مشروعات “الإنقاذ الاجتماعي والاقتصادي” بحاجة إلى إنقاذ..عثرات مزمنة ومحاولات الإنعاش مرتبكة..

تشرين-  رشا عيسى:

رغم أهمية المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر، ودورها في دعم الاقتصاد الوطني، إلا أنّ الدعم المقدم لها لم يصل إلى المستوى اللازم للنهوض والمساهمة بشكل فاعل في دعم الاقتصاد الذي يحتاج وفقاً للخبراء اعتماد نظام السوق الذي يضخ الحيوية، ويفجر روح المبادرة للأفراد ويخلق بيئة الأعمال الجيدة.

طريق المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر ضيق حتى إشعار آخر

وتشكل هذه المشروعات نسبة كبيرة من المشاريع في سورية، تصل نسبتها إلى حوالي 90% من إجمالي المشاريع، وتساهم المشاريع الصغيرة بدور مهم في التنمية الاقتصادية، وتأمين فرص عمل لحوالي 57 بالمئة من القوى العاملة، وتسهم بـ 41 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.

تغيير نظام الإقراض

الباحث الزراعي الدكتور مجد نعامة أكد لـ( تشرين) أنه ورغم إحداث مصارف خاصة لتمويل هذه المشاريع لكن لا يزال حجم القروض الممنوحة غير كاف لتأمين احتياجات المشروع، بالإضافة للإجراءات الروتينية التي تقف عائقاً أمام أصحاب المشاريع، على سبيل المثال (يشترط لمن يود الحصول على سجل تجاري أن يستأجر عقاراً تجارياً لمدة سنة كحد أدنى وهذا بدوره يحمل صاحب المشروع عبء الاستئجار، ودفع رسوم تثبيت عقد الإيجار والالتزام بالضرائب التجارية وغيرها.

وبين نعامة أنه وفي ضوء هذه المشكلات وغيرها يمكن الاستفادة من تجارب الدول الأخرى لوضع الحلول التي تساهم في تحسين الواقع الاقتصادي، ودفع عجلة التنمية الاقتصادية، وهنا نذكر التجربة الصينية الرائدة حيث بدأت الصين تتخذ سياسة الإصلاح والانفتاح على العالم الخارجي منذ عام 1978، في ذلك الوقت كانت الدولة تقع تحت براثن الفقر الذى خلّفته الثورة الثقافية، حيث توقفت عجلة الحياة الاقتصادية بشكل شبه كامل وأصبح الاقتصاد الوطني على حافة الانهيار، ووصل نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالي إلى أقل من 200 دولار فقط في العام.

التجربة الصينية مثالاً 

واتخذت القيادة الصينية قراراً تاريخياً حاسماً غيّر الصين والعالم فى نهاية عام 1978، للبدء في الإصلاحات الزراعية وفتح الأبواب أمام الاستثمار الأجنبي. وبعد هذا المنعطف التاريخي، أخذ الاقتصاد الصيني ينمو بوتيرة متسارعة وبلغ متوسط النمو السنوي 10% خلال العقود الأربعة المنصرمة ما أدى إلى إحداث تحول شامل وبعيد المدى في المجتمع الصيني وتحقيق نهضة اقتصادية غير مسبوقة ومعجزة تنموية بما يعد أعظم إنجاز تنموي عرفه تاريخ البشر، فتبوأت الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية، إذ بلغ الناتج المحلي الإجمالي للصين 14.7 تريليون دولار عام 2020.

مقترحات

وللاستفادة من التجربة الصينية اقترح نعامة اتباع الأسلوب التدريجي في الحلول والابتعاد عن الإصلاحات الجذرية الصادمة وهو الطريق الذي جنب الصين مخاطر التغير الاجتماعي المفاجئ، وضمن لها الاستقرار الذي يؤمّن استمرارية مسيرة الإصلاح، واعتماد نظام السوق الذي يضخ الحيوية في الاقتصاد، ويفجر روح المبادرة للأفراد ويخلق بيئة الأعمال الجيدة، فاقتصاد السوق الحر يلعب دوراً مهماً في إشراك القطاع الخاص في عملية التنمية، وتشجيع تطور الشركات المتوسطة والصغيرة والناشئة وريادة الأعمال، إضافة إلى التركيز على أهمية التعليم، والدور المهم الذي تلعبه المؤسسات التعليمية في إعداد الموارد البشرية والتشجيع على روح المبادرة والإبداع والابتكار، حيث تشير الإحصاءات إلى أن الإنفاق على تعليم الأبناء يأتي في مقدمة الإنفاقات المعيشية لمعظم الأسر الصينية سواء أكانت في الأرياف أم في المدن ويزداد الإنفاق الحكومي في التعليم والبحث العلمي والتطوير سنة بعد أخرى، ما أدى إلى تفوّق العديد من الشركات الصينية في مجال الاتصالات والتسويق الإلكتروني والدفع الإلكتروني والطاقة المتجددة والذكاء الاصطناعي وغيرها من المجالات، وتقديم إعفاءات ضريبية مباشرة وغير مباشـرة للمـشاريع الزراعية الـصغيرة والمتناهية الصغر، لتحفيزها وتعزيز قدرتها التنافسية، إلى جانب إلزام الجهات التمويلية بالتوسع في تقديم خدماتها الإقراضية للمشاريع الزراعية الصغيرة والمتناهية الصغر، من خلال تخفيض أسعار الفائدة على القروض، وإعطـاء فتـرات سماح أطول نظراً لمساهمة المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر في استيعاب البطالة وزيادة الإنتاج وتقليل الواردات، وتوفير العملات الصعبة.

خبير يقترح تشجيع إنشاء الشركات الداعمة لأنشطة المشاريع الـصغيرة والمتوسطة مثل شركات التمويل التأجيري

واقترح نعامة أيضاً إمكانية الأخذ بالتجربة المصرية في تشجيع إنشاء الشركات الداعمة لأنشطة المشاريع الـصغيرة والمتوسطة مثل شركات التمويل التأجيري، التي تعد أحد الوسائل التي يمكـن للمـشاريع الصغيرة أن تحصل من خلالها على رأس المال اللازم للمشروع، حيث يقـوم المُقرِض (شركة او مؤسسة، أو بنك) بشراء المعدات ثم يؤجرها إلى المقترضين، وذلـك من خلال عقود تأجير تمويلي تحدد طريقة الدفع ويحتفظ المقترض بملكية الأصل، وفـي نهاية مدة التأجير، مثلاً (3-5) سنوات، يستطيع صاحب المشروع تملك الأصـل مقابـل سداد مبلغ محدد.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار