غياب ثقافته وضعف البنى التحتية أبرز العقبات.. مخاوف من إخفاق الدفع الإلكتروني كأداة اقتصادية وحلُّ لمشكلة الازدحام والانتظار
طرطوس – وداد محفوض:
بدأ العمل بالدفع الإلكتروني مع بداية هذا العام، بعد تلقّي مشتركي الخدمات على أجهزتهم الخلوية رسائل قصيرة “SMS” من شركتي الخلوي لتفعيل الخدمة، ولا شك أن عملية الدفع الإلكتروني تعدّ خطوة مهمة وحضارية لمواكبة التطور وتحقيق الغاية المرجوة منها في تخفيف حركة الأموال النقدية وتقليص هدر أوقات المواطنين في انتظار الدور لتسديد فواتيرهم .
ضعف الثقافة الإلكترونية
ما زال مثل هذا النوع من الدفع ضعيفاً، إضافة إلى تخوّف المواطنين من التطبيق الإلكتروني لعدم الأريحية باستخدام الأجهزة المرافقة للدفع، ومع الشرح الطويل والتنويه باستخدامات هذه التقنية وأهميتها من قبل الجهات المعنية، إلا أن هناك مفاصل مهمة غابت في ظل انعدام البنى التحتية والفنية.
خبير اقتصادي لـ “تشرين”: تسويق الدفع الإلكتروني يحتاج إلى خبرة.. وتخوّفٌ من تشويه هذا الوليد
افتقار للبنى التحتية
محمود معروف – موظف، أشار إلى أن عمليات الدفع الإلكتروني ليست اختراعاً عظيماً، فهي موجودة في أغلب دول العالم، وخاصة المتقدمة منها، ونحن تأخرنا بتطبيقها بسبب ظروف الحرب التي مرت بها بلدنا وأفرزت واقعاً من سوء الخدمات المرتبط بتفعيلها “سوء شبكة الإنترنت، وسوء التغذية الكهربائية”.
ضعف الإنترنت
و رأى أبو محمد- صاحب متجر، أنه قبل الإقدام على هذه الخطوة، يجب أن توضع ثقافة التوعية كهاجس مهم من قبل الجهات المعنية، فكثير من الناس لا يملكون المعرفة الكثيرة عن تفعيل هذا النوع من الخدمة، إضافة إلى عدم إمكانية وجود إنترنت على جميع أجهزة الخلوي للقيام بعملية الدفع الإلكتروني أو امتلاك جهاز خلوي متطور للقيام بهذه العملية بسبب غلاء أسعارها، وتلك مشكلة أخرى، منوهاً بأن هذا النوع من الدفع يصبّ في مصلحتهم “كصاحب متجر” لتسديد الفواتير.
صعوبة تأمين الرصيد
سعاد ربة منزل، اعتبرت أن الدفع الإلكتروني خطوة غير مدروسة رغم إيجابياتها، فإضافة لضعف شبكة الإنترنت، هناك الأهم وهو تردّي مستوى المعيشة، وبالتالي “المدخول شبه المعدوم” لا يسمح للجميع بوضع أرصدة للدفع في شركات الخلوي، وخاصة من لا راتب له، على حدّ تعبيرها، إضافة إلى أنها ستضطر لتعبئة الرصيد من عملاء للشركتين، وبالتالي دفع أجور إضافية، لأنها وكغيرها من المواطنين، تسكن في مكان بعيد عن مقرّ الشركتين.
خطوة رائدة
فيما كان رأي أعداد لا بأس بها من المواطنين، أن الخطوة رائدة لأنها توفر وقتاً وجهداً وتخفّف من الازدحام على كوّات دفع الفواتير، فالمواطن يتمكّن من الدفع في أي وقت وبالمكان الذي يتواجد فيه، حتى لو بعد ساعات وأيام من صدور فواتير (الهاتف الأرضي واشتراك الإنترنت والكهرباء والمياه) والمرسلة عبر رسائل ” SMS” المستلمة على هواتفهم، ولكنها تحتاج لتوفير كل متطلباتها.
التطبيق سهل وغير معقد
أحد موظفي شركات الخلوي أوضح لـ”تشرين”، أن عملية الدفع الإلكترونين تتم عن طريق إحدى شركتي الخلوي العاملتين في سورية وبشكل غير معقد، وبمجرد تفعيل خدمة “حساب كاش” بوضع رصيد بسيط عن طريق أجهزة الخدمة في إحدى الشركتين، أو عن طريق زيارة لهما كل شهرين أو ثلاثة أشهر، يودع من خلالها المستخدم مبلغاً، يختار قيمته بما يناسب استهلاكه من الخدمات.
ارتفاع أسعار أجهزة الاتصال المتطورة إحدى المشكلات
مضيفاً: إن إيداع المبلغ ليس عليه رسوم، ويمكن دفع الفواتير بعدها عن طريق تطبيق خاص بإحدى الشركتين بواسطة الموقع المخصص لهما، إما عن طريق جهاز الكمبيوتر أو رمز مخصص على الخلوي، يسدّد من الرصيد الذي أودعه المستخدم سابقاً ويشمل المبالغ المستحقة الدفع، سواء الهاتف أو الكهرباء أو المياه، وتكاد العمولة، تكون بسيطة قياساً للوقت والجهد الضائع بالدفع المعتاد التقليدي.
الدفع الإلكتروني غير جديد
علي الشيحاني مهندس في مجال الاتصالات، شرح أن عملية الدفع الإلكتروني موجودة أساساً في سورية ومفعّلة على أغلب الأجهزة، ولكن تطبيقها كان بشكل اختياري من قبل المواطنين، فهي خطوة إيجابية ومريحة، توفّر تكاليف على مستوى بلد بكاملها من “ورق وحبر وأجهزة طابعات”، إضافة إلى أنها توفّر على المواطن التنقل وعناء الانتظار لوقت طويل.
وعن طريقة تفعيل الخدمة، أوضح أنها تتم عبر رمز بسيط مكوّن من أربعة أرقام على أزرار الموبايل، يمكن لأي صاحب محل أن يفعّل التطبيق على أجهزة “الأندرويد”، وعندها يصبح للمستخدم كلمة مرور ترسل برسالة “sms” على جهاز المستخدم، يؤكد الحساب وهذا يرتبط برقم الهاتف والرقم الوطني .
متاجر تقدّم خدمات الدفع الإلكتروني
وأوضح أنه بالنسبة للذين يعانون من ضعف في استخدام خدمة التطبيق، ككبار السن أو الأميين أو ممن لا يملكون هاتفاً خليوياً ذكياً، يمكنهم الاستعانة بمحال، يمكنها التعامل مع خدمات الدفع الإلكتروني، وهي منتشرة في كل أحياء طرطوس وريفها، مشيراً إلى أن التعامل مع التطبيق الجديد لا يحتاج شخصاً محترفاً بالبرمجيات، فكلها موجودة مسبقاً على جهاز الموبايل.
ونوه بأن شركات الخلوي تقدّم خدمات أكثر للدفع الإلكتروني من الخدمات المقدمة عن طريق حساب بنك الإنترنت، التي يمكن أن تتطور مع الأيام وتصبح مجالاتها للدفع أكثر، وكذلك الأمر بالنسبة لشركات الإنترنت الخاصة بتطبيق الدفع الإلكتروني عن طريق تطبيقات الخلوي، باستطاعتها أيضاً المساهمة المأجورة في دفع كل الفواتير، شارحاً أن تطور الخدمة مستقبلاً، يمكن أن يمتد ليصل إلى شركات القطاعات عموماً، ما يوفر عناء الذهاب والانتظار.
تأثير إيجابي
الخبير الاقتصادي والمصرفي إبراهيم ديب بيّن لـ”تشرين”، أن ثقافة ومفهوم الدفع الإلكتروني غاية في الأهمية، لكن الأهم هو نشر هذه الثقافة لما لها من تأثير إيجابي على حياة المواطنين، وأهمه حلّ مشكلة الازدحام والانتظار الطويل أمام كوات دفع الفواتير، معتبراً هذه المشكلة تفصيلاً بسيطاً بالنسبة لمشروع بهذا الحجم.
ورأى أن تبادل الثقة في المجتمع، يساعد في تنظيم وتعريف البيئات الفقيرة بالمعلومات المصرفية، ومن ضمنها معلومات الدفع الإلكتروني، الذي يساهم في إيجاد قواعد بيانات دقيقة للقطاعات التي تشكل الاقتصاد الوطني، ومعرفة الكتلة النقدية الموظفة بكل قطاع ونسب نموها، الجدوى الاقتصادية من استثمار الدفع الإلكتروني، إن كان على مستوى استثمار الشبكة أو على مستوى تكاليف إصدار “طباعة ” الفئات النقدية أو العملة الوطنية بشكل عام، وجدواها بالنسبة للحدّ من التضخم، ورفع القوة الشرائية لليرة، والحدّ من عمليات تبييض الأموال، والمضاربة على العملة الوطنية، لافتاً إلى أن هذا بعض ما يجب العمل عليه لنشر ثقافة الدفع الإلكتروني.
ورأى ديب أن الدفع الإلكتروني لا يقتصر على استخدام أجهزة الخلوي فقط، فهناك أيضاً جهاز الـ “POS”، الذي تستخدمه بعض محطات الوقود، وهذا الجهاز سينتشر في “المولات” والمستشفيات والمحال التجارية والفنادق.
وخلص بأن التسويق للدفع الإلكتروني ونشر ثقافته، لا يمكن التعامل معهما كتسويق أي منتج أو سلعة، فهما بحاجة لاختصاص وخبرة ومهنية، نظراً لحساسية الدفع الإلكتروني وأهميته، وعليه يجب الانتباه من تشويه هذا الوليد الجديد.