نتنياهو كبش المحرقة القادم
تشرين- د. منذر علي أحمد:
ليس التطرف وما يتبعه من عنصرية غريباً على كيانٍ بني على باطل، فترى المنافسة تشتعل بين قادة الكيان الصهيوني ويتسابقون من منهم يمتلك حقداً وكراهيةً وضغينةً أكثر ضد الفلسطينيين أصحاب الأرض.
مع بداية عملية طوفان الأقصى هدد قائدا حزبي اليمين المتطرف، بتسلئيل سموترتش وإيتمار بن غفير، بالانسحاب من الحكومة والسعي إلى إسقاطها، في حال وافقت على الاقتراح بوقف الحرب في قطاع غزة، وإبرام صفقة تبادل أسرى كبيرة تؤدي إلى إطلاق سراح آلاف الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية، فهما يريدان دفع نتنياهو إلى الذهاب إلى أقصى الحدود في ممارسة البطش بالفلسطينيين، من دون أن تتلطخ أيديهم مباشرة، فنتنياهو سيكون كبش المحرقة والشماعة التي سيعلق عليها كل أشكال الفشل والخلل والضعف التي عانتها «إسرائيل»،
وأدت لنجاح المقاومة الفلسطينية بتحقيق ذلك الإنجاز غير المسبوق.
وشعارات نتنياهو هذا بأنه «الشخص الوحيد الذي يمانع إنشاء دولة فلسطين» أصبحت بلا جدوى فأيام محاكمته وسجنه باتت قريبة، وكانت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية قد نقلت في وقت سابق عن مصدر في حزب الليكود، أن نتنياهو قلق بشأن وقوع انقلاب ويريد أن يجري الانتخابات مباشرة بعد نهاية الحرب، وهو يخاف من المحادثة حول تغييره ويريد أن يطمئن أن ليس من الممكن لأي شخص أن يستلم السلطة ضده.
من الواضح أن صلاحية نتنياهو قد انتهت، شأنه شأن قادة الكيان السابقين، وليس مستغرباً أن يقدم كمذنب ومسؤول وحيد عن كل ما جرى في محاولة لتخفيف الضغوط التي يتعرض لها قادة الكيان من قبل الرأي العام اليهودي. وكل محاولات قادة الكيان بإظهار مدى التلاحم ومدى الوحدة التي تجمعهم حالياً تفضحها تصريحاتهم التي تحاول النيل من خصومهم السياسيين حتى في أشد لحظات الكيان حرجاً، ففي وقت سابق قال بن غفير إنه وأعضاء كتلته الستة وافقوا على البقاء في الحكومة، رغم إنهم لا يوافقون على الهدنة من أول يوم، ويرون أن على «إسرائيل» أن تواصل الحرب بكل عنفوانها، حتى تستسلم قيادة «حماس»، وأنهم لم يستقيلوا بعد لأن الجيش يحارب في غزة، ولا يجوز إحداث خضات للحكومة عندما يكون الجنود في الجبهة، لكن، إذا قررت الأكثرية في الحكومة قبول الاقتراحات التي تتم بلورتها لتمديد الهدنة والتوصل بالتالي إلى وقف نار تام، فيستقيلون، والبعض يعتبر أن مجرد الاحتفال بإطلاق الأسرى الإسرائيليين هو هزيمة تمس ما تسمى عظمة «إسرائيل» وصورتها بأنها الدولة الأقوى في المنطقة والدولة التي لا تقهر.
العنجهية التي تتعامل فيها «إسرائيل» وادعاءاتها بأنها قادرة على فرض نفسها كقوة مطلقة لا يجرؤ أحد على المساس بها وبمواطنيها، جميعها سقطت في يوم السابع من تشرين الأول، ولعل مشكلة «إسرائيل» مع غزة ليست مشكلتها الوحيدة، فجولة وزير الدفاع الصهيوني يؤأف غالانت إلى شمال الأراضي المحتلة لهدف دراسة الوضع الميداني في المنطقة وادعاؤه أنه يبحث عن الظروف التي تؤدي إلى عودة سكان الشمال ودفع حزب الله إلى الوراء في عمق لبنان.. هذا الكلام لا يصدقه عاقل، فـ(إسرائيل) العاجزة عن تحرير أسراها وتحقيق نصر على قطاع غزة الذي تعرف أدق تفاصيله ستكون أكثر عجزاً في أي مجابهة مستقبلية مع حزب الله وكلام وزير دفاعها عن دفع وإبعاد حزب الله إلى عمق لبنان لن يتعدى مسألة كونه أحلام العصافير، ولعل مقدار الغضب من تصريحات وزير الدفاع والرد الذي جاءه من رئيس مجلس مستوطنات آشر «موشيه دافيدوفيتتش» بأن «سكاننا لن يعودا إلى منازلهم ليكونوا درعاً بشرياً» يوضح مدى الانفصام والشرخ الداخلي الذي تعيشه «اسرائيل» على مستوى قياداتها، ووصل الحد بموشيه لاتهام وزير الدفاع بالهلوسة، وبأنه لن يقبل بأن يكون أطفال اليهود وقوداً للمدافع، وأثار موشيه التساؤل حول إن كانت هناك نية لأن تتم مراوغة اليهود الساكنين في المستوطنات الشمالية بهذه الدعايات العسكرية مرة أخرى، كل تلك المعطيات تبين حجم الانشقاق الذي يعيشه الكيان الصهيوني على المستوى الداخلي الذي ستزداد تبعاته وتظهر نتائجه بشكل أوضح كلما تقدم عمر المعركة.