مسارات ثلاثة تعزز أجواء التفاؤل في اجتماعات «الرباعية – أستانة» اليوم وغداً.. السيادة و وحدة الأراضي السورية خط أحمر

تشرين:
على أرضية أكثر تفاؤلاً انعقدت اليوم جولة جديدة من الاجتماعات الرباعية في إطار ما يُسمى عملية تطبيع العلاقات بين سورية وتركيا، وذلك قبيل انطلاق الجولة الـ20 من المفاوضات بصيغة أستانة «مسار أستانة» والمتعلقة بسورية أيضاً وتستمر ليوم الغد.
التفاؤل يربطه المراقبون بمسارات ثلاثة، ميدانية وإقليمية وعربية، اكتسبت خلال شهر مضى دفعاً جديداً وبما أعطى الوساطة الروسية- الإيرانية هامش عمل أكبر للتحرك باتجاه وضع القضايا الأساسية بين البلدين، سورية وتركيا، على طاولة الحسم والفعل هذه المرة، وليس على طاولة البحث والتفاوض فقط .
الاجتماع الرباعي الجديد، وهو على مستوى نواب وزراء الخارجية (سورية، روسيا، إيران، تركيا) شهد لقاءات ثنائية مهمة ضمّت نائب وزير الخارجية والمغتربين الدكتور أيمن سوسان بداية مع نظيره الروسي ميخائيل بوغدانوف، ثم مع رئيس الوفد الإيراني علي أصغر خاجي كبير مساعدة وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية الخاصة، حيث أكد الدكتور سوسان مجدداً موقف سورية من أن الانسحاب التركي من الأراضي السورية هو المدخل الوحيد لأي علاقات عادية بين البلدين أو لأي تعاون في أي مجال.. وعلى أن مكافحة الإرهاب لا تتم بصورة انتقائية وأن ضمان أمن الحدود مسؤولية مشتركة للدول المتجاورة.
وجدد بوغدانوف وخاجي دعم بلادهما لسورية في الحفاظ على سيادتها ووحدة سلامة أراضيها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وتم الاتفاق على استمرار التشاور والتنسيق في مختلف الجوانب ذات الصلة لتعزيز الرؤى المشتركة بما يتناسب والتطورات الجارية.
ما يُميز هذه الجولة هو أن الأطراف الأربعة، تبدو أكثر تفاؤلاً، أو لنقل أريحية، لناحية ما يُمكن البناء عليه، خصوصاً على أرضية الحسم السياسي، تبعاً لتطورات شهر مضى، سواء بما يخص العلاقات السورية – العربية، أو ما يخص تركيا وما أفرزته عملية الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في وجه سياسي جديد، هو كما يقول المراقبون، أكثر قدرة وحنكة وحكمة في التعاطي مع ملف العلاقات السورية التركية الذي هو اليوم على رأس أولويات النظام التركي.. ومثله روسيا وإيران اللتان تكثفان جهودهما بصورة كبيرة لتحقيق اختراق ميداني/سياسي، وتريان أن الظروف الداخلية والإقليمية مواتية تماماً خصوصاً أن الاجتماع الرباعي الماضي في 10 أيار الماضي رشح عنه ما سمّته روسيا «خريطة طريق» لتطبيع العلاقات السورية التركية.
وهذا ما ركز عليه بوغدانوف خلال اجتماعه مع الدكتور سوسان، مشيراً إلى أن عملية التطبيع يجب أن «تقوم على أساس مبادئ الاحترام المتبادل وسلامة الأراضي ووحدة الدول والسيادة الإقليمية لسورية وتركية التي نشأت بينهما قضايا كثيرة خلال السنوات الماضية» لافتاً إلى أن«هناك قضايا هامة أخرى ستجري مناقشتها تتعلق باللاجئين والمسائل الأمنية، وبالتواجد الأميركي غير الشرعي وبالقضايا الإنسانية.. وغيرها». وقال: «جميع المسائل مترابطة فيما بينها»، معتبراً أن الدور العربي مهم، في ظل عودة العلاقات السورية العربية.
كما ركز بغدانوف على التواجد الأميركي الاحتلالي في سورية ودعمهم المجموعات الانفصالية والإرهابية، مؤكداً أنه أمر مرفوض بالمطلق لأنه يشكل انتهاكاً لسلامة أراضي سورية.
يشار هنا إلى أن جولة «مسار أستانة» التي يُعقد الاجتماع الرباعي على هامش اجتماعاتها ستضم مشاركة وفود من الأمم المتحدة والأردن ولبنان والعراق وستناقش «الوضع في جميع أرجاء سورية على ضوء التغيرات في الوضع الإقليمي بشأن سورية والوضع على الأرض، والجهود المبذولة نحو تسوية شاملة، ومكافحة الإرهاب، والوضع الإنساني وإجراءات بناء الثقة، ودور المجتمع الدولي» حسب بيان صادر عن الرئاسة الكازاخستانية، حيث ستتضمن مشاورات الغد جلسة عامة ومؤتمراً صحفياً.
وعلى ضوء الجولة الرباعية الجديدة، انطلقت مجدداً التحليلات والتوقعات حول موعد القمة المفترضة بين السيد الرئيس بشار الأسد والرئيس رجب أردوغان، كمحطة نهائية لمسار التطبيع، من دون أن يكون بإمكانهم هذه المرة الحديث عن موعد محدد لها، إذ بدا الانشغال أكبر بما أعلنه بوغدانوف عن «خريطة التطبيع الموضوعة على طاولة المتفاوضين» والتي تسرب منها حسب وسائل إعلامية أنها تضم «عريضة للتعاون بين البلدين تاركة التفاصيل للنقاشات الثنائية» وسط استمرار الخلافات حول الأولويات خصوصاً لناحية تمسك سورية بحقوقها السيادية وعلى رأسها الانسحاب التركي وبجدول زمني واضح ، فيما لا يزال النظام التركي يناور ويتحايل رافضاً ذلك بذريعة أن مكافحة الإرهاب، وهو هنا «قسد» بحسب هذا النظام.. لترد سورية كما في كل مرة إن النظام التركي بتدخله الميداني والتسليحي للفصائل الإرهابية هو من تسبب في خلق الإرهاب على الحدود .

بكل الأحوال، يتم النظر إلى هذا الاجتماع الرباعي اليوم باعتباره سيقطع خطوة مهمة على مسار التطبيع باتجاه «خلق حالة سياسية ميدانية جديدة» تبذل روسيا وإيران جهوداً كبيرة في سبيل تحقيقها للوصول إلى الخرق الذي يمكن البناء عليه، وعندها يمكنهما القول إن مسار التطبيع تم وضعه على السكة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار