” الدلاّل الالكتروني” يقتحم السوق السورية..صفحات تدغدغ أحلام الطامحين لامتلاك عقار وحالات “نصب” خارج المسؤولية الجزائية

تشرين- إلهام عثمان:
ما بين باحث عن الاستقرار تحت سقف يؤسس تحته أسرته الصغيرة وبين عائلة ترنو للوصول إلى بيت الأحلام يطوقهم سور من ميزانية رصدوها لشراء ذاك الركن الهادئ، علماً أنهم لم يوفروا ذاك المال إلا بشق الأنفس سواء من قروض أو ربما من بيع عقار لاستبداله بآخر أو من دين للوصول إلى غايتهم وربما الثلاثة معاً “الحيلة والفتيلة”.

الخيار صعب
لا يوجد مجال للخسارة والاختيار صعب، فالمبلغ المرصود يصل للحد الأدنى بالنسبة للأسعار، فعليهم البحث في العشوائيات حصراً بما يناسب ميزانيتهم، وفي رحلة البحث تلك التي تبدأ من المكاتب العقارية للبحث عن منزل صحي تدخله الشمس ومناسب للحياة البشرية يصدمك صاحب المكتب، أو ما يسمى «الدلال» بكلمة (عمي بهيك سعر مستحيل تلاقي.. زيدون بلاقيلك)، وهو جالس خلف طاولته كمختار الحي.. فيتركه ويسأل غيره وغيره والإجابة واحدة.
وبما أن التسويق العقاري على الإنترنت مفتوح الباب دائماً وللجميع من دون قيود، يصبح هو الحل الأمثل لهذه المعضلة لهؤلاء من خلال التواصل مع أصحاب العروض العقارية على الإنترنت لبيوت سواء من أصحابها أو من خلال وسيط يقوم بالدلالة على منزل معروض لديه، وأغلب العروض مرفقة بجملة التواصل على الخاص أو الاتصال برقم، وسعيد الحظ هو من يستطيع التواصل بصاحب العقار مباشرة ليحسم الأمور بشكل أسرع، فكما هو معروف في مجتمع المكاتب العقارية، أو من يسمون «الدلالين»، أن هناك نسبة يتم أخذها عند بيع العقار عن طريقهم تبلغ 2.5 بالألف من ثمن العقار بشكل عام وترتفع حسب مكان المنزل وتصنيفه سكناً أول أو ثانياً أو ثالثاً، ضمن كل حي أو منطقة شعبية أو منظّمة، أي داخل المخطط التنظيمي، فأصحاب المكتب هم من يجلبون الزبائن للشراء كل حسب المبلغ المرصود لذلك، وهم أيضاً من يقومون بنشر عروض لبيع المنازل لجلب الزبائن من ذاك العالم الافتراضي إلى أرض الواقع.

تسويق إلكتروني
«أبو محمد»، صاحب مكتب عقاري، عند سؤاله عن تقديمه عروض عبر الإنترنت لمكتبه أجاب: نعم نقوم بنشر بعض العروض وأحياناً إنشاء مجموعات للدردشة على “المسنجر” أو «الواتس أب» أو «التليغرام»، ننشر فيها مقاطع فيديو وصوراً لمنازل يراد بيعها لتحريك عمل المكتب.
وفيما إذا كانت عروضاً حقيقية يقول أبو محمد: نعم ولكن ربما يباع المنزل بسرعة فيأتيك زبون بعد فترة طالباً المنزل ذاته ولكنه لم يعد متوفراً.

أصحاب العروض على الإنترنت يسوقون منازل غير الموجودة  على صفحات «الفيس» والأمر مجرد ضربة حظ

سهام العلي، موظفة وأرملة حصلت على ورث زوجها وبحثت كثيراً عن منزل لكن من دون جدوى، ولذلك لجأت إلى صفحات الإنترنت وعن تجربتها قالت: تواصلت مع العديد من أصحاب تلك العروض الذين يعرّفون أنفسهم بأنهم أصحاب هذا المنزل أو ذاك، وعندما أذهب أتفاجأ بأنهم أصحاب مكاتب، والمشكلة أنهم يأخذونني إلى منازل ليست مؤهلة للسكن فقد تكون معتمة أو صغيرة أو بعيدة عن التخديم، بحجة أن المبلغ  الذي أملكه قليل، وإذا كان المنزل مناسباً فيكون إما قد تم بيعه أو ارتفع سعره، لكن صادف أنني تواصلت مع صاحب منزل يناسب ميزانيتي وكان هو المالك وأتممنا العقد.. فهي ضربة حظ بالنهاية.

صاحب مكتب عقاري: ربما يباع المنزل بسرعة فيأتيك زبون بعد فترة طالباً المنزل ذاته

احتكار الأفضل
وصرح الشاب أسامة لـ”تشرين”، وكان يعمل بمجال العقارات سابقاً، بأن عالم العقارات عالم كبير فيه الصادق والمخادع، لكن الجميع يجتمع على مصلحة واحدة، فكثير منهم يشترون البيوت المعروضة بمبلغ رخيص ثم يعاودون بيعها بمبلغ أكبر، بعد القيام ببعض التعديلات عليها، وأحياناً احتكارها، فالبيوت المناسبة والمرغوبة لا يقومون بعرضها على الزبون، بل يعرضون البيوت غير المرغوبة للخلاص منها فهي ثقيلة بالبيع، حسب تعبيره، كبيت حشوة أو قبو أو “قرميدي”.

ليست مخالفة
المحامي إبراهيم حولاني أوضح لـ”تشرين” أن هذه الطريقة بالبيع من الناحية القانونية هي ليست مخالفة للقانون، لكن يجب على الوسيط عدم نشر أي إعلان أو الترويج لبيع عقار أو إيجار إلا بعد تحديد مواصفاته ضمن الإعلان المذكور، وهذا بند من بنود التزامات الوسيط العقاري بالقانون، أما من الناحية القانونية فهناك عدة أمور  يجب التأكد منها قبل شراء العقار وهي: أن من يبيع هو مالك للعقار بموجب سند ملكية ((وكالة كاتب عدل – طابو – حكم محكمة))، ولابد من استخرج إخراج قيد عقاري للتأكد من أن العقار غير محجوز أو مرهون أو مستملك، وذلك من السجل العقاري، ومقارنة سند الملكية مع هوية البائع مع إخراج القيد العقاري.

وشدد حولاني على ضرورة التأكد إذا كان العقار يملكه البائع بموجب وكالة بيع عقار, وأن وكالته غير قابلة للعزل، إضافة إلى أنه يجب معاينة العقار نهاراً ومن ثم قياسه من الداخل لمعرفة إن كانت المواصفات مطابقة لما تم عرضه من البائع.

أسهم عقارية
وبخصوص السؤال هل يمكن بيع أسهم  والاحتفاظ بأخرى لمنزل يباع على شكل أسهم، أوضح حولاني أنه يتم تقييم المساحة للعقار وتحويلها إلى أسهم من أمين طابو السجل العقاري، وهذا يجوز, فالسند القانوني هو القاعدة القانونية (العقد شريعة المتعاقدين)، وهذه القاعدة تنطبق على كل العقود التي محلها مشروعٌ في القانون المدني، شرط أن يكون الشاري على علم بأنه يشتري سهماً من أصل عدة أسهم التي يتكون منها العقار.
وبالنسبة لالتزامات الوسيط العقاري  بالقانون عدد حولاني عدة بنود يلتزم بها الوسيط العقاري أمام القانون، أهمها أن  يمارس المهنة بنفسه إذا كان «شخصاً طبيعياً»، والمفوض بالتوقيع عنه إذا كان «شخصاً اعتبارياً».. وعليه إعلان نسبة العمولة المحددة وفق أحكام هذا القرار ووضع الترخيص الخاص بمزاولته المهنة في مكان بارز من المحل، كما يحتم عليه عدم إجراء أي عملية وساطة لعقار قبل الحصول على إخراج قيد عقاري حديث صادر  عن الجهات الرسمية ذات العلاقة يبين أوصافه والإشارات المانعة وغير المانعة التصرف والوقوعات الجارية عليه وإطلاع الشاري والمستأجر عليها، ولابد من  إبراز صورة مصدقة عن الترخيص للجهات الرسمية عند كل مراجعة أو تسجيل للبيوع والإيجارات.

محام: على الوسيط عدم نشر أي إعلان أو الترويج لبيع عقار أو إيجار إلا بعد تحديد مواصفاته ضمن الإعلان المذكور

ومن التزاماته أيضاً بالقانون إمساك سجل يدون فيه العقارات المعروضة للبيع مع ملخص عنها يتضمن الموقع والمساحة والمواصفات، وكذلك سجل للعقارات المعروضة للإيجار مع ملخص عنها.
وهناك بند يجب فيه تنظيم عقود البيع أو الإيجار وفق النموذج المخصص لذلك والمعتمد من وزارة الإدارة المحلية، وينظم العقد على ثلاث نسخ «للبائع أو المؤجّر، للشاري أو المستأجر، والمكتب» وتوثق عقود الإيجار لدى الجهات الإدارية المختصة.
والبند الأخير يجب على الوسيط العقاري إمساك سجل للبيع وسجل للإيجار ترقم صفحاته وتؤشر وتمهر بخاتم رئيس ديوان محكمة البداية في المحافظة المعنية يحوي كل منهما معلومات عن: الرقم المتسلسل، اسم وشهرة صاحب العقار المعروض للبيع أو الإيجار ومحل إقامته، اسم المستأجر أو الشاري، ثمن البيع أو بدل الإيجار السنوي أو الشهري،  طريقة استعمال المأجور، العمولة المستوفاة، توقيع المشتري أو المستأجر، ويخضع هذا السجل للمراقبة الدورية من الجهة المختصة.

شروط “الدلّال”
وأضاف حولاني: يعد عمل المكاتب العقارية مشروعاً وقانونياً بشرط أن تكون مرخصة، فقد تم تنظيم مهنة الوساطة العقارية من خلال قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2139 الصادر في 27-4-2010، الذي نظّم مهنة الوساطة العقارية واشترط أن تكون مكاتب الوساطة العقارية مرخصة، وحدد شروط الترخيص للوسيط العقاري في المادة الثالثة من القرار, التي بينت في الشق الأول أنه يشترط لمنح الترخيص أن تتوفر في الوسيط العقاري للشخص الطبيعي أو المفوض بالتوقيع عن الشخص الاعتباري الشروط التالية: أن يكون عربياً سورياً أو من في حكمه، وأن يكون قد أتم الحادية والعشرين من العمر، وأن يكون حاصلاً على الشهادة الثانوية أو ما يعادلها، وأن يكون غير محكوم بجرم شائن أو جناية أو جنحة مخلّة بالسمعة والثقة التجارية، وأن يكون من غير العاملين في الدولة.
أما في الشق الثاني فيجب أن يكون لدى الوسيط العقاري محل تجاري خاص لممارسة المهنة مرخص أصولاً وفق أنظمة الوحدة الإدارية أو البلدية المختصة.
والشق الثالث يتضمن أن يكون مسدّداً لرسوم الترخيص المتوجبة حسب القوانين والأنظمة النافذة.

قد تكون تلك الصفحات متوفرة وسهلة التناول، فبالإمكان وأنت جالس على سريرك البحث عن منزلك، لكن الأهم هو حقيقة العروض الموجودة وجديتها والتريث والتدقيق والاستشارة القانونية من محام أو وسيط عقاري خبير، ولك حينها عزيزي الحالم بالوصول إلى مبتغاك بسقف يؤويك بعد اختيار صائب.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار