رأسماله القدرة على الالتزام بالمواعيد.. “الديليفري” توفر فرص عمل للشباب عموماً وخريجي الجامعات خصوصاً!
طرطوس ـ وداد محفوض:
يلجأ معظم الشباب في محافظة طرطوس إلى البحث عن عمل مناسب لهم، من أجل سد حاجاتهم الخاصة ولتأمين مستقبلهم، لكن في ظل الأوضاع الاقتصادية السيئة وقلة فرص العمل اللائقة للخرجين من الجامعات، وبعد الانتظار يصابون “بالإحباط”، من هنا اكتشف بعض الشباب عملاً لايحتاج إلى رأس مال، ويناسبهم على حد قولهم من أجل حفظ ماء وجههم، “الديليفري” توصيل الطلبات، كمهنة نؤمن مدخول جيد، بالإضافة لما يحصلون عليه كمدخول إضافي “بقشيش”بحسب تعبيرهم ليخفف من أعباء الحياة الصعبة عليهم.
تجربة شخصية
الشاب أحمد درويش تحدث لـ”تشرين” عن تجربته، وهو خريج تجارة واقتصاد منذ أكثر من أربع سنوات، وبعد أن ضاقت به السبل لإيجاد عمل في اختصاصه “من دون جدوى” لذا لجأ إلى استدانة ثمن دراجة نارية ليبدأ عمله “توصيل طلبات” بشكل فردي بعد أن وضع رقم جواله، والخدمات التي سيقدمها على صفحات التواصل الاجتماعي، وأخذ يتنقل في شوارع طرطوس لإيصال طلبات الطعام إلى منازل الزبائن أو أي سلعة يريدها الزبون، وأوضح أنّ الكثير من الناس أصبحوا يتعاملون مع هذه المهنة منذ جائحة كورونا والحجر الصّحي، والتي استمرت إلى الآن.
وأكد أحمد أن “الديليفري” ليس عملاً خفيفاً وسهلاً وقليل الضغط بل هو متعب، لكن ما يميزه أنه بلا رأس مال ونظيف، ومع مرور الوقت وكثرة المعارف يصبح الدخل المادي أفضل، مؤكداً أنّ الراتب والإضافي لا يسد حاجاته أو مساعدة أسرته ولو بقليل في ظل التردي المعيشي الذي يسيطر على البلد.
“الديليفري” ليس عملاً خفيفاً وسهلاً وقليل الضغط بل هو متعب، لكن ما يميزه أنه بلا رأس مال ونظيف
ونوّه أحمد إلى أنّ ضغط العمل يزيد في أيام الأعياد، وعروض المطاعم وتنزيلات المحلات، “فتلبية الطلبات” ليس لها وقت محدد ولا عدد ساعات محددة، بل مرتبطة بالمناسبات وحاجات الزبائن.
وعن سلبيات وإيجابيات هذه المهنة، ذكر أنّ أهم السلبيات هي مسايرة عقول ونفسيات الزبائن، والتعامل معه من قِبل “البعض” بدونية وأقل مستوى، أما الإيجابيات فتلبية طلبات المواطنين، وخاصة كبار السن الذين لا يستطيعون شراء حاجاتهم، أو حمل الأوزان الثقيلة كجرة الغاز والصعود بها إلى طوابق عالية، أو إحضار الدواء في ساعات متأخرة لمريض، مبيناً أن مهنة الديليفري يستطيع العمل فيها أي شخص من غير تدريب، ولا تحتاج إلى رأس مال، كل ما تحتاج إليه معرفة ركوب الدراجة النارية الخاصة بك أو المُقدمة من الشركة التي تعمل معها.
تأمين فرص عمل للشباب الخريجين:
بدوره طارق الحسين مدير إحدى شركات “توصيل طلبات” في طرطوس شرح لـ”تشرين” أن فكرة التوصيل بدأت عام 2019 عموماً في سورية لكنها قديمة وموجودة بكل أنحاء العالم ونحن متأخرون فيها، وأضاف أن مثل هذه الشركات وفرت فرص عمل للكثير من الشباب الذين هم بحاجة لعمل سواء مرحلي أو دائم، فالموظفون الدائمون مؤمن عليهم، و منهم من لا يريد هذا التأمين لأنهم يعدون عملهم مؤقت.
ونوه الحسين أنّ الشركة تملك سجلاً تجارياً وترخيصاً إدارياً، وأغلب موظفيها من فئة الشباب وبالأخص الجامعيين لأنها بالنسبة لهم مهنة مرحلية إما بسبب السفر والهجرة أو العمل بوظيفة ضمن اختصاصهم، فهذا العمل لايحتاج إلى الخبرة ويعطي عائداً جيداً وسريعاً.
وعن آلية العمل بيّن الحسين أنّ الشركة تؤمن الدراجات النارية للعمال الذين يعملون معها وبراتب يعدّ جيد قياساً لبقية الوظائف الخاصة، حيث يتراوح الراتب المقطوع بين 300 ألف إلى 700 ألف حسب ساعات العمل أو بنسبة والتي تصل إلى 700 ألف أيضاً، وأردف هذا غير “البراني” أي “البقشيش” الذي يتركه الزبون لعامل التوصيل.
الدخل يتراوح ما بين 300 إلى 700 ألف ليرة
وعن أهم ما يميز العمل ضمن الشركة هي السمعة الطيبة وترك الانطباع الجيد عند الزبائن، والسرعة والدقة في المواعيد، وعبّر الحسين عن سعادته في القدرة على تأمين فرص عمل جيدة جداً لفئة الشباب التي تسهم في تخفيف نسبة البطالة في المحافظة، لكن غلاء المحروقات والاضطرار لشرائها من السوق السوداء، وغلاء قطع التبديل للدراجات وأجور الإصلاح أهم المعوقات التي تواجههم كشركة توصيل.
ندرة المسابقات
من جهته أكد دكتور الإرشاد النفسي جبران عاقل، أنّ ظاهرة البطالة أو قلة فرص العمل لدى الشباب وخاصة خريجي الجامعات، ليست حديثة بل هي قديمة جداً في سورية، لكنها ازدادت سوءاً خلال فترة الحرب عليها، بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية، وسوء بعض القرارات المجحفة بحق الخريجين وندرة مسابقات التوظيف، أو الالتزام بتعيينهم، الأمر الذي دفعهم للبحث عن مصادر دخل مختلفة، لا تليق بهم ولا تتناسب مع شهاداتهم ومكانتهم، كالعمل في المطاعم والبسطات والمتاجر وعمال الديليفري..
خبير: يجب ألا يبقى مصير الخريج مجهولاً
إلخ، كل ذلك من المؤكد أدى ويؤدي إلى آثار عديدة على صحة الشباب النفسية والجسدية، فالكثير منهم تعرض لاضطرابات جسمية ونفسية كالقلق من المستقبل والإحباط المتكرر، والتشاؤم وسيطرة الأفكار السلبية، كما أن الكثير منهم سافر أو أصبح جلّ همه السفر أو الهجرة، الأمر الذي سينعكس سلباً على البلد واقتصاده وتطوره، العمل ليس عيباً، جميعنا كشباب جامعي عمل يوماً ما وما زال البعض يعمل، لكن أن يبقى مصير الخريج مجهولاً فهذا مرفوض على الأصعدة كلها، لذا نأمل من الجهات المعنية أن تولي هذه الشريحة الأهمية الكبيرة، لما لها من دور عظيم في تطوير وتقدم المجتمع.