الفساد المجتمعي
تشرين- د. رحيم هادي الشمخي:
لابدّ لنا أن نقول في هذا المجال إن ما يدمر المجتمعات البشرية هو الفساد الذي استشرى مؤخراً في كثير من الدول العربية والنامية، ولابدّ لنا أن نعزو هذا الفساد إلى عوامل عدة، منها: ضعف الأداء الديمقراطي في الأنظمة الإدارية، وغياب المساءلة، وعدم الشفافية في المشروعات الكبرى، وبيانات الميزانية، ولا يفوتنا اتساع الفجوة بين «أقصى الغنى وأقصى الفقر» دونما وسطية مقبولة، كما خطأ الإعلام الذي ينشر المظهرية ويمجّد التفاهة، ويثير الشهوات، ويقتل الوقت، ويدعو إلى الخفة والسطحية، ويكتفي بالتسلية من دون بلوغ العمق في أي شيء، ونجد هنا المحسوبية في بعض الأنظمة والوساطة فيما لا يجوز ولمن لا يستحق.
كما أن غياب القيم في المجتمعات وخاصة العربية أوصلها إلى فساد الاعتقاد، ولو أدرك المجرم أنه لا مفر، لتردد مرات قبل أن يسارع إلى ارتكاب جريمته، ولتغيّر حال الدنيا كثيراً، وعاشت المجتمعات بسلام دون فساد ومحسوبية.
إنّ فساد المجتمعات في الدول النامية أخطر تأثيراً من المجتمعات المتقدمة لكون هذه المجتمعات بحاجة إلى دعم ومساعدة اقتصادية وتربوية وصحية واجتماعية، فقد تظهر في هذه المجتمعات بؤر الفساد المادي وفوضى عارمة للبطالة المقنعة وغير المقنعة، ولا ننسى ظهور طبقة من الأرستقراطيين لا عمل لها غير السلب والنهب على حساب قوت الشعب، ولذلك تبقى المجتمعات رهينة العوز المادي وفقدان الرعاية الاجتماعية والصحية والتربوية في عالم نحن بأشد الحاجة فيه إلى بناء الإنسان الجديد في مجتمع متقدم بعيداً عن الضغائن والأحقاد.