دفاعاً عن مصالحهما.. شولغين: التعاون السوري- الروسي في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية يدحض الأكاذيب الغربية الموجّهة ضد سورية
تشرين- هبا علي أحمد:
أقام المعهد الدبلوماسي في وزارة الخارجية والمغتربين ندوة عامة للمندوب الدائم للاتحاد الروسي لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي السفير ألكسندر شولغين، حول التعاون بين بعثتي سورية وروسيا لدى المنظمة وواقع عملها الحالي، وذلك في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق.
وخلال الندوة قدم شولغين عرضاً تاريخياً وواقعياً للتعاون بين بعثتي سورية وروسيا لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وكيف دافعت روسيا وسورية جنباً إلى جنب عن مصالحهما من خلال التعاون الثنائي الوثيق في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية منذ العام 2015 وحتى تاريخه، لافتاً إلى وحدة المبادئ والمواقف الروسية – السورية في العديد من الملفات والقضايا على الساحة الدولية، وموضحاً سيل الأكاذيب والنفاق الغربي- الأمريكي في التعاطي مع ملف الكيماوي السوري ومحاولات تسييس عمل المنظمة، ومفنداً تلك الأكاذيب بالأدلة والتواريخ والوثائق.
وبيّن المندوب الروسي أن الولايات المتحدة تقوم بكل مافي وسعها لتعزيز نظام القطب الواحد في العالم، وتصور نفسها على أنها بطلة “السلام والعدالة”، لكن الواقع مختلف تماماً، مشيراً إلى المقامرة الأمريكية في العراق التي استندت إلى ذرائع واهية بامتلاكه أسلحة دمار شامل، وإلى الخراب والدمار الذي سببته واشنطن في ليبيا واليمن وغيرها ما شكل بؤرة مظلمة تهدد حتى الدول الأوروبية نفسها.
وأشار شولغين إلى أن الولايات المتحدة والغرب أولوا اهتماماً كبيراً لتخريب سورية ولاسيما عبر منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، مؤكداً أن مندوبي سورية وروسيا تمكنا من خلال المنظمة من التصدي لهجوم الدول الغربية التي حاول مندوبوها مراراً وتكراراً إلحاق الأذى بسورية وروسيا، مستخدمين مقاربات وذرائع مختلفة للهجوم على البلدين.
وأشار شولغين إلى الدور السلبي للأمانة الفنية في المنظمة والتي تمثل مجموعة من البعثات وعلى وجه الخصوص بعثة تقصي الحقائق، منوهاً بوثائق رسمية لدى الخارجية الأمريكية تؤكد أن خط المواجهة يقع في لاهاي.
وقدم عرضاً للاستفزازات الأمريكية – الغربية للدولة السورية التي كانت تتم عبر المنظمة، بينما أصدرت المنظمة في أعوام 2021 و2022 و2023 ثلاثة تقارير مليئة بالأكاذيب كانت جميعها معادية لسورية، مذكراً بحادث خان شيخون الذي زعم الغرب على أنه هجوم بغاز السارين موجهاً الاتهام للدولة السورية دون أي وازع، موضحاً أن مجرد طرح الأسئلة في المنظمة حول سبب عدم انتظار التحقيق قبل كيل الاتهامات كان يثير غضب واشنطن.
وأشار السفير الروسي إلى أنه بعد حادثة خان شيخون، لفت الخبراء المستقلون إلى التناقضات والأمور الشاذة والغربية والورقة التي استخدمها ترامب والأمريكيون (الصورة المزعومة لأطفال على أنهم ضحايا غاز السارين) في إلقاء اللوم على الجمهورية العربية السورية، كما لفت إلى رفض السفير الأمريكي في المنظمة طلب روسي لعرض الصور ذاتها التي عرضت على ترامب، في إحدى جلسات المجلس التنفيذي للمنظمة، وبعد سماح الدولة السورية لخبراء المنظمة بزيارة قاعدة الشعيرات السورية التي زعم حينها بشكل يدعو للسخرية” أن طائرة سورية أقلعت منها وقامت بإلقاء قنبلة السارين على خان شيخون” تبعاً للرواية الأمريكية، تلكأ الأمريكيون، الأمر الذي لا يدع المجال للشك أن الأمريكيين كانوا يلعبون لعبة قذرة.
وأوضح شولغين إلى تلقي واشنطن دعوات من عدة دول لإبطاء تلك الزيارة وهذه إلى جانب غيرها من الأدلة تشير إلى أن مجريات تلك الفترة كانت تندرج في سياق المزيد من الاستفزازات للدولة السورية، في المقابل كانت روسيا في المنظمة تتابع مع المندوب السوري ومندوبي الدول الصديقة، الإشارة إلى التناقضات الصارخة في المزاعم الأمريكية ذات الصلة، ولاسيما أن تقرير ما يسمى ” بعثة تقصي الحقائق” لم يرد فيه أي إشارة لمجموعة من الأطفال عانوا من اتساع حدقة العين الذي يسببه السارين، على سبيل المثال، وهذا ما أربك المسؤولين الغربيين الذين حاولوا إخفاء الوقائع في العديد من الجلسات الرسمية للمنظمة، وما قدمه الوفدان السوري والروسي من حقائق وبراهين دقيقة.
وأكد شولغين أن الكثير من الخبراء ضمن بعثة تقصي الحقائق كانوا متخوفين من عدم الانصياع للأوامر الأمريكية، فضلاً عن أن التقارير كانت تعد مسبقاً في الدول الغربية، مع رفض كل المقترحات المخالفة لما تريده أمريكا لأنها لا تتماشى مع غاية شيطنة الدولة السورية.
وأوضح شولغين أن بعد ذلك راجت مزاعم هجوم كيماوي في دوما بذات الاتهامات السابقة للدولة السورية، علماً أن الاستفزاز كان منظماً من قبل ما يسمى (الخوذ البيضاء).
وقال السفير شولغين: إن تأثير الأمريكيين كان كبيراً على عمل المنظمة التي استمرت في إصدار تقارير معدة مسبقاً، وكانت روسيا ترفضها باستمرار وتمكنت من منع إصدار العديد من القرارات التي لا تتناسب مع آلية عمل المنظمة، مبيناً أن هناك تدهوراً في سياسات المنظمة وأمانتها الفنية من جراء هيمنة الولايات المتحدة وحلفائها على قراراتها بشكل يخالف المعايير الدولية، وهذا ما برز في قراراتها غير الشرعية التي صدرت ضد سورية من دون وجود أدلة دقيقة.
وأكد المندوب الروسي أن فرنسا حاولت أيضاً تزييف الحقائق من خلال فيلم وثائقي حمل عنوان “الكهف”، وهو ما ردت عليه سورية وروسيا عبر الفيلم الوثائقي “الطريق إلى النور” الذي يدحض الأكاذيب الغربية، ويبين ماهية الأدلة المزعومة من قبلهم في حادثة استخدام الأسلحة الكيميائية في دوما، مشيراً إلى أن بعثة “تقصي الحقائق” غضت الطرف عن المعلومات والوثائق المقدمة من قبل سورية وروسيا، وقبلت الأدلة المقدمة من الدول الغربية من دون التحقق من صحتها، وهو ما يمثل انتهاكاً صارخاً لقوانين المنظمة.
وخلال الندوة تم استعراض فيديو وثائقي لعدد من الأدلة التي تدحض المزاعم الغربية، وتبين بدقة قيام المنظمات الإرهابية ومنظمة ما تسمى “الخوذ البيضاء” بمسرحية معدة مسبقاً في دوما تدعي تعرض المدنيين لأسلحة كيميائية، وهذا ما لم يتم إثباته في الصور والفيديوهات التي وثقت الحادثة المزعومة، مبيناً أن سورية استطاعت كشف زيف ادعاءات الشخصيات التي زعمت أنها كانت شاهدة على هذه الحادثة المزعومة.
وأدار الندوة مدير المعهد الدبلوماسي في وزارة الخارجية والمغتربين الدكتور عماد مصطفى، منوهاً بالجهود المبذولة من قبل السفير شولغين في الوقوف إلى جانب الأحرار والشرفاء في العالم.
وفي تصريح للصحفيين، أكد الدكتور مصطفى أن العرض الذي قدمه السفير شولغين تناول بالدرجة الأولى التعاون الدبلوماسي عالي المستوى والوثيق بين روسيا الاتحادية وسورية لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي، حيث عمل الفريقان الدبلوماسيان السوري والروسي بامتياز على دحض جميع الافتراءات، وإثبات أن كل القصص والروايات التي حيكت وحبكت ضد سورية في محاولة تشويه سمعتها إنما كانت محض افتراء، ولم تقم على أي أدلة علمية واقعية.
حضر الندوة السفير ميلاد عطية المندوب الدائم لسورية لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، ومدير عام هيئة الطاقة الذرية الدكتور إبراهيم عثمان، وعدد من أعضاء البعثة الدبلوماسية الروسية بدمشق، ومديرو الإدارات بوزارة الخارجية والمغتربين، وعدد من وسائل الإعلام والمهتمين.