من إعلام العدو.. الرئيس السابق للموساد: الحرب لم تغير شيئاً و«إسرائيل» تسير على طريق الدمار الذي رسمه نتنياهو

ترجمة وتحرير – غسان محمد:
كتب الرئيس السابق للموساد الإسرائيلي، تامير باردو، عبر موقع “القناة 12” العبرية، أن “إسرائيل” تمر بفترة هي الأصعب والأكثر تعقيداً منذ إقامتها، ويبدو أن يداً خفية تمكنت من دفعها إلى حافة الهاوية، وتمكنت من وضع نظارة تحجب الواقع عن أعيننا وعرض صورة مناقضة للواقع، عام 2023، كان فظيعاً بكل المقاييس، بدأ مع ائتلاف حكومي غير شرعي، هدفه أن يكون درعاً لحماية رئيس الوزراء المتهم ويخضع للمحاكمة.
لقد بدأ نتنياهو حملة تشهير هدفها الوحيد تدمير المجتمع الإسرائيلي، واعتنق عقيدة الأحزاب اليمينية والأرثوذكسية المتطرفة، ولم تنفع كل التحذيرات التي أطلقها وزير الحرب يوآف غالانت، كما لم تلقَ تحذيرات النظام الأمني من تهديد وشيك وواضح بحرب متعددة الساحات، آذانا مصغية. وهكذا، لم تحدث الأزمة فقط في المجتمع الإسرائيلي، بل كانت هناك أزمة خطيرة بالقدر نفسه مع صديق “إسرائيل” وداعمها الكبير، الإدارة الأميركية، التي نظرت بقلق متزايد إلى الحكومة الإسرائيلية.
العلاقة بين “إسرائيل” والولايات المتحدة مبنية على أساس مصالح مشتركة. وقد شكّل هذا الوضع أعظم رصيد إستراتيجي لـ “إسرائيل” في الشرق الأوسط وفي العالم أجمع. لكن “إسرائيل” أصبحت أبعد من أن تكون حليفاً، فيما شكلت قوة الولايات المتحدة درعاً ضد التحركات المناهضة لـ”إسرائيل” على المسرح العالمي، وكانت هناك تحركات غير مسبوقة: حق النقض في الأمم المتحدة ومؤسساتها لعقود من الزمن، وضمانات أمنية فريدة تحافظ على تفوق “إسرائيل” التكنولوجي، وحمايتها في الساحة الدولية، وأمام وكالات مثل وكالة الطاقة الذرية، ومنظمات حقوق الإنسان، والمحاكم الدولية، وعلى المستوى الأمني، كان التعاون غير المسبوق، بمثابة رافعة هائلة على مدى عقدين من الزمن في الصراع الإسرائيلي ضد إيران، وفي المجالات الاستخباراتية والعملياتية.
علاوة على ذلك، فإن إعلان الولايات المتحدة بأن “إسرائيل” ستحصل على كل الأسلحة والذخيرة وقت الحاجة، كان سابقة في العلاقات الدولية. وقد تم الحفاظ على هذه العلاقات حتى عندما هاجم نتنياهو رئيس الولايات المتحدة في عهد الرئيس باراك أوباما، كما تجاوز التعاون الاستخباراتي والعملياتي حدود الخيال.
لم يكن عدم دعوة نتنياهو إلى البيت الأبيض من قبيل المصادفة، فقد صُدمت الإدارة الأميركية من الائتلاف الذي أسسه نتنياهو، لكونه حكومة متطرفة تضم عناصر مسيحانية وعنصرية تثير القلق. يضاف إلى ذلك تصريحات وزراء الحكومة واستهتارهم بأهمية وقيمة العلاقات مع الولايات المتحدة. واليوم تزداد الإشارات بأن مكانة “إسرائيل” في الولايات المتحدة تزداد سوءاً يوماً بعد يوم، كما أن اليهود الأميركيين بدؤوا أيضاً يُظهرون علامات الضيق. وعلى الرغم من كل هذا، استمرت الحكومة الإسرائيلية في عملها، على الرغم من كل التحذيرات من حرب متعددة الساحات، كما لو أنها في غيبوبة. وبالتالي، أصبحت “إسرائيل” عقبة في سياسة الولايات المتحدة الإقليمية.
ومع اندلاع الحرب، ناشد رئيس وزراء “إسرائيل”، رئيس الولايات المتحدة، تقديم المساعدة العسكرية الفورية. وعلى الفور، بدأ الرئيس الأمريكي، من دون تردد، بتشغيل قطار جوي وبحري ذي أبعاد تاريخية وغير مسبوقة. وقدمت الولايات المتحدة الدعم الكامل لـ”إسرائيل” في حربها على غزة، بالرغم من رفض نتنياهو شرح الكيفية التي تريد بها “إسرائيل” إنهاء المعركة. ورغم تراجع شعبية الرئيس بايدن في استطلاعات الرأي في عام انتخابي، لم يمنعه ذلك من تقديم دعم غير مشروط.
كانت هناك محاولات أميركية هدفها أن تشرح للحكومة الإسرائيلية أنه رغم الثمن الباهظ، هناك فرصة تاريخية لدمج “إسرائيل” في النظام الأميركي الذي تريد الولايات المتحدة تأسيسه في المنطقة، وهذه فرصة، إذا تحققت، ستؤدي أيضاً إلى بداية حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وضمان أمن “إسرائيل”، لكن إمكانية تحقيق هذه الفرصة في هذه المرحلة، غير عملية. فغريزة البقاء لدى نتنياهو واعتماده على الأحزاب المتطرفة لا تسمح باستغلال الفرصة. لذلك، فإن الخطر الكبير بالنسبة لـ”إسرائيل” هو أنه للمرة الأولى قد تدخل في صدام مباشر مع مصلحة الأمن القومي الأمريكي العليا. وهذا السلوك غير المسؤول للحكومة الإسرائيلية ورئيسها يمكن أن يؤدي إلى تهديد وجودي “للدولة الصهيونية” وليهود الشتات.
الويل لنا إذا خرج البنتاغون ووزارة الخارجية الأمريكية ذات صباح بإفادة خطية إلى الكونغرس والبيت الأبيض تقول إن “إسرائيل” لم تعد ذخراً للولايات المتحدة، بل أصبحت عبئاً إستراتيجياً. فالعنوان مكتوب على الحائط، ومن الأفضل لنا أن نأخذه على محمل الجد.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار