“طوفان فلسطين”…جداريّةٌ جماعيّةٌ تُواكب الحدث المُستجِد في غزة

دمشق- لبنى شاكر:
خلال أيامٍ قليلة، يُفترض أن تتربّع الجداريّة الجماعيّة “طوفان فلسطين” في إحدى صالات مخيم اليرموك، بِوصفه أكبر مخيمات الشتات، ورمزاً فلسطينياً معروفاً، وعلى أن العنوان الذي نعيش تفاصيله منذ أكثر من شهرين، في الحرب على غزة، يُوجز الكثير مما يُمكن قوله عن مضمون اللوحة كبيرة الحجم، لكن مع ذلك، حاول المُشاركون المزج بين رُؤاهم وأساليبهم الخاصة، والحدث المُستجد يومياً، إلى جانب إمكانية تمييز الجزء الخاص بكلّ فنانٍ منهم، رغم الانسجام والتناغم اللذين يُتيحان رؤية المُحتوى المُتنوّع، موضوعاً واحداً.
ظهرت فكرة الجدارية في اقتراحٍ للفنان محمد الركوعي، المعروف بأعماله المُلتزمة بالقضية الفلسطينية، منذ اعتُقِل شاباً بتهمة المشاركة في عملياتٍ عسكريةٍ فدائية ضد إسرائيل، التي أصدرت بموجبها أحكاماً بسجنه مدى الحياة، أمضى منها 13عاماً في مُعتقلاتها، ورسم خلالها 400 لوحة على وجوه المَخَدات، هرّب الكثير منها إلى عائلته وأصدقائه في الضفة الغربية وغزة، قبل أن يُطلق سراحه في عملية تبادل الأسرى عام 1985م (عملية الجليل).
ومن ثم لقي اقتراحه تفاعلاً من الفنانين “أحمد الخطيب، معتز العمري، محمد عارف، غسان عكل، علي جروان، محي الدين الحمصي”، وبدؤوا العمل في المركز الثقافي في أبو رمانة، إلى أن أصبح العمل الفني “ثلاثة أمتار ونصف × متر ونصف”، والمرسوم بألوان الإكريليك، جاهزاً للعرض، يقول الركوعي لـ “تشرين”: “ما ترونه في اللوحة هي مشاعر الفنانين تجاه شعبنا بالريشة واللون، حقيقةً ليس بالسلاح وحده نقتلع الاحتلال، نحن نحتاج الفنون والآداب، ولطالما كانت اللوحة داعماً معنوياً للشعب الفلسطيني”.
الفنان أحمد الخطيب، وهو مدير مركز “الفنان محمد الوهيبي” التربوي للفنون، رسم مقتطفاً من مدينة القدس يظهر فيه مسجد قبة الصخرة المشرفة وكنيسة القيامة، وفي مقدمة اللوحة مجموعة من الفدائيين والمجاهدين يذودون عن مقدسات فلسطين، مستبشرين بالنصر، رافعين رايات التحرير، يقول: “مشاركتي في رسم جدارية طوفان فلسطين كانت رسالة مني ومن زملائي إلى أهلنا الصامدين المرابطين في غزة وفي كل فلسطين، لما قدموه ويقدمونه من تضحيات جسام بالنيابة عن الأمة العربية والإسلامية بالدفاع عن مقدسات فلسطين وشعبها الأبي”.
وعلى حدِّ تعبيره، لطالما كان الرسم عملاً فردياً، ونادراً ما يتشارك أكثر من فنان في إنتاج لوحة، لكن تجربة العمل على جدارية من هذا النوع لها دلالة وطنية ونضالية، إضافة لكونها عملاً فنياً، حيث تضافرت الجهود بين الفنانين كما المقاتلين في ساحة المعركة يتقاسمون المهام، يُضيف لـ “تشرين”: “تجربة العمل المشترك أضفت للفريق روح التشاركية التي ألهمتنا حالة من التآلف والانسجام والمتعة، كذلك حققت نتائج بديعة، تفوقت إخراجاً وتقنيةً ولوناً وموضوعاً على أعمالنا الفردية كلٌّ على حدة، لِما فيها من طاقة إيجابية، جمعتنا فيها محبة فلسطين ونضالنا كفنانين بالريشة واللون”.
أمّا عن الكيفية التي يُمكن للفن بها أن يُسهم في دعم قضية فلسطين، يُوضح الخطيب: “بما أن الرسم يعتمد على قوة الفكرة وإتقان التنفيذ وعمق التعبير، فإن اللوحة تختزل آلاف الكلمات، وتقول مالا يقال، وتحفز وتشحن الهمم وتسهم في تكوين إيديولوجيا المجتمع. وبما أن الفن لغة تخاطب عالمية، فإن اللوحة الملتزمة تقاوم وتوصل صوت المظلومين للعالم وحقهم بالتحرر، وتوثّق نضالهم وقضاياهم الإنسانية العادلة، فكيف بقضية فلسطين، قضيتي وقضية كل حرٍّ وشريف في العالم، أنا فنان أنتمي لفلسطين، للشهداء وللمقاومة، وما غابت يوماً عن وجداني ولوحاتي”.
بدوره الفنان غسان عكل، وفي رصيده مجموعة معارض فردية، رأى في مشاركته تعبيراً عن كل فنان سوري، يقف بفنه وريشته ضد الكيان الإسرائيلي الظالم، يقول لـ “تشرين”: “هذا أقل ما يُمكن أن يفعله كل فنان صادق، أن يُقاوم بفنه وريشته وثقافته، ويقف بوجه هذا العدوان الغاشم على غزة، الفن سلاحٌ قادرٌ على الوقوف بوجه العدو، لأنه يجمع الفكر والثقافة مع صدق المشاعر لدى كل فنان حقيقي”، كما وجد عكل في العمل الجماعي تبادلاً للفكر والفن، واستفادة من تجارب الآخرين.
من المشاركين أيضاً، الفنان علي جروان، المعروف كذلك بالتزامه فنيّاً بالقضية الفلسطينية، والذي لم يمنعه من محاولات التنويع والإضافة بشكلٍ مدروس، مُؤمناً أن التمترس في مكان واحدٍ ومُحددٍ فنياً من دون أي جهدٍ أو تطوير، خطأ يجب عدم الوقوع فيه، يقول جروان لـ “تشرين” في حديثٍ سابق: “الفن الفلسطيني المُعاصر يختلف عما كان عليه مع انطلاق الثورة الفلسطينية، تزور معرضاً فتشعر بأن الثورة نابضة فيه، بكل ما فيها من رموز صارخة (حصان، مقاتل، بندقية، كوفية، إشارة النصر)، اليوم لم نتخلَ عنها لكن حاولنا الاشتغال عليها، بما يُحقق مواكبة المسيرة الفنية للعالم والحدث المتواصل في فلسطين”.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
على سيرة إعفاء مدير عام الكابلات... حكايا فساد مريرة في قطاع «خصوصي» لا عام ولا خاص تعزيز ثقافة الشكوى وإلغاء عقوبة السجن ورفع الغرامات المالية.. أبرز مداخلات الجلسة الثانية من جلسات الحوار حول تعديل قانون حماية المستهلك في حماة شكلت لجنة لاقتراح إطار تمويلي مناسب... ورشة تمويل المشروعات متناهية الصغر ‏والصغيرة تصدر توصياتها السفير آلا: سورية تؤكد دعمها للعراق الشقيق ورفضها مزاعم كيان الاحتلال الإسرائيلي لشنّ عدوان عليه سورية تؤكد أن النهج العدائي للولايات المتحدة الأمريكية سيأخذ العالم إلى خطر اندلاع حرب نووية يدفع ثمنها الجميع مناقشة تعديل قانون الشركات في الجلسة الحوارية الثانية في حمص إغلاق الموانئ التجارية والصيد بوجه ‏الملاحة البحرية.. بسبب سوء الأحوال الجوية صباغ يلتقي بيدرسون والمباحثات تتناول الأوضاع في المنطقة والتسهيلات المقدمة للوافدين من لبنان توصيات بتبسيط إجراءات تأسيس الشركات وتفعيل نافذة الاستثمار في الحوار التمويني بدرعا خلال اليوم الثانى من ورشة العمل.. سياسة الحكومة تجاه المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والرؤية المستقبلية