عز الدّين درويش.. وداعاً
تشرين- محي الدين المحمد:
وتمضي الأيام ثقيلة.. يعكرها رحيل الأصدقاء والزملاء، الذين تقاسموا معنا صراع البناء مع جريدة تشرين، بناء تعَمّد بالصبر والمتابعة والسهر حتى ساعات الصباح الأولى… لم نكن نتشارك الخبز والملح لسنوات طويلة بقدر ماكنا نتشارك التعايش مع الورق والحبر.. نستنشق رائحة النسخ الأولى من الصحيفة دون أن نكترث بسموم الحبر والرصاص، فالهدف النپيل الذي يسعى له الصحفي ينسيه كل الأخطار وينسيه همومه الشخصيه ويحول الصحفيين في قسم الأخبار إلى كائنات ليليلة لاتعرف بهجة الصباح والاستمتاع بفنجان قهوة مع صوت فيروز.
عز الدين درويش كان ناسكاً في محراب الصحافة .. أمضى معظم حياته المهنية في دائرة الأخبار محرراً ورئيس قسم وأميناً، للتحرير وكانت لياليه تعانق صباحاته في كاريدورات المبنى من مكتبه إلى قسم الإخراج، إلى المونتاج في قبو المبنى ومن ثم إلى المطبعة وبعد الاطمئنان على خلو العدد الجديد من أي عيوب تحريرية أو مطبعية يغادر مبنى الجريدة في الميدان في ساعات الفجر الأولى، وفي ساعات نومه النهارية ربما كان يشحذ العزم لمواجهة الليلة التالية مع فريق عمل ليلي أقرب الى الأسرة بكل ماتعنيه الكلمة من معنى.
لم يكن الزميل عز الدين صحفياً مهنياً بل كان أستاذاً في الصحافة.. وكل الزملاء الذين عملوا في الأقسام السياسية يقدرون له ذلك.. كما كان مدرسة في ترسيخ القيم السلوكية الصحفية وفي تعليم الخبرات وفي التواضع والتعاون لتحقيق حب العمل وحب المؤسسة والحرص على روح الزمالة التي تلغي الفوارق بين رئيس ومرؤوس .. وهذه ميزة كان يشترك فيها كل من تولى مسؤوليات تحريرة في صحيفة حفر حبها مكاناً في قلوبنا.
لقد آلمني رحيلك كما آلمني رحيل العديد من الزملاءالذين رافقتهم في مشوارنا المهني ولكل منهم ألم مختلف لكنه موجع أسترجعه مع كل راحل جديد.
الرحمة لروحك الطاهره والصبر والسلوان لأسرتك ولأصدقائك وزملائك ولنا جميعاً ولاحول ولا قوة إلابالله العلي العظيم.