هبة العِلْم وكرمه
تشرين- د.رحيم هادي الشمخي:
الكرم هو السخاء وهو العطاء من الواهب إلى «المستلم» المحتاج لتلك الهبة من أجل الديمومة والاستمرار، وهناك أمثلة عديدة حول هذا الكرم والتي تثبت علمياً أن الكرم، أي الهبة، هو فعل حميد، ومحمود، يعود على صاحبه بالاستقرار النفسي فيما مبتغاه مزيد من الديمومة.
هناك إثبات علمي للكرم قدمته فصيلة الدم «O+» ، فهي الواهب لكل فصائل الدم الأخرى، ولولا هذه الفصيلة لكنا شهدنا موت الملايين من البشر.. وكذلك إذا نظرنا إلى الماء، وهو أساس الحياة ويتكون من ذرتي هيدروجين «H2» وذرة واحدة أوكسجين «O» مكونة الماء«H2O»، ولك أن تتصور من دون أن يهب الأوكسجين نفسه لذرتي الهيدروجين، أو العكس، لتكون هناك كتلة سائلة هي الماء، فهل ستكون هناك حياة على كوكبنا؟ بمعنى أن لا حياة من دون تلك الهبات «وجعلنا من الماء كل شيء حي»، فإذاً أين نضع فعل الهيدروجين والأوكسجين اللذين ضحيا بخصوصيتهما وهويتهما المثلى وتخلّيا عن استقلاليتهما، لا لشيء سوى أن يخلقا مركباً جديداً حيوياً هو الماء، ومنه ليهبا البشرية الحياة.
أما العقل البشري فهو مصنع إنتاج الأفكار، وهو الذي يميز بين الأفعال الحياتية للعنصر البشري ويديرها وفق نظام صارم صممه له الخالق العزيز العظيم، إنه يهب لنا الأفكار لندير وفقها ديمومة العيش وبتطور مستمر «لاحظوا مديات تطور العقل البشري منذ الخليقة حتى الساعة»، أي إن الإنسان كجسد حر يحتاج إلى مقومات الحياة ليعيش في بيئته المعيشة المثلى، وهذا ما كان ليتحقق لولا المصنع الكبير المنتج للأفكار «العقل»، وتصوروا البشرية دونما مخلوق كهذا كيف سيكون حالها؟ عليه وفق تصنيف فعل العقل البشري بهبته السخية للأفكار المنتجة الصالحة فإنها تدلل على فعل حميد من قبله.
وأخيراً فإن الكرم وفق المنطوق العلمي هو ردة الفعل القائمة على فعل سابق مؤداه الديمومة والانبعاث الحر بغضّ النظر عن نوعية مصدر ذلك الفعل.
كاتب وأكاديمي عراقي