إمرأة ستخلف بايدن.. فهل يتم كسر القاعدة الثانية في التاريخ الأميركي لنشهد أول إمرأة رئيسة للولايات المتحدة؟
تشرين– د. رحيم هادي الشمخي:
المؤكد – كما يبدو – أن خليفة جو بايدن لإكمال السباق الرئاسي سيكون إمرأة، سواء وقع الاختيار على نائبته كامالا هاريس أو على ميشيل أوباما زوجة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما.. وهذا على فرض أن بايدن لا بد وأن يتخلى في الأيام المقبلة عن المكابرة ويقتنع أن الأفضل له ولحزبه (الديمقراطي) وللبلاد أن يتنحى، وأن يتم ذلك قبل موعد المؤتمر العام للحزب الديمقراطي في أب المقبل، أي قبل المناظرة الثانية المقررة في أيلول المقبل.
عندها ستنتقل ورطة الديمقراطيين إلى الجمهوريين ومرشحهم دونالد ترامب، لتصبح مسألة العمر المتقدم أزمة لترامب كما كانت أزمة لبايدن، باعتباره أنه يصغره بثلاث سنوات فقط ، وباعتبار أن ترامب أيضاً كان له هفوات وزلات لسان.
في حال كان البديل ميشيل أوباما أو كامالا هاريس فإن ورطة الديمقراطيين ستنتقل إلى الجهوريين لتهدد حظوظ ترامب.. والأميركيون كما يبدو يفضلون أوباما
أياً يكن البديل الديمقراطي عن بايدن فهو على الأكيد سيكون أصغر سناً وبكثير من ترامب، جوهو بلا شك سيشكل أزمة للجمهوريين ليس فقط بسبب فارق العمر بل أيضاً لأن، كل من هاريس أو أوباما، سيشكلان تحدياً بالنسبة لترامب، خصوصاً أنهما بديلان يحظيان بدعم مهم بين الأميركيين المتململين والمنقسمين بصورة حادة بين ترامب وبايدن. وكان هذا الانقسام استمر إلى عشية المناظرة الشهيرة بينهما، وبعدها تقدم ترامب بفارق 8 نقاط، ولايزال.
هذا يعني أن الأميركيين ينظرون بالمنظار نفسه لبايدن وترامب، وأنهم فعلياً لا يفضلون ترامب، بقدر ما يرون أنه أفضل الموجود، فإذا ما كان عليهم الاختيار حتمياً بين بايدن وترامب فهم على الأكيد سيختارون الثاني.
بين ميشيل أوباما وكاملا هاريس يبدو أن الأميركيين يفضلون الأولى، رغم أن ميشيل أوباما لم تخرج حتى الآن لتدلي بتصريحات توضح حقيقة موقفها أو رغبتها بالترشح من عدمها.
أحدث استطلاع لـ«رويترز/ايبوس» أظهر تفوق ميشيل أوباما على جميع منافسيها، بمن فيهم كامالا هاريس، وجافين نيوسوم، وجريتشين ويتمير. وقال 50% من الناخبين إنهم سيصوتون لأوباما، بينما أشار 39% إلى أنهم يفضلون ترامب. وهذه بلا شك نسبة مقلقة جداً لترامب وحزبه (الجمهوري).
وميشيل أوباما هي زوجة أول رئيس أسود في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية، وإذا ما ترشحت وفازت فإنها ستكون أول إمرأة رئيسة في تاريخ البلاد أيضاً، وبذلك يتم كسر القاعدة الثانية المتعارف عليها نظرياً، وهي أن أميركا لا يحكمها أسود ولا إمرأة.
لكن المعروف عن ميشيل أوباما حرصها على الابتعاد عن السياسة وقضاياها منذ أن كان زوجها رئيساً ولفترتين متتاليتين، قبل أن يخلفه ترامب. وحسب المقربين منها فإنها تخشى أن تسيء السياسة والمناصب لصورتها بين الأميركيين.
مع ذلك فإن كل ما سبق، سابق لأوانه إذا لم يقرر بايدن التنحي، أو إذا لم يقرر الحزب الديمقراطي اجباره على التنحي، ويبدو أن بايدن لن يفعل، فيما لا يصرح الديمقراطيين بإمكانية إجبارهم بايدن على النتحي، بل إن السلوك المعلن لهم يظهر أنهم لا يفكرون بكل ذلك رغم كم التسريبات الكبير الذي يجري تداوله إعلامياً.
بل إن الحزب الديمقراطي يبدو كمن يواصل حملة عامة لدعم بايدن من خلال توضيح وتبرير كل تصرفاته وهفواته وزلاته، فيما بايدن يحضر للمناظرة الثانية مع ترامب بسلسلة إجراءات «راحة» ليكون بكامل لياقته الصحية والذهنية، حيث إنه وجه لحكام الولايات الديمقراطيين أنه «بحاجة لمزيد من النوم» وأنه أصدر تعليمات لموظفيه بـ«تجنب جدولة أي فعاليات له بعد الثامنة مساء» حسب صحيفة «واشنطن بوست» في عددها اليوم الجمعة.
وأوضحت الصحيفة أن بايدن «يعتقد أنه بحاجة إلى إجراء تغييرات لتحسين ظهوره أمام العامة» بعد مناظرته المشؤومة مع ترامب.. وبعدها سيكون كل شيء بخير.
لكن ليس هذا ما يعتقده المانحون والمتبرعون للحزب الديمقراطي، فهم يرون أن على بايدن التنحي فوراً، وإذا لم يفعل فإن على حزبه أن يتخذ الاجرءات اللازمة بهذا الخصوص. وأغلب هؤلاء هدد بقطع التمويل والتبرعات، وبعضهم فعل ذلك، في سبيل ممارسة أكبر ضغط ممكن على بايدن والحزب لاختيار مرشح بديل وإلا فإن الهزيمة بانتظارهم.
بالعموم، وبعد مرور أكثر من أسبوع على المناطرة بين بايدن وترامب، لا يبدو المشهد الديمقراطي واضحاً، إذ لا يبدو أي قرار يلوح في الأفق بخصوص السباق الرئاسي، رغم أن الوقت يفوت وهو ليس في مصلحتهم بالمطلق.
ربما هناك تدبير من نوع ما، أو انتظار من نوع ما، يعتمده الديمقراطيون، ويرون أن ما زال أمامهم بعض الوقت، ولو «بدل ضائع» ليدبروا أمورهم بهدوء باتجاه خيارات أفضل.
كاتب وأكاديمي من العراق