التصدير وثلاثية الأهداف

الحديث عن التصدير ودوره في إنعاش الحياة الاقتصادية له أبعاد كثيرة ومختلفة، حسب طبيعة الحالة الاقتصادية والاجتماعية لكل بلد، والأهم الموارد والسلع التي يشكل قوامها التصدير “القيمة الأكبر” في الناتج المحلي وغيره من الحسابات الداعمة لهذا المكون!
من هنا كان الاهتمام الحكومي على مر العقود الماضية بقطاع التصدير، باعتباره الشريان الذي يتنفس منه الاقتصاد الوطني، والمكون الأكبر الذي يسمح بإيجاد مخارج متعددة، لتثبيت حالة الإنعاش المستمرة للاقتصاد، وزيادة دوران العجلة الإنتاجية، وصولاً لرفع معدلات النمو، ومعالجة أسباب التضخم والبطالة ونسبها التي كانت تزداد بصورة مستمرة، والأكثر أهمية يسمح بإيجاد مساحة واسعة من الدعم لاستثمار الموارد الوطنية بفعالية أكبر، وشمولية وواقعية أكثر..
لهذه الأسباب وغيرها كان اهتمام الحكومات المتعاقبة بقطاع التصدير، ووضع الاستراتيجيات المطلوبة لتطويره، وإقرار الخطط التي تساعد في توفير أسواق التصدير، واستعادة ما فقدناه خلال سنوات الحرب منها، وخاصة أن سورية كانت تحظى بأسواق في أكثر من 85 بلداً، وكانت السلع والمنتجات السورية تغزو تلك الأسواق تنافس بها بالسعر والجودة، إلا أن الحرب الكونية والعقوبات وقبلها سرقة الموارد من قبل الاحتلالين “الأمريكي والتركي” وأدواتهما الإجرامية ضاعفت من معوقات التصدير والانسحاب من معظمها، الأمر الذي دعا الحكومات إلى الاهتمام أكثر بقوة التصدير والبحث عن تلك الأسواق واستعادتها بصورة تدريجية وفق خطة مدروسة، أهم مكوناتها الاهتمام بالمنتجات التصديرية، والعمل على تحسين نوعيتها ومواصفاتها، بما يتوافق مع رغبات تلك الأسواق، وخاصة الإنتاج الصناعي، إلى جانب استخدام المكننة والتكنولوجية الحديثة، من أجل توسيع دائرة الاستفادة من القيمة المضافة للسلع المصدرة ..
ومن الإجراءات التي عززت قوة التصدير الميزات التفضيلية والإعفاءات التي قدمت للسلع، لاسيما المتعلقة بأجور النقل، وتحمل تكاليف الاشتراك في المعارض الخارجية، وتقديم الحوافز للمزارعين وخاصة للمحاصيل التصديرية، ومنح مزايا تفضيلية عند المقارنة مع السلع الأجنبية، على اعتبار أن المنتج المحلي يتحمل أعباء وتكاليف لا يتحملها المنتج المستورد، لكن أهم الإجراءات والتي من شأنها دعم قطاع التصدير، هو الإقلال من السلع المستوردة على حساب السلع التصديرية، وبالتالي كل هذه الإجراءات وغيرها لم يتسع “المكان لذكرها” من شأنها تخفيف حالة الاستيراد وتعظيم قوة التصدير، بما يضمن تفوقها وإيجاد حالة استقرار اقتصادية يسعى الجميع حكومة وجهات تابعة، وحتى جهات أهلية ومجتمعية لتحقيقها وترجمتها على أرض الواقع، محققين ثلاثة أهداف بوقت واحد: الأول تعزيز قوة الإنتاج المحلي، والثاني تعظيم قوة الحالة التصديرية، والثالث هو توفير القطع الأجنبي اللازم لاستكمال دورة الإنتاج في القطاعات الأخرى..
لكن السؤال هنا، هل بالفعل الإجراءات الحكومية وصلت لهذه النتيجة في ظل ظروف صعبة قسم كبير منها خارج عن إرادتها، أم ما زالت تبحث عنها في البرامج والخطط التي تاهت الطريق في سراديب المكاتب ..؟
أعتقد الجميع لديه الجواب!!.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار