«رقباء» مُفسدون..!

لم تكن المرة الأولى، وعلى ما يبدو أنها لن تكون الأخيرة في موضوع انهيار الأبنية وإزهاق أرواح الناس، أو تعريضهم وأملاكهم للخطر إذا ما بقيت ضمائر البعض مغيّبة.
فما حصل في منطقة التضامن بدمشق أمس الأول، كان قد حصل في أماكن ومحافظات أخرى سابقاً، وكانت النتائج في بعض المناطق كارثية، إلا أننا مازلنا نجد المآسي تتكرر، ونجد أيضاً أن بعض من لم يعد يشبع بطونهم وعيونهم الفارغة شيء، ما زالوا يعيثون فساداً وخراباً في تشييد أبنية مخالفة وبعيدة عن كل البعد عن السلامة الإنشائية، كل ذلك طمعاً بكسب المال و”الغبّ ” ما أمكن من جيوب الناس و”دمائهم”.
للأسف.. إن أغلب المخالفات تم ويتم تشييدها بسرعة ومن دون عوامل أمان، وذلك بعلم بعض المتنفّعين من أماكن وجودهم لأغراض لم تعد تخفى على أحد، الذين يغضّون الطرف عن المخالف ليفعل ما يحلو له مادام أمن جانب بعض هؤلاء “الرُّقباء” ..!
الأخبار تؤكد أنه يتم التحقيق في ملابسات الحادثة ومعرفة كل من له “يد” بالموضوع لتحميله المسؤولية ومحاسبته، لكن ما نفع ذلك لمن سقط منزله فوق رأسه ورؤوس أفراد أسرته، هل يُعيد الحياة لمن فقدها؟
لو كان تم ويتم التدقيق دورياً في جميع الرخص الممنوحة للبعض من اللجان حول مدى سلامة “الأساسات” وخضوع البناء لمعيار السلامة الإنشائية، لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم.. إذ مهما كانت نتائج التحقيقات وأياً كان المسؤول عن الفاجعة فلن يعيد ذلك أرواحاً زُهقت وأملاكاً خسرها أصحابها، كان ثمنها “شقاء” العمر كله أو ربما الاستدانة وما زالوا يسددون بعضها إلى اليوم .
والسؤال: لماذا علينا أن ننتظر وقوع «الفأس في الرأس» ثم نبحث عن المسبّبات ونبدأ رحلة التقصّي عن الحقائق؟ أليست التوجيهات الدائمة، التي تأتي من جهات عليا بضرورة الأخذ في الاعتبار معيار السلامة الإنشائية وعدم السماح بتشييد المخالفات، كافيةً، أم إن البعض يظنّ نفسه فوق كل توجيهات، أو أنه سيبقى بعيداً عن أعين الرقابة إلى حين ملء جيوبه، مهما كان الثمن حتى لو كلّف أرواحاً بريئة؟

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار