لماذا تتكرر أزمات الثوم والبصل وغيرها من السلع في الأسواق هل نجحت الخطة الإنتاجية الزراعية أم إنها مجرد حبر على ورق؟
تشرين- دانيه الدوس:
كل عام وقبل بدء الموسم الزراعي تقوم وزارة الزراعة بوضع الخطة الإنتاجية الزراعية التي تحدد بموجبها ما سيتم زراعته بالهكتار، لتأمين المحاصيل الرئيسة، درءاً لحدوث أي نقص أو أزمة في أي محصول ومع ذلك نستيقظ على أزمة لسلعة معينة إما بإغراق السوق بعرضها لدرجة إطعامها للمواشي، أو ندرة وجودها فتصبح أسعارها في عليين، فالبصل في العام الماضي والثوم الذي قبله والبطاطا والليمون الذي قبله أكبر دليل على ذلك، والسؤال المطروح، هل سبب تلك الأزمات عدم الالتزام بالخطة أم عدم جدواها في ظل غياب الدعم للمحروقات المقدمة للفلاح؟
إستراتيجية جديدة
ليس كما كان سابقاً فقد غيّرت وزارة الزراعة إستراتيجية وضع خطتها هذا العام، كما يؤكد مدير مركز السياسات الزراعية في وزارة الزراعة رائد حمزة ليتم التخطيط على مستوى المحاصيل بدلاً من التخطيط على مستوى المجموعات كما كان معمولاً به سابقاً، حيث تم التخطيط هذا الموسم لاتباع دورة زراعية مثالية والتوسع بزراعة المحاصيل البقولية، حيث بلغت خطة محصول الحمص 86356 هكتاراً، والفول الحب 19383 هكتاراً، والبازلاء الحب 4787 هكتاراً، والعدس 115912هكتاراً، بينما بلغت خطة المحاصيل العلفية الشتوية 100 ألف هكتار، والمحاصيل الطبية والعطرية 63484 هكتاراً، والخضار الشتوية المختلفة 32595 هكتاراً. وتم التخطيط لزراعة المحاصيل الصيفية ومنها زراعة 500 هكتار بمحصول القطن و9361 هكتاراً بمحصول التبغ، و34158 هكتار بطاطا و64880 هكتار ذرة صفراء و12618هكتار بندورة.
حمزة: يتم حالياً جمع كل البيانات اللازمة لأتمتة عملية توزيع المحروقات والتي ستنتهي خلال شهر أيلول الجاري
وبيّنت الخطة الإنتاجية الزراعية للموسم القادم والتي تم اعتمادها بجلسة مجلس الوزراء – كما أكد حمزة أن مساحة الأراضي المستثمرة فعلياً والمخطط لزراعتها حسب ميزان استعمالات الأراضي تبلغ 4562952 هكتاراً منها 2093411 هكتاراً في المناطق الآمنة، حيث تبلغ المساحة المروية 1132176هكتاراً منها 593887 هكتاراً في المناطق الآمنة والبعل 3430776 هكتاراً منها 1499524 هكتاراً في المناطق الآمنة.
وعلى مستوى التخطيط المحصولي يقول حمزة: لقد تم التخطيط لزراعة حوالى 1.5 مليون هكتار بمحصول القمح في المناطق المروية والبعلية، منها نحو 540 ألف هكتار في المناطق الآمنة.. ونحو 100 ألف هكتار بالبقوليات في الموسم القادم. وبحسب الخطة أيضاً بلغت المساحات المخطط زراعتها لمحصول القمح المروي والبعل نحو 1493300هكتار منها 536830 هكتاراً في المناطق الآمنة، بينما بلغت مساحة الشعير 1431548هكتاراً منها 498937 هكتاراً في المناطق الآمنة.
المحروقات على البطاقة الذكية
تتعالى أصوات الفلاحين ما الفائدة من كل تلك الخطط والدراسات إذا لم يتم توفير مستلزمات الإنتاج من محروقات وبذار وأسمدة، هنا يؤكد حمزة أنه يتم حالياً جمع كافة البيانات اللازمة لأتمتة عملية توزيع المحروقات والتي ستنتهي خلال شهر أيلول الجاري، ومن المقرر أن تبدأ تطبيق هذه الآلية مع بداية شهر تشرين الأول، حيث سترسل رسالة لكل فلاح على البطاقة الإلكترونية الخاصة فيه وبالسعر المدعوم ليستلمها من المكان المحدد، ويتم ذلك وفق القرار 8/ ت الناظم للخطة الإنتاجية الزراعية، حيث يبدأ التنظيم الزراعي اعتباراً من 1/ 8، حيث يمكن لأي فلاح الحصول على التنظيم الزراعي أو الكشف الحسي من الوحدات الإرشادية ليتم بعد ذلك إدراج أسمائهم مباشرة في هذه القوائم التي ينتهي إعدادها في 20 / 9 وبالتالي سيحصل اعتباراً من 1 /10 على مخصصاته عبر البطاقة الإلكترونية، ويتم التنسيق مع وزارة النفط والجهات المختصة لإتمام عملية الأتمتة.
خليف: الصعوبات تكمن في تأمين مستلزمات الإنتاج وارتفاع أسعارها ونقص في أعداد الآليات الزراعية
كما أشار حمزة الى أن وزارة الزراعة عملت على تأمين البذار المحسن وتوفير 90 ألف طن من البذار عالي الإنتاجية من القمح المتاح للفلاحين، والاحتياج لكامل المساحة هو 118 ألف طن فقط أي توفير ما يقارب 80% من احتياج الخطة من البذار، إضافة إلى تحديد الاحتياج من المحروقات والأسمدة والتنسيق مع الجهات المعنية لتأمين هذه المستلزمات وحسب جدول زمني محدد.
ولم تؤكد الوزارة على عظمة الخطة كما يشير حمزة فتنفيذها مرهون بتوفر مستلزمات الإنتاج، والظروف المناخية التي تلعب دوراً حاسماً في تنفيذ خطة الزراعات البعلية، وغالباً ما يتم تنفيذ خطة المحاصيل المروية بنسب مرتفعة تتجاوز 90% خاصة في المناطق الآمنة، أما الزراعات البعلية فتعتمد على بدء موسم الأمطار وكميات الهطلات وتوزعها على مدار الموسم الزراعي، حيث بلغت نسبة تنفيذ زراعة القمح للموسم السابق 79% على مستوى القطر، و95% في المناطق الآمنة، أما محصول الشعير فقد بلغت نسبة التنفيذ 92% سواء على المساحة الإجمالية أو على مستوى المناطق الآمنة، أما البقوليات الغذائية والبطاطا فبلغت نسب التنفيذ نحو 75% ، وهنالك محاصيل تجاوزت نسب التنفيذ ما هو مخطط كالمحاصيل الزيتية التي بلغت نسب التنفيذ في المناطق الآمنة 113%.
خطة مدروسة
وفيما يخص وضع الخطة أكد حمزة أنه تم إعداد الخطة الإنتاجية الزراعية استناداً للمرسوم التشريعي 59 لعام 2005 وبالتعاون مع الجهات المعنية، وحسب الموازنة المائية الواردة من وزارة الموارد المائية وميزان استعمالات الأراضي التي تتضمن المساحات القابلة للزراعة في هذا الموسم، حيث بلغت المساحة الإجمالية المخطط زراعتها نحو 4.5 ملايين هكتار، منها نحو 1.1 مليون هكتار خصصت للزراعات المروية، وتضمنت استثمار المساحات القابلة للإنتاج الزراعي بكل أصنافه وزيادة المساحات المزروعة بالمحاصيل الإستراتيجية، وفي مقدمتها القمح، والاعتماد على الإمكانات المحلية لتوفير مستلزمات الإنتاج نظراً لصعوبة تأمينها عن طريق الاستيراد بسبب الإجراءات القسرية وغلاء سعر الصرف.
وقد أخذت الخطة بالحسبان- كما أشار مدير مركز السياسات الزراعية- توجهات وبرامج الإستراتيجية الزراعية 2030 المنبثقة عن ملتقى تطوير القطاع الزراعي، إضافة إلى الموازنة المائية المتاحة التي تضعها وزارة الموارد المائية والتي تحدد المساحة المروية، وقد ركزت الخطة على زراعة المحاصيل البقولية وزيادة المساحات المزروعة بالمحاصيل العلفية وخاصة الذرة الصفراء وفول الصويا، لتخفيف الاستيراد من هذه المواد، والتوسع ببرنامج الإدارة المتكاملة للأسمدة، والاستفادة من الميزات التفضيلية الممنوحة للقطاع الزراعي، لتشميل عدد كبير من المشاريع ببرنامج تخفيض أسعار الفائدة ومنها تسويق الإنتاج الزراعي، إضافة إلى الاستمرار بتقديم الدعم لمستلزمات الإنتاج الزراعي للمحاصيل الإستراتيجية المسوقة من قبل الجهات العامة، وكذلك الاستمرار بتقديم الدعم للمنتج النهائي.
صعوبة في التنفيذ
رئيس مكتب الشؤون الزراعية في الاتحاد العام للفلاحين محمد الخليف أشار الى أن الخطة الإنتاجية الزراعية توضع سنوياً بشكل مدروس بهدف تمكين الفلاحين من الحصول على التنظيم الزراعي وتأمين مستلزمات الإنتاج في الوقت المناسب بالمشاركة مع الوزارة والجهات المعنية، منوهاً إلى وجود بعض المعوقات والصعوبات التي تعترض تنفيذ الخطة منها صعوبة تأمين مستلزمات الإنتاج وارتفاع أسعارها ونقص في أعداد الآليات الزراعية وعلى الرغم من ذلك فإننا نجد أن نسبة التنفيذ في بعض المناطق تصل الى 100% .
وأكد الخليف التزام الفلاحين بتنفيذ الخطة بشرط تأمين السماد والمحروقات، مشيراً الى عدم كفاية المحروقات في أغلب الأوقات حيث يضطر الفلاح لشراء المازوت والسماد من السوق السوداء ما يجعله خاسراً في أغلب المحاصيل.