ماذا بعد صدور قانون الحراج؟ غاباتنا ليست في مأمن ومنأى عن فؤوس الحطابين.. ومنع الرعي فيها قرار يحتاج الدراسة
حماة- محمد فرحة:
بعد طول انتظار، جاء قانون الحراج، وفيه العديد من النقاط الإيجابية ومثلها سلبية. أما النقاط الإيجابية في القانون، فتتمثّل في تشديد عقوبة مرتكبي الحرائق والاعتداء عليها (بل التطاول)، من خلال إقامة مشروعات وكسر جوارها وغرسه بأشجار تعود ملكيتها للخاص.
ومما جاء في القانون، وفقاً لما تم تداوله في مجلس الشعب، أنه يمنع وضع النفايات الصلبة والردميات والقمامة وسط الغابات، وكذلك إلقاء أي شيء من السوائل والمخلّفات الأخرى، منعاً لتلوّثها وتلوّث البيئة والحفاظ على الكائنات النباتية الحية من الانقراض، ويقع ذلك على عاتق الوحدة التنظيمية في المحافظة المعنية.
قد يكون هذا تلخيصاً بسيطاً لما جاء في حيثيات القانون، ولذلك سنتوقف عند قضية جوهرية، تتمثّل في وجود العديد من مكبّات القمامة والنفايات في هذه الغابات منذ سنوات، رغم أن هذه القضية سبق وتم طرحها أمام وزير الإدارة المحلية والبيئة منذ سنوات يوم زار مصياف، يرافقه وزير الزراعة بهدف الحدّ من حرائق غابات حراج مصياف.
حيث يوجد مكب للقمامة لمجلس مدينة مصياف وقرية ربعو، وسط موقع حراجي محاط بالغابات التي لم تسلم من الحرائق مذ وجد المكب، وما فاقم الأمر سوءاً أن هذا المكبّ غدا مكبّاً لأكثر من عشر وحدات إدارية، تبعد عنه أكثر من عشرين كيلو متراً .
هذا بالنسبة لمكبّ قمامة مدينة مصياف، في حين هناك مكبُّ آخر أكثر سوءاً، يقع على طريق عام مصياف – وادي العيون، وهو مكبّ لبلدية السنديانة وما حولها، ومحاط بالحراج من كل الجهات.
وعن ذلك، أوضح رئيس مجلس مدينة مصياف، المهندس سعيد الخطيب لـ”تشرين”، أن نقل مكبّ قمامة مجلس المدينة هو مطلب المجلس منذ سنوات، لعدة أسباب، يأتي في مقدمتها سبب موقعه بين غابات السنديان من جهة، وفي الأملاك الخاصة من جهة ثانية.
وأضاف الخطيب: لم تكن هناك مشكلة في بداية الأمر، إلى أن أصبح المكبّ لأكثر من عشر وحدات إدارية، ما جعل الطريق العام الممتد من مدينة مصياف إلى الموقع أكواماً من القمامة، وضاق الموقع بذلك، وعندما يراد التخلص من هذه النفايات عن طريق الإحراق، تتطاير النار إلى الغابات المحيطة، فتشعلها.
وأَمِلَ أن يتم نقل المكب إلى مكان آخر، بعيداً عن الغابات، وفقاً لما جاء في قانونها الجديد الذي يمنع إلقاء القمامة والنفايات الصلبة والسائلة فيها.
من جانبه، ذكر مصدر في مديرية زراعة حماة لـ”تشرين”، أن قانون الحراج الجديد من شأنه الحفاظ على الغابات، وذلك من خلال مشاركة المجتمع الأهلي بالتشاركية، ومنحه جانباً مهماً من المسؤولية.
أما بخصوص وجود مكبّات ومطامر غير صحية في المواقع الحراجية، فعلى الوحدات الإدارية البحث عن أماكن لهذه الغاية، وخاصة أن عملية محاولة التخلص من هذه النفايات تتم عن طريق الإحراق، ما يهدد الغابات والحراج المحيطة بهذه المكبات.
بالمختصر المفيد، كان يمكن الحدّ من الاعتداءات على هذه الغابات الحراجية من خلال زيادة مخصصات التدفئة، فبدلاً من خمسين ليتراً من المازوت، يمكن زيادتها إلى مئة ليتر في حدها الأدنى، وبدلاً من شراء ما يلزم من السوق السوداء، كان من الأفضل أن تعود هذه المبالغ لخزينة الدولة بدلاً من تجار المادة.
كما أنه ليس من المعقول أنه ممنوع الرعي في الغابات الحراجية المتجددة حديثاً، وخاصة في المواقع المحروقة، التي يجري ترميمها بعد حرقها قبل خمسة عشر عاماً، ما يعني أن الحشائش التي ستنمو فيها قد تحوّلها إلى جحيم في حال نشوب حريق فيها، زد على ذلك أن أحد فقراته تبيح الاحتطاب بمقدار ٨٠ % كحد أقصى وفقاً لمقاييس معينة، من دون أن يذكر بوضوح ما هي هذه المقاييس، وإنما من خلال السماح بذلك بشكل مهذب، أي ضمن نطاق التربية والتقليم.