تشخيص هادئ وواقعي لخفايا الزلازل.. تجارب واقعيّة تُثبت أهمية العلم في مواجهة المخاطر خلال محاضرة للدكتور محمد رقية
تشرين- بارعة جمعة:
ظاهره أسىً وباطنه رحمة، وبدونه يصبح الكوكب ميّتاً، وهو الروح التي تتنفس بها الأرض لتنثر عنها غبار الضغوط، بهذه الكلمات افتتح الدكتور محمد رقيّة حديثه عن وقائع الزلازل في سورية والمشرق العربي، ضمن تعريفات علمية مثبتة بالدلائل والوقائع المسجلة منذ مئات السنين، مؤكداً من خلالها حقائق علميّة عن تشكيل الأرض وانزياحاتها ضمن المحاضرة الأسبوعية للجمعية الجغرافية السورية في دمشق.
حالة طبيعية
تتشكل الجبال نتيجة الزلازل، وإن توقف نهوض الجبال ضمن عمليتي الحت والتعرية ستنتهي البحار، وهنا ستكون مرحلة انتهاء الجبال أيضاً، توصيف دقيق لطبيعة قيام الزلازل في العالم قدمها الدكتور رقيّة ضمن مقاربات أشبه لتكامل عملية نشوء الظواهر الطبيعية، التي تمثل الحياة على الكوكب نافياً صفة الأذية المنسوبة للزلازل التي لم تكن السبب الأول بدمار المنازل قياساً بالنتائج الكارثية لعدم تطابق مواصفات البناء لها التي تبينت لاحقاً إثر زلزال 6 شباط الماضي.
وسطياً، كل سنة يحدث حوالي المليون هزّة بمعدل 120 هزّة بالساعة وهزّتين كل دقيقة على الكرة الأرضية وفق الدكتور رقيّة، بالمقابل هناك 100 زلزال متوسط الشدّة وواحد مدمّر على مدار السنة، في حين سجّلت بعض الإحصاءات 140 زلزالاً، كما بينت الدراسات أن للزلازل أعماق مختلفة تتراوح بين سطحية أقل من 10 كيلومترات، عادية بين 10 و20 كيلومتراً، وعميقة من 60 ل 80 كيلومتراً، وكلما زاد عمق الهزّة قلّ عددها وتأثيرها لتبقى السطحية الأكثر تدميراً وفق توصيف الدكتور رقيّة لدرجات الخطورة.
عوامل مساعدة
الحركات التكتونية المسبب الأول لحدوث الزلازل وبنسبة 95% من 10 كيلومترات فما دون، كما يحيط بالكرة الأرضية أحزمة زلزالية أهمها الحزام الناري حول المحيط الهادئ، كما تترافق الزلازل مع البراكين وخاصة الانفجارية منها فتكون ضعيفة لمتوسطة الشدّة.
وفي العودة لبعض التصريحات التي انتشرت مؤخراً حول تأثير الكواكب على حدوث الزلازل، يعود الدكتور محمد رقيّة ليثبت عدم صحة هذه النظرية التي تبناها العالم الهولندي فرانك هوجربيتس على خلفية الزلزال الأخير، والتي تتنافى مع الحقيقة العلمية القائمة على تأثير الشمس والقمر فقط في عمليتي المد والجزر، واصفاً – والحديث للدكتور رقية- هذه الإشاعات بالشعوذة العلمية.
مصطلحات أخرى
إلا أنه وفي الوقت ذاته، هناك بعض الزلازل البحرية التي تحدث في قاع البحر، تؤدي لتسونامي بارتفاع 40 متراً كالذي حدث عام 2004، والتي استوجبت عمليات رصد لها، حيث إن منطقة بلاد الشام مشهود لها بحدوث الزلازل، والتي أكدتها دراسة مع الخبير الروسي تريفنوف تبين من خلالها وجود 197 زلزالاً حدث بشدة من 6 وما فوق، و40 زلزالاً بين 5 ل6 درجات، من بينها 30 زلزالاً في دمشق وحلب حسب إحصائيات الدكتور رقية و10 بحماة، 11 بحمص، 15 في العقبة بالأردن، و50 في أنطاكية التي تعد أكثر المتأثرين لانتشار الفوالق فيها.
مناطق خطرة
يتميز الانهدام العربي بحركة جانبية يسارية بحدود 5ملم شمال غرب سورية، كما للانهدام بمنطقة البقيعة السورية تأثيرات جعلت الزلزال يتجه للداخل بعمق 45 كيلومتراً وفق توضيحات رقية، بينما شكلت كهرمان مرعش مركز التقاء 3 صفائح تكتونية، ما أدى لحدوث زلزال 6 شباط وهي أسوأ نقطة تكتونية في المنطقة، أما عن مدينة دمشق، يعود الدكتور رقية ليحذر من الفالق الذي يمر من سفح جبل قاسيون، الذي يعد قنبلة موقوته ضمن منطقة سكن عشوائي، محاطة بثلاث مخاطر وهي انزلاق الصخور والزلازل والانخفاسات الحاصلة في مدينة دمشق.
هنا يمكننا القول بأن التنبؤ بالزلزال غير ممكن، بينما لمعرفة موقعه وشدته نوع من الواقعية برأي الدكتور محمد رقية، والتوجه لبناء أبنية تقاوم الزلزال باعتماد معيار الزلزال والخريطة الزلزالية مع التشديد بتطبيقهم، علماً أن التكلفة لا تزيد أكثر من 15% من التكاليف الأساسية، مطالباً الجهات المعنية بالاستفادة من تجربة زلزال 6 شباط الماضي الذي حصل في تركيا، مع ضرورة إنشاء قاعدة بيانات دقيقة تشمل خرائط رقمية للبنى التحتية في المدن والبلدات والمراكز السكنية، والتركيز بالاعتماد على الاتصالات الفضائية عند الضرورة لتأثير الزلازل على معالم المناطق التي تحدث بها.