تضمنت عدداً من المواد التي تمنع زواج الأطفال (أياً كان المصطلح الذي يطلق عليه  الزواج المبكر أو زواج القاصرات)، وهذا ما نلحظه مؤخراً في التعديلات الأخيرة لبعض القوانين كتعديل بعض مواد قانون الأحوال الشخصية وقانون العقوبات، وتكرس هذا النهج في قانون حقوق الطفل رقم /21/ لعام 2021م .

د.كلزي: أحد أشكال العنف المحمي بحكم العادات والعرف

وسبق أن عدّل القانون /24/ لعام 2018م، المادة /469/ من قانون العقوبات، عقوبة من يعقد زواج قاصر خارج المحكمة المختصة للحد من ظاهرة اللجوء إلى إجراء عقود زواج للأطفال القاصرين خارج المحكمة، بهدف ضبط الزواج المبكر وعقد الزواج من دون موافقة الولي.
كما أكد التعديل الذي أجراه المشرع في قانون الأحوال الشخصية بالقانون رقم /4/لعام 2019م، عندما نص في المادة /16/ منه على أن ( تكتمل أهلية الزواج في الفتى والفتاة ببلوغ الثامنة عشرة من العمر) وتكرر ذات النص في قانون حقوق الطفل في المادة /19/منه.
وحسب د. كلزي زواج القاصرات يعدّ أحد أشكال العنف ضد الأطفال المحمي بحكم العادة والعرف وبعض الأحيان بحكم القانون في حال تثبيت الزواج مع وجود حمل لزواج عقد خارج المحكمة.

انتهاك صارخ
د. سمر علي ( علم الاجتماع) جامعة دمشق بينت أن زواج القاصرات هو انتهاك صارخ لحقوق الإنسان وممارسات خطيرة تؤثر في حياة الفتيات وتمنعهن من العيش بصحة وسلام، فهن يتعرضن لمخاطر العنف والتمييز وسوء المعاملة، وكذلك تحرم الفتاة من متابعة التعليم، الأمر الذي يجعلها أكثر هشاشة وضعفاً.

حق اتخاذ القرار
وحسب د. علي فإن الفتاة القاصر تحرم من حق اتخاذ القرار فيما يخص حياتها، ففي عمر مبكر لا تمتلك الفتيات الوعي الكافي كتقرير مصيرها أو مستقبل حياتها ولا تمنح الحق في الرفض، وغالباً ما يترافق زواج القاصرات بحمل وولادة مبكرة وأمراض عديدة تهدد حياة الأم القاصر والوليد حيث ترتفع نسب الوفيات والأمراض بين الأمهات القاصرات ومواليدهن،

د. علي: ينتشر في العديد من المجتمعات التي تعاني صعوبات معيشية

وبرأي د. علي فإن زواج القاصرات ينتشر في العديد من المجتمعات التي تعاني من الصعوبات المعيشية والاقتصاد المتردي الأمر الذي يدفع العديد من الأسر إلى تزويج الفتيات مبكراً، إما بقصد التخفيف من الأعباء الاقتصادية وإما بغرض الاستفادة من المهر، وفي كلتا الحالتين الخاسر الأكبر هو الفتاة بالدرجة الأولى، ومن المحتمل أن لا يستمر الزواج طويلاً لتعود الطفلة مطلقة تحمل على ذراعيها طفلة صغيرة لا تدرك أبداً كيف تعتني بها ولا كيف تحميها وهنا سيكون العبء مضاعفاً على الأسرة.

عرضة للتشرد

وفي أحيان كثيرة قد لا تجد القاصر من يحميها من الأهل، فتكون عرضة للتشرد في الشوارع والضياع ويحمل المجتمع مسؤولية إنسانية ومجتمعية للحد من زواج القاصرات والتشديد في العقوبات القانونية لكل من يجبر قاصراً على الزواج.
فزواج القاصرات يؤثر في صحتهن الجسدية والنفسية وعلى مستقبلهن كما يحمل أعباء اقتصادية وصحية كبيرة على المستوى المعيشي وعلى تنمية ورفاه المجتمع.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار