في اليوم الـ69.. واشنطن أمام معضلة على كل الجبهات ومسؤولوها يواصلون رحلاتهم المكوكية إلى المنطقة.. إدارة بايدن تريد ولا تريد إنهاء العدوان؟!
تشرين- هبا علي أحمد:
وصلت أصداء الهزيمة الإسرائيلية في «الشجاعية» شرق قطاع غزة إلى داخل الولايات المتحدة الأمريكية حيث يترقب الرئيس جو بايدن هزيمته مقابل مجلس النواب بقيادة الجمهوريين الذين فتحوا تحقيقاً لعزله – أي بايدن- إضافة إلى خسارته الكثير من الأصوات التي يُعول عليها في الانتخابات القادمة على خلفية دعمه للعدوان الإسرائيلي على غزة المتواصل منذ69 يوماً، وبالتالي لا ندري إن كان بايدن سيملك الوقت أو بالأحرى سيسعفه «عقله» في خضم هذه الضغوط والمعطيات للاطلاع على ما تخلص إليه زيارات مسؤولي إدارته إلى «تل أبيب» والمنطقة، حيث مستشار أمنه القومي جاك ساليفان يحط الرحال اليوم في «إسرائيل» يتبعه غداً رئيس هيئة الأركان الجنرال تشارلز براون، على أن يزورها وزير الدفاع لويد أوستن الأسبوع المقبل.
أي فرق سيحدثه ساليفان وماذا في جعبته من جديد لم يقدمه من سبقوه؟.. فهو لا يستطيع إيجاد «نصر» ما للكيان كما لا يستطيع تفريغ انتصارات المقاومة الفلسطينية من مضمونها
لا ندري أي فرق سيحدثه ساليفان وماذا في جعبته من جديد لم يستطع تقديمه من سبقوه في هذه المهمة، وبالتالي فإن التأثير في مجريات الميدان ليس وارداً فلا هو يستطيع إيجاد «نصر» ما للكيان ولا يستطيع تفريغ انتصارات المقاومة الفلسطينية من مضمونها، وبين هذا وذاك يبقى الثابت الوحيد أن الخلافات الأمريكية – الإسرائيلية التي يتمّ الحديث عنها راهناً هي ليست بالخلافات وربما يحمل ساليفان في دفاتره شرحاً لوجهة نظر إدارته فقط وللتوضيح.. ويتضمن جدول أعمال المستشار الأمريكي الاجتماع بكابينت الحرب الإسرائيلي لبحث 8 مسائل بينها موعد «إنهاء القتال الشديد والانتقال إلى المرحلة التالية» إضافة لمحاولة تحقيق اختراق وإحداث مسار لصفقة بضغطٍ أميركي، وفهم ماذا ستفعل «إسرائيل» بعد خان يونس، ومسألة اليوم التالي بعد انتهاء الحرب، وفحص وجود صلة بين «التصريحات والنتائج» في كل ما يتعلق بالضرر اللاحق بالمدنيين خلال القتال، إضافةً إلى بحث ما يحصل في القطاع الشمالي.
– ما بعد ساليفان كما قبله
بناء على ما تم ذكره نجد أن ما بعد ساليفان كما قبله، المزيد من الوحشية الصهيونية، ولاسيما أن وسائل إعلام العدو تحدثت عن أن جدول الحرب في قطاع غزة الذي ستقدمه «إسرائيل» للأميركيين سيشمل مرحلةً من «القتال الشديد» حتى نهاية كانون الثاني المقبل، و«تقويض حركة حماس» طوال العام 2024..
.. وما بعد ساليفان كما قبله، وخاصة أنه يبحث مع الكيان عن اليوم التالي للحرب من دون تحديد أفق واضح للمرحلة الثانية وكيف يجب أن تنتهي.. ببساطة الدعم الأمريكي لمواصلة العدوان الإسرائيلي على كل الشعب الفلسطيني وليس غزة فقط لن يتوقف.
– ما لا يُقال علناً
بناء على ما سيبحثه ساليفان نستنتج أن واشنطن لا تريد وقف الحرب على غزة وهذا يُعززه ما ذكرته صحيفة «بوليتيكو» الأميركية، تحت عنوان «ما لا يُقال علناً.. واشنطن لا تريد وقف الحرب على غزة»، أنّ هناك أسباباً عديدة تجعل الولايات المتحدة غير راغبة في دفع «إسرائيل» إلى قبول وقف إطلاق النار في غزة، بما في ذلك الرغبة المشتركة في «تدمير حركة حماس»، في حين ذكرت وكالة «بلومبرغ» أنّ الدبلوماسية الأميركية تواجه معضلة في كل الجبهات، حيث تشعر الدول بالجرأة المتزايدة على التشكيك في موقف الولايات المتحدة بشأن الأحداث، ولاسيما في الحرب بين «إسرائيل» وغزة، ما يدفع الولايات المتحدة إلى تقييد الوقت المتاح أمام حليفتها لإنهاء المعركة.
أسباب عديدة تجعل واشنطن غير راغبة في دفع «إسرائيل» إلى قبول وقف إطلاق النار.. الرغبة المشتركة في تدمير المقاومة تقابلها معضلة أميركية على كل الجبهات
في هذه الأثناء، تتصاعد الخلافات في كابينيت الحرب الإسرائيلي بشأن استمرار العدوان على غزة وبشأن المفاوضات مع «حماس» من أجل إطلاق سراح الأسرى المتبقين في قبضتها في غزة.
وأشار الإعلام الإسرائيلي إلى أنّ عضو كابينت الحرب بني غانتس يعتقد أنّ «إسرائيل» بحاجة إلى إيجاد فرصة لاستئناف العملية، بينما يعتقد عضو الكابينت ووزير «الأمن» في الحكومة يوآف غالانت، ورئيس وزرائه بنيامين نتنياهو، أنّ عليهما «انتظار إشارة من حماس بأنّها تريد صفقة أخرى، وهي الإشارة التي لم تصل حتى الآن».
– أثمان باهظة
سواء طال أمد المعارك أم قَصُر، إذا استجاب الكيان الصهيوني للضغوط وهذا مستبعد بناء على التصريحات، فإن الأهداف لن تتحقق وهي بعيدة المنال ومعركة الشجاعية والخسائر الإسرائيلية بها تعطي دفعاً إضافياً لصعوبة تحقيق الكيان لـ«انتصار» ما، إذ ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» أنّ الخسائر الإسرائيلية الأخيرة في ساحة المعركة في غزة، تظهر أنّ الهدف الشامل لجيش الاحتلال- وهو «شل حركة حماس وقدرتها على إيذاء الإسرائيليين»- لا يزال بعيد المنال، حتى في الجزء الشمالي من قطاع غزة، الذي كان المحور الأساسي للنشاط العسكري منذ بداية الحرب، في حين صرح قال قائد المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال، اللواء يارون فينكلمان، عن معركة الشجاعية: إنّ هناك أثماناً باهظة جداً وأمامنا تحديات كبيرة.
– عزل بايدن
بايدن الذي يرعى نتنياهو يجد نفسه وحيداً اليوم من دون من يرعاه أو يرد له «الجميل»، فالأخير يغرق في أوهام السيطرة على غزة والقضاء على المقاومة الفلسطينية، والأول يواجه تحقيقاً لعزله الأمر الذي وصفه بايدن بأنه «حيلة سياسية لا أساس لها» إذ وافق 221 عضواً، فيما عارض 212 آخرين في مجلس النواب الأمريكي، على القرار الذي قدمه الحزب الجمهوري في مجلس النواب، والذي من شأنه توجيه لجان الرقابة والمساءلة والإيرادات والنفقات والسلطة القضائية في المجلس لمواصلة تحقيقاتها المستمرة حول ما إذا كانت هناك أسباب كافية لعزل الرئيس الأمريكي الحالي.
بايدن الذي يرعى نتنياهو يجد نفسه وحيداً اليوم من دون من يرعاه أو يرد له «الجميل» فهو يواجه تحقيقاً مفتوحاً لعزله فيما نتنياهو يغرق في أوهام السيطرة على غزة
وتتعلق التحقيقات التي أطلقها الجمهوريون في مجلس النواب اليوم، بتورط بايدن في مبادرات الأعمال الخارجية لابنه هانتر، وتتعلق الشكوك حول ذلك بالفترة التي شغل فيها بايدن منصب نائب الرئيس الأمريكي في إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، فيما ينفي البيت الأبيض بشدة مثل هذه الاتهامات.
وسبق أن ذكر الجمهوريون مراراً وتكراراً أن عائلة بايدن تتلقى أموالاً من الشركات، بما في ذلك الشركات الأجنبية، لاستخدام النفوذ السياسي لمصلحة الأعمال.