«كورالُ الحجرة» يسلكُ طريقَ الحرير بعرباتٍ غنائيّة وموسيقيّة..

تشرين- إدريس مراد:
في عام 1877 أطلق العالم الجغرافي الألماني ريتشهوفن على طريق المواصلات لتجارة الحرير بشكل رئيس بين جنوب وغرب آسيا الوسطى والهند اسم (طريق الحرير)، ومن خلال هذا الطريق لم ينتقل الحرير من الصين إلى العالم فحسب، بل جرت تبادلات واسعة من نواح عدة: منها اقتصادية وثقافية وحتى سياسة، بين مختلف المناطق والقوميات، وقد نشطت فروع طريق الحرير منذ القرن الخامس قبل الميلاد وامتدت ألفاً وخمسمئة سنة، والفرع الجنوبي منه كان يمر من تركستان وخراسان وعبر بلاد ما بين النهرين والعراق والأناضول وسورية من خلال تدمر وأنطاكية إلى البحر الأبيض المتوسط أو عبر دمشق وبلاد الشام إلى مصر وشمال أفريقيا..
طريقٌ تعيده الموسيقا
من هذه المدن، اختار (كورال الحجرة) التابع للمعهد العالي للموسيقا بقيادة المايسترو ميساك باغبودريان برنامجه، إذ يؤدي أغاني جماعية بمختلف اللغات تنتمي إلى دول وقوميات مرّ بها هذا الطريق تحت عنوان (طريق الحرير) ليرسمه موسيقياً من جديد. وعن فكرة البرنامج يقول باغبودريان لـ(تشرين): «الفكرة هي تقديم مقطوعات موسيقية من هذه المناطق بلغاتهم ولهجاتهم، كي ننجز رحلة عبر عدة لغات على طريق الحرير، ومعظم هذه الأعمال الموسيقية موزعة لكورال متعدد الأصوات بأساليب توزيع مختلفة، وهناك بعض الأعمال نؤديها بشكلها الشعبي بصوتٍ واحد، ومن خلال طريق الحرير الذي نسلكه كانت بداية فكرته بشكله الكورالي للموسيقي الراحل حسام بريمو، عندما قدّم هذا المشروع في سورية أول مرة، نحن نتابع هذا الطريق، إذ سنشاركه بعض المقطوعات، وبعض المقطوعات الأخرى اخترناها نحن باتجاه بلدان ومناطق أخرى».
جمع البلدان
وأضاف: «حفلة طريق الحرير، هي رحلة من مقطوعات موسيقية، تنتمي لدول كانت موجودة على أحد فروع هذا الطريق التاريخي، لأن طرق الحرير متعددة، وكل منها يمر من منطقة مختلفة، منها بحراً ومنها براً، في هذا الحفل نرسم خريطة لرحلة نجمع فيها عدة بلدان، نبدأ من اليابان ونمر بالصين وإندونيسيا كازخستان وإيران ومنطقة القفقاس وسورية كمحطة رئيسة ونكمل إلى أوربا باتجاه اليونان وإيطاليا».
آلاتٌ مرافقة
وعن الآلات الموسيقية المرافقة للأصوات البشرية، قال: «يرافق الكورال، عدد من الموسيقيين الأكاديميين وهم: أسامة أبو سعدة (عود)، ليلى صالح (كونتر باص) عمران أبو يحيى (إيقاع)، وعازف البيانو الدائم مع الفرقة الأستاذ فادي جبيلي.
وأنهى حديثه قائلاً: «سبق أن قدم الكورال قبل فترة وجيزة هذا البرنامج ضمن فعاليات (مهرجان الدلبة) في مشتى الحلو، ورأيناها فرصة لتقديمها لجمهور دمشق ليرافقنا في هذه الرحلة».
مسيرةٌ حافلة
أسس كورال الحجرة التابع للمعهد العالي للموسيقا في دمشق عام 2001 يإشراف الأستاذ صلحي الوادي والخبير الروسي فيكتور بابينكو الذي خدم الموسيقا السورية الأكاديمية طويلاً، ويتألف من طلاب وخريجي المعهد باختصاصات مختلفة، مغني أوبرا وعازفي آلات مختلفة لتكون نواة أول فرقة كورالية محترفة في سورية، وخلال السنوات القليلة من عمره قدم الكورال العديد من الحفلات في دمشق وعدد من المحافظات السورية، إضافة إلى حفلات في لبنان والأردن والإمارات العربية وفي أرمينيا والجزائر، تمتلك الفرقة في جعبتها رصيداً كبيراً من المؤلفات الكورالية من مختلف الأنواع والأنماط والأساليب والمدارس والعصور الموسيقية الكلاسيكية الغربية والحديثة المعاصرة كالجاز والروك إضافة إلى الموسيقا الشرقية العربية والموسيقا العالمية للشعوب.
إحدى عشرة لغة
يشار إلى أن (الكورال) سيقدم حفله (طريق الحرير) مساء هذا الثلاثاء 15 آب الجاري على مسرح الدراما في دار الأسد للثقافة والفنون- أوبرا دمشق، عند الساعة الثامنة، واختار أغاني باللغات: اليابانية، الصينية، الإندونيسية، القازاقية، الفارسية، الكردية، الآرامية، العربية، الأرمنية، اليونانية والإيطالية.