كنز حقيقي للصّحة.. “التسليق” ظاهرة قديمة تعود إلى الواجهة وبقوة مع الارتفاع الجنوني للأسعار
طرطوس- نورما الشيباني:
يلجأ سكان محافظة طرطوس في الشتاء، وخاصة سكان القرى إلى جمع الأعشاب البرية المتنوعة، حيث تنطلق النسوة بشكل يومي لجمع هذه النباتات، ثم تنظيفها وإعدادها كطبق رئيس على المائدة للغداء وأحياناً كفطور أو عشاء.
واليوم تعود بقوة بعد أن هجرها سكان الريف إلى سنوات، مع الارتفاع الجنوني للأسعار وتدني الدخل بشكل كبير، فلم يعد أمامهم إلا الأرض ليقتاتوا منها.
تروي ندى أحمد (٤٠عاماً) كيف تستغل كل يوم صحو ومشمس في الشتاء للذهاب مع جاراتها إلى الأرض، و جمع أنواع كثيرة من السليق كالخبيزة و القرص عنّة والهندباء والبلغصون و المقصيطة والحرتمنة وغيرها.
وتؤكد ندى بأن طبق السليق هو طبق أساسي على مائدتها في الشتاء، حيث يتواجد بالأرض مجاناً خلال موسم المطر، و كل ما يحتاج إلى طبخه هو القليل من الزيت والبصل أو الثوم والحامض وأحياناً قليل من البرغل، ولهذا هو طبق توفيري ومغذي في وقت تكلفة بقية الأطباق مرتفعة جداً، وترهق كاهل رب الأسرة.
خبير تغذية ينبه: عدم إشراك أنواع متعددة من الأعشاب في وجبة واحدة
بدورها شرحت لنا أم أحمد كيفية إعداد أصناف السليق، حيث يطبخ كل نوع على حدة مثل الخبيزة والهندباء ويمكن صنع طبق مشكل من أصناف عدة يسمى المرشوشة يضاف إليه قليل من البرغل والخبز المحمص، بعد أن تسلق النباتات وتعصر وتضاف إلى البصل والزيت أو الثوم والزيت، كما أنّ هناك أنواع تصلح لتحضير السلطة كالقرص عنة والهندباء وأنواع تسلق تتبل بالثوم والحامض كالهندباء أيضاً، إضافة إلى طبخ أنواع أخرى مع البصل والزيت ويرش عليها الحامض بعد نضجها كالمقصيطة والخبيزة والحرتمنة، وبالإمكان إضافة الحمص أو البرغل لهذه الأصناف.
أم وسام أكدت بأنها مع الكثير من النسوة تستغل موسم “الحويش” أو السليق في الشتاء لدعم أسرتها اقتصادياً، حيث تُجمع الحشائش البرية التي تصلح للأكل وتأخذها إلى السوق لتبيعها بأسعار رخيصة، وهذه النباتات تلقى إقبالاً كبيراً من قبل الناس وهي تحقق بذلك دخلاً شبه يومي يسند أسرتها في هذه الظروف الصعبة، و تقدم للناس فائدة صحية ومصدر دخل، حيث تبيعها بأسعار تناسب قدرتهم الشرائية وكل هذا من خيرات الأرض المجانية التي ينعم الله بها.
بدوره خبير التغذية الدكتور فادي عباس أكد ل(تشرين)أنّ النباتات البرية الصالحة لإعداد الطعام هي كنز حقيقي للصحة لأنها تحوي المغنيزيوم والكالسيوم وفيتامين سي والكثير من الفيتامينات والمعادن الأخرى والألياف.
وأضاف بأن من المهم تناولها في وقتها وعدم تفريزها بل إعدادها طازجة مع الإشارة إلى أهمية طريقة التحضير بإضافة زيت الزيتون النيء بعد أن تذبل الحشائش على النار، كما أكد على عدم إشراك أكثر من نوع في الطبخة لأن هذا ممكن أن يؤدي إلى تأثيرات متضاربة، فكل نوع مهم لوحده وإشراكه مع نوع آخر ممكن أن يقلب الفائدة إلى ضرر.