المجتمع المحلي في درعا يساعد في إعادة تأهيل المرافق الصحية وتأمين الكوادر.. بعض المشافي يقوم على طبيب واحد

تشرين – وليد الزعبي:

أن يكون في صلب مهام القطاع الصحي تقديم خدمات الرعاية الصحية الأولية والثانوية والثالثية للمواطنين، وضمان توفير الوقاية والعلاج والدواء من خلال المشافي الحكومية والمراكز الصحية والعيادات الشاملة والمراكز التخصصية ومنظومة الإسعاف، فهذا يفرض ضرورة توافر الكفاءة للتصدى لهذه المهمة الكبيرة التي لا يتقدم عليها شيء آخر، لكن من خلال الواقع يلاحظ أن الخدمات الصحية المقدمة خجولة ودون الطموح، ولا تحقق الغاية التي يرصد من أجلها مليارات الليرات، وخاصةً بعد تسرب الكوادر الصحية إلى نحو النصف لأسباب مختلفة بسبب سنوات الحرب على سورية، وتراجع تأمين بعض المستلزمات والأدوية وتأخر وصوله الذي تعثره تقلبات الأسعار صعوداً من جراء فشل بعض المناقصات، إضافة إلى تكرار تعطل الكثير من التجهيزات والمعدات لتهالك بعضها وتأخر إصلاح بعضها الآخر، وكذلك ضعف القدرة على تأمين بديل جديد وحديث لها بسبب ظروف الحصار الجائر على البلاد، وهنا تبرز ضرورة التكيف مع الإمكانات المتاحة من كوادر طبية وتجهيزات ومستلزمات، وإعادة تنظيمها في سبيل تأمين الحدّ المقبول من الخدمات الصحية والعلاجية وبعدالة للمراجعين، مع أهمية التشاركية مع المجتمع المحلي لكي يُحفز الأبناء من الأطباء على التعاقد مع المشافي والمراكز الصحية لتقديم الخدمات المطلوبة في القطاع الصحي العام لأهلهم وذويهم، وتعزيز مساهمة ذلك المجتمع في إعادة ترميم وتأهيل الفعاليات الصحية.

السعي للنهوض بالواقع
مدير صحة درعا الدكتور بسام السويدان، أشار إلى أن المديرية لا تدخر جهداً في سبيل النهوض بالخدمات الصحية بمختلف مستوياتها للمواطنين، حيث أدخلت بالتعاون مع المجتمع المحلي مشفى الحراك الوطني حيز الاستثمار جزئياً بعد أن كان خرج من الخدمة منذ عام ٢٠١٦، وتعمل فيه حالياً أقسام الإسعاف والمخبر وبعض العيادات، على أن يتم التوسع بعمله تباعاً حسب الإمكانات المتاحة وخاصةً لجهة الكادر، كذلك جرى تأهيل مشفى نوى بالكامل وقسمين في كل من مشفى طفس ومشفى بصرى مع تركيب محطة تحلية للأخير لصالح غسيل الكلية،

التكيف بتوظيف الإمكانات المتاحة ضرورة ملحة لتقديم خدمات جيدة وعادلة

وتأهيل مشفى جاسم بالتعاون مع المجتمع المحلي وحالياً بطور التأهيل الفني والإداري وتأهيل أقسام جديدة، مع تنفيذ ترميم جزئي لقسم التوليد بمشفى إزرع، وبشكل عام فإن جميع المشافي التابعة للمديرية والبالغة ستة تزاول العمل وفقاً للإمكانات المتاحة.

هنا المعاناة
لكن تبقى المعاناة وفق مدير الصحة تتمثل بنقص الكادر الطبي بشكل أساسي ومن ثم التمريضي والفني، حيث لا يتوافر على سبيل المثال من الأطباء الاختصاصيين سوى واحد فقط باختصاص الأطفال في مشفى الحراك هو نفسة المدير، ومثله كذلك في مشفى بصرى، وكذلك طبيبان فقط باختصاص نسائية وجلدية في مشفى طفس، وثلاثة في مشفى نوى باختصاص نسائية ومعالجة فيزيائية، فيما الوضع أفضل قليلاً في مشفى إزرع التي تحوز على ١٠ أطباء باختصاصات العظمية والنسائية والجلدية والداخلية والمخبر والأشعة والطوارئ والتخدير، وفي مشفى جاسم ٧ أطباء باختصاصات الأطفال والنسائية والجراحة العامة والعظمية والصدرية والداخلية والجلدية، علماً أن الجهود بالتعاون مع المجتمعي المحلي في مدينة جاسم أسهمت باستقدام عدد من هؤلاء الأطباء الاختصاصيين وتعاقدهم لصالح المشفى، ما أثمر بتحسن واتساع الخدمات المقدمة، وهناك مساعٍ في مناطق أخرى لعلها تثمر بقدوم أطباء للتعاقد والإسهام بتعزيز كوادر المشافي الأخرى.

نقص حاد
وبشكل عام تطرق المدير إلى أنه لا يوجد على مستوى المديرية أي طبيب باختصاص جراحة الأوعية وباختصاص القلبية والصحة العامة، فيما يوجد طبيب واحد فقط من اختصاصات التخدير والجراحة العامة والجراحة الصدرية والطب الشرعي والبولية والمعالجة الفيزيائية، و٢ في كل من اختصاصي الطوارئ والداخلية و٣ في كل من اختصاص العظمية والأشعة والأذنية، و ٤ من اختصاص التشخيص المخبري و ٥ من اختصاص الأطفال و٦ جلدية و١١ نسائية، إضافة إلى ٨ أطباء بشري عام، أي إن إجمالي الأطباء البشريين لا يتجاوز ٥٢ طبيباً، فيما هناك ٧٩ طبيب أسنان و١٦ صيلانياً، و٩٥ قابلة و٨٠٠ ممرض منهم ١١ ممرضاً جامعياً، و٣٥٤ مساعد فني طبي (أشعة ومخبر وتخدير وصيدلة وصحة عامة وإحصاء)، وبشكل عام – حسب د.السويدان- تراجع إجمالي عدد العاملين في المديرية من جميع الاختصاصات والفئات من ٤١٩٣ عاملاً عام ٢٠١١ إلى ٢١٤٣ عاملاً الآن.
إعادة مراكز للخدمة
وبالنسبة للمراكز الصحية أشار د.السويدان إلى أن عددها ٩٧ مركزاً تضرر منها ٣٨ مركزاً بشكل جزئي ومركز واحد بشكل كامل خلال الحرب على سورية، وجرى منذ نهاية عام ٢٠١٨ ومطلع عام ٢٠١٩ بعد تحسن الظروف في المحافظة البدء بترميمها تباعاً وحسب الأولوية من قبل وزارة الصحة وبالتعاون مع المنظمات الدولية، حيث جرى حتى الآن ترميم ١٣ مركزاً بشكل كامل و١٦ بشكل جزئي، وهي تؤدي خدماتها حسب الإمكانات المتاحة، كما أن هناك ثلاثة مراكز للعيادات الشاملة تزاول عملها في كل من درعا والصنمين والجيزة، وجرى مؤخراً تأهيل قسمي الكلية والسكرية في مركز درعا مع تركيب منظومة طاقة شمسية، فيما تواصل المراكز التخصصية للسل والملاريا واللايشمانيا والسكرية والأسنان والإيدز تقديم الخدمات العلاجية والطبية كل حسب اختصاصه، علماً أنه تم تجهيز ٥ غرف للمعاوقة السمعية في المراكز المعتمدة لمعالجة نقص السمع لدى الأطفال حديثي الولادة.

خدمات ليست قليلة
بالرغم من واقع نقص الإمكانات من جهة الكوادر البشرية أو المستلزمات، فإن حجم الخدمات المقدمة على مستوى مختلف الفعاليات الصحية ليس قليلاً، وأرقام العام الماضي وفق مدير الصحة توضح ذلك، حيث بلغ عدد المراجعين للمراكز الصحية 537 ألف مراجع تلقوا 657 ألف خدمة، والتحاليل المخبرية المنفذة ٤٩٢٣٦ تحليلاً، فيما بلغ عدد مراجعي العيادات السنية ٩٤٠٦، ووصلت خدمات الصحة الإنجابية ورعاية الحوامل إلى ١٣٦٨٣، أما الخدمات المقدمة للمراجعين في المشافي فبلغت حوالى 360 ألف خدمة، وعدد المرضى المقبولين ١٨٧٠٨، وفي العيادات الخارجية بلغ عدد المراجعين ٣١٩١٢ والمقبولين ١٨٧٨، وفي أقسام الإسعاف بلغ إجمالي المراجعين ٩٣٣٢٥ والمقبولين ١٦٦٢٠ والمقبولين عناية مشددة ٢٦٩، فيما بلغت خدمات المخابر 110 آلاف خدمة، وصور الأشعة المنفذة ٦٨٩٣٤، والعمليات العامة ٤٢٥٢، والولادات الطبيعية ٢٩٣٦ والقيصريات ١٠٦٢ والعمليات النسائية ١٧٢ عملية.

٩٧ مركزاً في درعا تضرر منها ٣٨ بشكل جزئي ومركز واحد بشكل كامل خلال الحرب على سورية

أما عدد مراجعي العيادات الشاملة فوصل إلى ٧٢٥٢٦ مراجعاً، وعدد الخدمات التي قدمتها تلك العيادات ٥٦٩٤٠٦ خدمات، وعدد الولادات في قسم توليد عيادات درعا ٦٩٦ ولادة طبيعية، وبالنسبة لغسيل الكلية الصناعي بلغ عدد المرضى ١٧٧ مريضاً وعدد الجلسات المنفذة ١٥٨٠٠ خلال العام الماضي، وعلى صعيد دائرة الأمراض السارية والمزمنة بلغ عدد مرض السكري ١٢٩٣٩ والحمى المالطية ٤٠٥ وداء الكلب ١٨٦ والتلاسيميا ١٠٠ والسل ٥٧ واللايشمانيا الجلدية ١٦٥ واللايشمانيا الحشوية ٤ والإيدز ه مرضى، ولجهة حملات اللقاح الوطنية للأطفال والتي تلاقي اهتماماً كبيراً وتوظف لها كل الإمكانات المتاحة لإنجاحها، حيث جرى خلال العام الفائت تنفيذ جميع الحملات المقررة، ووصلت نسب التنفيذ إلى ما يقارب ٩٠٪، كما نفذت حملة (MR) ضد الحصبة والحصبة الألمانية وبلغت نسبة التغطية ٧٧٪.

مراكز للترصد التغذوي
ولفت د.السويدان إلى التوسع بمراكز الترصد التغذوي ليصبح عددها ٦٢ مركزاً، ومراكز معالجة سوء التغذية الحاد (MAM) ليصبح عددها ١٤ مركزاً، وتم إجراء مسح وطني للحالة التغذوية لدى أطفال المدارس الحكومية من عمر ٦ حتى ١٢ سنة، ومسح تغذوي (SMART) لتقييم الوضع التغذوي للأطفال ودراسة الوضع المعيشي والصحي للأسر وسوء التغذية عند السيدات في سن الإنجاب.

تحديات ومقترحات
وأجمل مدير الصحة الصعوبات التي تواجه العمل والمقترحات والإجراءات المطلوبة، أبرزها كما ذكر آنفاً النقص بالكوادر الطبية في بعض الاختصاصات وأهمها (تخدير – جراحة عامة – جراحة عصبية) ونقص بالأطباء المقيمين للاختصاص، والمقترح تسهيل قبول أي طبيب يرغب بالتعاقد، وعودة العاملين ممن هم في حكم المستقيل وزيادة قبول الطلبات الفردية للأطباء الاختصاصيين والمقيمين خارج إطار المفاضلات، والموافقة على تجديد عقود الأطباء المقيمين الراسبين في الاختبار النهائي نظراً للحاجة، كذلك هناك مشكلة انقطاع التيار الكهربائي المتكرر الذي يؤدي إلى تدني بعدد الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين، وهناك حاجة لتأمين مولدات كهربائية احتياطية، أو تأمين الطاقة الشمسية البديلة، وهناك صعوبة تتبدى بارتفاع تكلفة الصيانة للسيارات والأجهزة الطبية، مع نقص الاعتماد المالي، ما أدى إلى بقاء الكثير منها خارج الخدمة، والمأمول زيادة الاعتماد المالي لإصلاح السيارات، كذلك يوجد
نقص في أعداد المساعدين الفنيين (أشعة وتخدير ومخبر) ونقص في الكوادر الإدارية والفنية (مهندسين وجامعيين وفنيي صيانة وسائقين)، والمطلوب إجراء مسابقة جديدة، والنظر بعودة العاملين ممن هم في حكم المستقيل، إضافة لوجود نقص بعدد سيارات الإسعاف على أمل العمل على إصلاح السيارات الممكن إصلاحها منها، بالتوازي مع النظر بإمكانية تأمين سيارات إسعاف جديدة، وأشار إلى أن تخفيض النفقات أدى إلى عدم تلبية طلبات فعاليات المديرية وخاصة التراميم والاقتصار على الضروريات فقط، والمهم أن عدم توفر بعض الأدوية والتأخير في وصولها وخاصة الإسعافية منها، والتأخر بتأمين التجهيزات الطبية الواردة في الخطة الاستثمارية للمديرية لصالح فعاليات المديرية، حيث إن النظام المعمول به هو الاستجرار الموحد المركزي، ما يستدعي إيجاد حل مناسب، كما أن تخفيض مخصصات المحروقات ونفقات صيانة السيارات أدى إلى تراجع أداء بعض الفعاليات في المديرية.

لا بد من الإشارة في هذا السياق إلى أنه يوجد في المحافظة غير الفعاليات الصحية العامة الواردة فيما سبق، الهيئة العامة لمشفى درعا الوطني، ومشفى الشهيد السعدي الذي يضم قسماً مدنياص بسعة ٣٥ سريراً، وهي تقدم خدمات ليست قليلة ضمن الإمكانات المتاحة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار