المغترب.. والحنين إلى الوطن
تشرين- د. رحيم هادي الشمخي:
لم يتعلق أحد بوطنه ومنزله كما تعلّق الإنسان العربي، والسوري بشكل خاص، حتى لو هاجر وتغرّب بمشيئته ورغبته، يبقى الأمل بالعودة إلى الديار والحنين إلى مرابع الصبا جزءاً لا يتجزأ من حياته، وعاملاً مهماً من عوامل بقائه على قيد الحياة والاستمرار فيها.
ويزداد حنين المواطن السوري المغترب كلما امتدت به الأيام والشهور والأعوام كما غيره من العرب المغتربين عن أوطانهم، فهذا الشاعر أبو الطيب المتنبي يذكر وطنه بأيام الغربة عندما غادر العراق وبقي في الغربة في مصر برغم ما توفر له فيها من وسائل العيش والترحاب، وراح يصوّب بصره نحو العراق فلا يجد عن وطنه بديلاً ليتعلل به ويحنّ إلى أحضانه، فراح يخاطبه:
بِمَ التَعَلُّلُ لا أَهلٌ وَلا وَطَنُ
وَلا نَديمٌ وَلا كَأسٌ وَلا سَكَنُ
ما كُلُّ ما يَتَمَنّى المَرءُ يُدرِكُهُ
تَجري الرِياحُ بِما لا تَشتَهي السُفُنُ
وربما كان بعض الذين اضطروا إلى الهجرة ومغادرة أوطانهم لهم مسوغاتهم وأسبابهم التي فرضت عليهم، حيث إفرازات الحروب التي شنتها علينا دول الاستعمار لتمزّق جسد الدول العربية ومحاولة زرع الفتنة حتى اضطر العديد منهم إلى مغادرة ديارهم.
ومع كل ما أسلفنا، فلايزال الإنسان العربي في بلاد الغربة رغم فراق الديار والأحباب يردد قول الشاعر العربي أبي تمام:
نَقِّلْ فُؤادَكَ حَيثُ شِئتَ مِن الهَوى
ما الحُبُّ إلاّ للحَبيبِ الأوَّلِ
كَمْ مَنزِلٍ في الأرضِ يألفُهُ الفَتى
وحَنينُهُ أبداً لأوَّلِ مَنزِلِ
يبقى الإنسان العربي محباً لداره وجاره، يحن أبداً للديار، مهما طال عهد الفراق.