الرئيس الأسد في موسكو.. سورية على أعتاب مرحلة جديدة!!

تشرين- محمد سيد أحمد:
هي الزيارة الرسمية الأولى للرئيس الأسد منذ بدء الحرب على سورية في 15 آذار 2011, وعلى الرغم من زيارة الرئيس الأسد لروسيا أربع مرات، وزيارة الرئيس بوتين لسورية مرتين خلال سنوات الحرب, إلّا أن هذه الزيارات لم تكن رسمية ولم يعلن عنها قبل إتمامها ولم يكن الرئيس الأسد يصطحب معه وفداً حكومياً, ولم نشهد استقبالاً رسمياً في المطارات على عادة الزيارات الرسمية, فمن المعلوم أن الزيارة الأولى تمت في 21 تشرين الأول 2015 وذلك بعد أيام قليلة من إعلان التحالف السوري–الروسي لمكافحة الإرهاب على الأرض السورية، واستقبل الرئيس بوتين الرئيس الأسد في موسكو, والزيارة الثانية كانت في سوتشي في 20 تشرين الثاني 2017 بعد مرور عامين على بدء حرب التحرير, بعدها مباشرة قام الرئيس بوتين بزيارة سورية لأول مرة في 12 كانون الأول 2017 واستقبله الرئيس الأسد بقاعدة حميميم باللاذقية, ثم جاءت الزيارة الثالثة في 17 أيار 2018، حيث استقبل الرئيس بوتين الرئيس الأسد في سوتشي, أما الزيارة الرابعة فقد كانت في 13 أيلول 2021 حيث استقبل الرئيس بوتين الرئيس الأسد في موسكو, وبين الزيارة الثالثة والرابعة زار الرئيس بوتين دمشق للمرة الأولى واستقبله الرئيس الأسد في 7 كانون الثاني 2020.
وبالطبع تختلف هذه الزيارة عن الزيارات الأخرى، فقد جاءت بعد «تخفيف» الحصار المفروض على سورية, وبعد تحقيق انتصارات كبيرة على الأرض العربية السورية, وبعد النجاح المشترك بين سورية والحليف الروسي في تجفيف منابع الإرهاب على الأرض السورية, وتأتي الزيارة بعد بروز ملامح الخريطة الدولية الجديدة متعددة الأقطاب, فلم تعد الولايات المتحدة قائدة العدوان الكوني على سورية قطباً أوحد، كما كانت في عام 2011, بل برزت إلى جانبها على الساحة الدولية روسيا والصين, وأصبح إقليم الشرق الأوسط بحاجة لإعادة رسم خرائطه من جديد وإنهاء أزماته المتراكمة, وبنجاح الصين الأسبوع الماضي في عقد اتفاق تاريخي بين السعودية وإيران تكون قد برزت في الآفاق ملامح إنهاء الأزمة اليمنية والعراقية واللبنانية وبالطبع السورية, تلك الأزمات التي صنعها العدو الأمريكي تحت مظلة الصراع المذهبي، حيث استخدمت هذه الورقة البغيضة لإشعال النيران داخل المجتمعات.

الزيارة تصب في إطار تعميق التعاون وتأكيد دور سورية المحوري في رسم خريطة سياسية جديدة للمنطقة

وفي هذا الإطار جاءت زيارة الرئيس الأسد لموسكو ولقائه الرئيس بوتين وذلك للمشاركة في رسم خريطة النظام الجديد للمنطقة, والتنسيق لعقد «مصالحة بين دمشق وأنقرة» والتي تسعى موسكو لتسريعها عبر قمة محتملة بين الرئيس الأسد والرئيس التركي رجب أردوغان, وفي هذا السياق أكد الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أن العلاقات بين تركيا وسورية ستتأثر بالتأكيد بشكل أو بآخر بالمناقشات بين بوتين والأسد ومن المقرر أن يجتمع دبلوماسيون من روسيا وتركيا وسورية وإيران خلال الأيام المقبلة في موسكو من أجل التحضير لاجتماع جديد على مستوى مسار التقارب السوري- التركي, وكان قد سبق ذلك كله لقاء وزيري الدفاع التركي والسوري في موسكو مع نظيرهما الروسي للمرة الأولى منذ 2011 وذلك في نهاية كانون الأول الماضي, وبعد هذا اللقاء أعرب الرئيس التركي عدة مرات عن استعداده لمقابلة الرئيس الأسد لإصلاح العلاقات, مؤكداً أنه لا يمكن أن تكون هناك ضغينة في السياسة، ومن هنا يأتي التنسيق الروسي لإغلاق إحدى أهم بوابات العدوان على سورية.
وفيما يتعلق بتوقيت الزيارة فهي تشكل رمزية شديدة، حيث إن 15 آذار هو ذكرى بدء الحرب العالمية على سورية قبل 12 عاماً من اليوم، ما يعني أن الرئيس الأسد والوفد الحكومي رفيع المستوى والممثل الشرعي للشعب العربي السوري قد جاء إلى موسكو للاحتفال الرسمي بالنصر بمشاركة الحليف الروسي الذي وقف بجوار سورية في هذه الحرب الكونية وتمكن عبر سنوات العدوان من إجهاض كل المحاولات التي كانت تستهدف إسقاط الدولة السورية.

وفي هذا السياق أكد السيناتور قسطنطين كوستاتشوف نائب رئيس مجلس الاتحاد الروسي «أن زيارة الرئيس الأسد إلى العاصمة الروسية موسكو ومباحثاته مع الرئيس بوتين تنطوي على أهمية كبيرة جداً بما يخدم تطوير وتعزيز العلاقات بين البلدين في جميع المجالات, وأن الشك لم يساور روسيا ولو ليوم واحد فقط في صواب خيارها في التعاون مع سورية والدفاع عن سيادتها واستقلالها ووحدة أراضيها, ويجب أن يستمر التعاون الروسي – السوري يداً بيد وكتفاً بكتف للتصدي لمحاولات الإصرار على بقاء العالم أحادي القطب, لقد سقطت المزاعم الغربية بادعاءات محاربة الإرهاب في سورية، فقد كانت مزاعم كاذبة من أجل انتهاك سيادة سورية وتمزيق وحدة أراضيها, إننا نتذكر الآن تصريحات القادة الغربيين بدءاً من الرؤساء الأمريكيين وصولاً للقادة الأوروبيين الذين كانوا يتنبؤون بانهيار الدولة السورية و«هزيمة» قيادتها السياسية خلال أسابيع معدودة, ولكن ها قد مرت عشر سنوات وأكثر على ما يسمى «الربيع العربي» والرئيس الأسد مازال يقود بلاده بنجاح بينما لم يبقَ من أولئك القادة الغربيين سوى ذكريات مريرة عن تصريحاتهم المهووسة، إذ إن التاريخ شطبهم من صفحاته»، لذلك نؤكد أن زيارة الرئيس الأسد اليوم لموسكو تأتي على أعتاب مرحلة جديدة لإعادة بناء سورية في إطار نظام عالمي وإقليمي جديد تلعب فيه سورية دوراً محورياً مع الحلف الروسي الصاعد بقوة لرسم الخرائط الجديدة في المنطقة والعالم, ولا عزاء لكل من حلم يوماً بسقوط سورية… اللهمَّ بلغت، اللهمَّ فاشهد.

كاتب من مصر

 

اقرأ أيضاً:

قراءة اقتصادية في زيارة السيد الرئيس لموسكو 

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار