الرصاص الطائش
مازالت ظاهرة إطلاق الرصاص العشوائي سائدة عند الكثير من أبناء المدن والأرياف على حدّ سواء في الأفراح والأتراح، على الرغم مما تسببه هذه الظاهرة من خسائر في الأرواح والممتلكات العامة والخاصة.
وقد تركت حادثة الشاب محمد ابن السبعة عشر ربيعاً والوحيد لأهله، الذي توفي مؤخراً نتيجة رصاصة طائشة أطلقها مبتهج بعودة غائب على شاطئ المنطار جنوب مدينة طرطوس، الكثير من الحزن والألم على مصير هذا الشاب ممن يعرفه وممن لا يعرفه.
هذه الظاهرة القديمة الجديدة كم يتّمت عائلات، وكم عرس انقلب لمأتم، ومع هذا لم نعتبر، وما زلنا عندما ينجح ابن في شهادة التعليم الأساسي والشهادة الثانوية نطلق الرصاص الحي ابتهاجاً بالنجاح، وكأنه اختتم علم الأولين والآخرين، وكأن هذه الشهادة أهم من أي شهادة دكتوراه أو أي شهادة جامعية، وعندما يتوفى قريب نطلق الرصاص حزناً على الفراق، وعندما نودع عاماً ونستقبل عاماً جديداً تشتعل جبهة الأفراح بإطلاق الرصاص من كل حدب وصوب، من دون مراعاة لحياة الناس وممتلكاتهم.
فكم خسرنا أرواحاً؟ وكم اخترق الرصاص الطائش نوافذ السيارات وألواح الطاقة ونوافذ المنازل؟ وبات الناس يحسبون ألف حساب لأي مناسبة تمر، فيها إطلاق رصاص بسبب هذه الآفة التي لا تنم إلا عن جهل وتخلّف، وهي بعيدة كل البعد عن الرقي والحضارة.
إلى متى ستستمر هذه الآفة؟ ولماذا لا تعمل الجهات المختصة على إيقاف كل شخص مهما كانت صفته، يقدم على إطلاق الرصاص العشوائي؟، فالرصاص مكانه ساحات القتال وليس بين الأحياء وعلى شاطئ البحر، وإنزال أشد العقوبات على كل شخص يخالف التعليمات.
ونحن اليوم على أعتاب إعلان نتائج الشهادتين، نأمل من أهالي الطلاب أن يقتصر فرحهم بالنجاح على الاحتفال برقي وعدم تعريض حياة الآخرين للخطر، والتقيد بقرار عدم إطلاق الأعيرة النارية حفاظاً على السلامة العامة.