أسعار الزيت تُعيد شجرة الزيتون إلى دائرة الاهتمام.. إقبال على زراعة الغراس الجديدة وتزايد في الطلب على الاستشارات
درعا – عمار الصبح:
شهدت زراعة الزيتون في محافظة درعا ارتفاعاً في الخط البياني، وزيادة في منسوب اهتمام المزارعين بها هذا الموسم مقارنة مع كانت عليه في مواسم سابقة، وبدا واضحاً إقبال المزارعين على زراعة الغراس الجديدة أو تطعيم الموجود بأنواع أخرى أكثر إنتاجاً، فضلاً عن مضاعفة الخدمات المقدمة كعمليات الري والتقليم والتسميد والمكافحة الحشرية.
وأعاد كثير من مزارعي الزيتون هذا الاهتمام إلى الجدوى التي بات يُنظر إليها من زراعة الزيتون، وأسعار مادة الزيت التي تجاوزت الـ100 ألف ليرة للكيلو الواحد، وهو ما أعاد لشجرة الزيتون مكانتها التي كادت أن تخسرها نتيجة سنوات الحرب وما طالها من جفاف وتحطيب، ونتيجة استبدالها بأشجار أخرى أكثر عائدية.
وبيّن أحد المزارعين في منطقة الصنمين، أن الاهتمام بشجرة الزيتون آخذ بالتزايد عاماً بعد آخر، وظهر ذلك جلياً في الموسم الحالي، سواء من حيث الإقبال على زراعة الغراس الجديدة أو التطعيم بأصناف أكثر إنتاجية، حيث يعد شهر كانون الأول الفائت الوقت المفضل لزراعة الغراس وإجراء عمليات التقليم، لافتاً إلى أن الفترة الماضية شهدت اهتماماً واضحاً من قبل المزارعين بأشجارهم المزروعة من حيث الخدمات المقدمة، كالري والتسميد والمكافحة الحشرية، وهي عمليات تضاعفت هذا الموسم بالمقارنة مع ما كانت تشهده في مواسم سابقة.
وقدّر المزارع قيمة تكاليف الشجرة الواحدة خلال الموسم بأكثر من 500 ألف ليرة في الحد الأدنى، ولكن ورغم هذه التكاليف، يبقى الأمر مجدياً – حسب تأكيده – وخصوصاً بعد الارتفاع الكبير الذي سجلته أسعار الزيت مؤخراً، والتي من المتوقع أن ترتفع أكثر مع نهاية الموسم، على حدّ رأيه.
وبالتوازي سجل الطلب على الغراس الجديدة ارتفاعاً ملحوظاً، وحسبما بين أحد أصحاب المشاتل، فقد تضاعف الطلب على الغراس هذا الموسم بالمقارنة مع المواسم السابقة، كما ارتفعت أسعار الغراس أيضاً، لافتاً إلى أن الطلب بات يتركز على الأصناف التي تتمتع بإنتاجية زيت عالية، فيما تعد أكثر الأصناف رواجاً في المحافظة هي (الاستنبولي والصوراني والنبالي والقيسي)، والتي أثبتت جدواها وملاءمتها الظروف الجوية.
بدوره، أوضح المهندس الزراعي محمد الكنعان أن الجدوى الاقتصادية العالية وأسعار الزيتون والزيت هذا الموسم، أعادا لهذه الشجرة اعتبارها، بعد سنوات اتجه فيها كثير من المزارعين إلى قلع أشجارهم واستبدالها بأصناف أخرى أكثر عائدية مثل الرمان، كاشفاً عن زيادة في الطلب على الاستشارات الزراعية من الوحدات الإرشادية ومن المتخصصين الزراعيين، وهو اهتمام بات يأخذ منحىً أكاديمياً، حسب وصفه، وخصوصاً فيما يتعلق بعمليات الري ومواعيدها والتي تضاعفت منذ الصيف الماضي، وأيضاً مواعيد التقليم والقطاف والسؤال عن الأمراض التي تصيب الزيتون والحصول على المكافحة الصحيحة لها.
ووفقاً للمهندس الكنعان، فإن المشكلة الأبرز التي تعاني منها زراعة الزيتون في المحافظة هي العطش وصعوبة الحصول على موارد ري كافية، ولعل هذا ما يجعل أغلبية أشجار الزيتون بعلية، ما يخفض من إنتاجيتها ويخرجها باكراً من نطاق الخدمة نتيجة اليباس، الأمر الذي عزز التوجه نحو الأصناف الأكثر مقاومة للعطش، حسب تأكيده.
وتقدر المساحة الإجمالية المزروعة بالزيتون في درعا، حسب الإحصائيات الرسمية بنحو 23 ألف هكتار وعدد الأشجار المزروعة بـ3 ملايين و421 ألف شجرة، منها 3 ملايين و331 ألفاً في طور الثمار، فيما تصل تقديرات الإنتاج في الموسم الحالي إلى 25 ألف طن من الثمار وثلاثة آلاف طن من الزيت.
وكانت مديرية زراعة درعا، أعلنت أنّ موسم بيع الغراس للمزارعين انطلق بداية شهر تشرين الثاني الماضي، حيث خصصت المديرية خمسة مراكز لبيع الغراس المثمرة والحراجية، وتتمتع الغراس المنتجة في مشاتل المديرية بجودة عالية، وفي تصريح له أشار رئيس دائرة الإنتاج النباتي المهندس وائل الأحمد أن مركزي إزرع ونهج لإنتاج الغراس المثمرة التابعين لمديرية زراعة درعا وصل إنتاجهما إلى 90 ألف غرسة زيتون ضمن خطة الموسم الماضي، فضلاً عن وجود 38 ألف غرسة كرصيد مدور من الموسم الذي سبقه، مبيناً أنّ الغراس المُنتجة هي من صنفي القيسي والإستنبولي التي تتميز بثنائية الغرض من حيث الثمار والزيت وملاءمة المنطقة والإنتاجية العالية.