حتى من اخترعها لا يستعملها.. مواقع التواصل الاجتماعي داء يمكن الشفاء منه

دمشق- حسيبة صالح:

أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي هي الوسيلة الأكثر شيوعاً في العصر الحالي للتعامل مع الآخرين، بسبب انتشار مختلف أنواعها، ما جعل العالم أكثر قرباً، لكنها جعلت العلاقات الاجتماعية أقل حميمية.

منصات التواصل الاجتماعي خوارزميات هدفها الأساسي الجلوس لساعات طويلة على هذه المواقع فأصبحت هناك علاقة حميمية بين الشخص وهاتفه الجوال، حيث تشير الدراسات إلى أن أكثر من ٤٠% من سكان العالم يجلسون على مواقع التواصل الاجتماعي حوالي ٢-٤ ساعات يومياً.
الإيجابيات والسلبيات التي تمتلكها شبكات التواصل الاجتماعي أوجدت تضارباً في الآراء بين قبول ورفض لانتشارها.
” ليس لدي أي حساب على مواقع التواصل الاجتماعي”، هكذا بدأت ريم حديثها لـ”تشرين”، مضيفة: أولادي وأخواتي وحتى صديقاتي عيونهم وعقولهم مشدودة نحو هواتفهم الجوالة، أصبحت جلساتنا جافة وأحاديثنا مقتضبة، وإن جرى حديث فهو حول “التريندات” والأخبار التي تتداولها هذه المواقع، هذا الإدمان زرع الغيرة وانعدام الثقة في النفس وعدم الرضا عن الواقع الذي نعيش فيه.
وحسب ريم فإن العادات والتقاليد تغيرت، إذ أصبحت التعزية والمباركة عن طريق كبسة زر بعيدة عن الروح.

اختصاصي أمراض نفسية: الإفراط في استخدام هذه المواقع له تأثيرات سلبية كبيرة كالإدمان

من جهتها صرحت ليلى لـ”تشرين”: شعرت بسلام داخلي عندما ابتعدت عن مواقع التواصل الاجتماعي، كنت أنا وهاتفي الجوال لا ننفصل أبداً، حياتي متاحة لكل العالم كل يوم صورة أو أكثر أصبحت مهووسة فلاتر، قلقة ومتوترة بسبب مقارنات ظالمة.
وبعد ابتعادي عن مواقع التواصل الاجتماعي، بات لدي الوقت للقراءة والتعلم وممارسة حياتي الاجتماعية بكل حب”.

كل حياتي
“كنت نشيطاً جداً على مواقع التواصل الاجتماعي، يبيّن علي لـ”تشرين”: معظم تفاصيل حياتي الشخصية كنت أنشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، أمضي ساعات باللعب على الفيس بوك وبالمحادثات مع أصدقاء، هذه المواقع بقيت حوالي السنتين حياتي كلها، وأول ما كنت أستيقظ من النوم أمسك بهاتفي الجوال (فيس بوك- انستغرام- تويتر)، فشلت بامتحانات الجامعة، لذلك أخذت قراري بإلغاء كامل حساباتي على مواقع التواصل الاجتماعي، ثم تخرجت في الجامعة وأنا اليوم طالب ماجستير.

سلاح ذو حدين
اختصاصي الأمراض النفسية والأستاذ في جامعة دمشق، الدكتور يوسف لطيفة، أوضح خلال حديثه لـ”تشرين” أن مواقع التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدين، إما أن تستخدم في الخير أو الشر، وهي توثر في سلوك الإنسان بسبب التفاعل الدائم بين الإنسان والظواهر الخارجية الموجودة بجواره، ممكن أن تكون إيجابية أو سلبية، لكن الإفراط في استخدام هذه المواقع له تاثيرات سلبية كبيرة كالإدمان، فالمواد عبر هذه المواقع جذابة ومحببة وتسبب التعود والتعلق المرضي أو قد يحدث تبنٍ لأفكار وسلوكيات خاطئة.

٤٠% من سكان العالم يجلسون على مواقع التواصل الاجتماعي نحو ٢- ٤ ساعات يومياً

وأكد الدكتور لطيفة أن مواقع التواصل الاجتماعي لها دور كبير بتفكك الأسرة وجعل العلاقات الاجتماعية ضحلة وينقصها البعد الروحي والإنساني، عبارة عن تواصل مع آلة جامدة مقارنة بالعلاقات الاجتماعية بمعناها التقليدي، والتي لها تأثير إيجابي ونافع ومحسّن للنفسية وللتطور الروحي.
لكن علينا ألا نغفل محاسن مواقع التواصل الاجتماعي، يضيف الدكتور لطيفة، فهي مصدر مهم للمعلومات والمصادر الثقافية إذا تم انتقاؤها بشكل جيد.

وينصح الدكتور يوسف، من يستعمل وسائل التواصل الاجتماعي، بتحديد وقت استخدامها، حتى لا يصاب بالإدمان، وتخصيص وقت مع الأسرة والأصدقاء، بعيداً عن الهاتف الجوال.

العادات والتقاليد تغيرت.. إذ أصبحت التعزية والمباركة عن طريق كبسة زر بعيدة عن الروح

وأضاف اختصاصي علم النفس: “عندما تستيقظ، اعط نفسك وقتاً قبل أن تفتح هاتفك الجوال، تأمل.. استمع لموسيقا تحبها، وفي الليل ابتعد عن استخدام هاتفك الجوال حاول أن تمارس هواية تحبها، أو عوّد نفسك على القراءة حتى تستطيع التحكم بأفكارك، لأن كثرة المعلومات التي نحصل عليها من مواقع التواصل الاجتماعي تبعدك عن التركيز والاحتفاظ بالمعلومات المهمة.

أسئلة مشروعة
لنسأل أنفسنا ما هو شعورنا تجاه مواقع التواصل الاجتماعي؟
وكم من الوقت نستهلكه ونحن نتفاعل مع هذه المواقع ؟
وأثناء هذه التساؤلات، لنتأمل الحقائق بأن مخترع هاتف “الآيفون” ستيف جوبز وعند وفاته في عام ٢٠١١ كانت وسائل التواصل الاجتماعي منتشرة (فيس بوك – تويتر)، ورغم ذلك لم يستخدمها وكان يمنع أطفاله من حيازة هاتف جوال حتى ١٤ من عمرهم.
أما مارك زوغربيرغ، مؤسس فيسبوك، لا يستخدمه وهو مخترعه.
فهل هناك شيء يعرفونه لا نعرفه نحن؟!.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار